لم تكد أقدام رئيس الحكومة الانتقالية في سوريا أبو محمد الجولاني تطأ أرض دمشق بعد زيارته للولايات المتحدة حتى انفتحت أمامه خيوط المشهد السوري المعقد.. مشهد تتداخل فيه السياسة بالأمن والاقتصاد، وتتقاطع فيه الرسائل الدولية بين تل أبيب وأنقرة وموسكو.
الاحتلال الإسرائيلي الذي أعلن رفضه أي اتفاق مع الجولاني حول الأرض إلى صندوق بريد بعث من خلاله رسائل مشفرة بهدف منع تركيا من الانتشار العسكري في الوسط والجنوب.
وبشكل غير مباشر نسق مع موسكو لنشر دورية روسية في الجنوب، كان قد تم الاتفاق عليه مع قضايا أخرى خلال زيارة الجولاني إلى موسكو، في مشهد يختزل صراع النفوذ على الأراضي السورية.
على الصعيد الاقتصادي لم تحمل زيارة الجولاني إلى واشنطن أي متغير في المشهد، فرفع العقوبات لم يكن أكثر من تصريحات كلامية لم تترجم على الأرض، فالجانب الأميركي وعبر رئيس لجنة الخارجية في الكونغرس الجمهوري برايان ماست وضع 12 شرطاً صارماً لرفع العقوبات، يجب تنفيذها في ستة أشهر وإلا فأن العقوبات ستعود مباشرة.
ومن بين هذه الشروط إخراج المسلحين، والانخراط في التحالف الدولي ضد من تعتبرهم الولايات المتحدة قوى إرهابية، وإخراج المقاتلين الأجانب الأويغور والشيشان وغيرهم من سوريا، وتسليم كل ملفاتهم مع إمكانية وصول التحالف إلى أي معلومة عنهم، وتشكيل حكومة انتقالية تمثل الأطياف السورية.
وتنفيذ هذه الشروط بينه وبين الواقع عقبات كبرى.. فإن نفذ الجولاني انقلب عليه حلفائه في الداخل من الجماعات المسلحة.. وإن لم ينفذها انقلب الأميركيون وحلفاؤهم.
وعلى وقع العقوبات المرفوعة إسميا فقط.. يشتعل الشارع السوري غضبا نتيجة للارتفاع الحاد في الأسعار والمواد الغذائية والخدمات الحياتية لا سيما أسعار الكهرباء والإنترنت، وخرجت الأصوات إلى العلم لتندد.
وهكذا يقف الجولاني على مفترق طرق.. أوراقه في واشنطن قد تمنحه صوتا دبلوماسيا.. لكنها لا تعوض عنه الخسائر المتراكمة داخلية.. ولا عن ثقل العقوبات التي تعصف بالاقتصاد السوري وتجعل من كل خطوة خارجية رسالة مترجمة ألماً في الداخل.
للمزيد إليكم الفيديو المرفق..