ليست الهجرة العكسية في الكيان الإسرائيلي هي ما يقلق الخبراء والمراقبين وحتى السياسيين، وإنما انتشار الظاهرة في مختلف الفئات المجتمعية في تل أبيب. فبعد وصول اليمين الشعبوي إلى الحكم بقيادة نتنياهو ومسألة الانقلاب القضائي، كانت النخب الإسرائيلية هي التي تفكر بالرحيل دون رجعة. غير أن استطلاعاً جديداً للرأي أظهر أن مختلف فئات المجتمع الإسرائيلي تفكر في الهجرة العكسية، ولكن بنسب متفاوتة، وفق ما أظهره الاستطلاع.
وقال ياسر مناع وهو باحث في مرکز مدار للشؤون الاسرائيلية:"باعتقادي ان الظروف التي نشأت بعد الحرب في إسرائيل – سواء من الناحية الاقتصادية أو حتى من توغل اليمين في إسرائيل – كل ذلك يدفع النخب الليبرالية والنخب الرأسمالية إلى الهجرة من إسرائيل، على اعتبار أنه لا تتوفر هنالك أي عوامل للاقتصاد".
وفقاً للاستطلاع الجديد، فإن 39% من العلمانيين يفكرون بالهجرة إلى خارج الكيان، فيما تراود الفكرة 24% من التقليديين غير المتدينين بشكل رئيسي. وقد فاجأ الاستطلاع الجميع عندما أظهر أن 19% من الجمهور المتدينين التقليديين يفكرون بالهجرة، وأن أربعة بالمئة من المتدينين التقليديين يفكرون بالأمر نفسه. لكن الأهم أن حتى المتشددين الذين يعتبرون أنفسهم مقيمين في الأراضي الفلسطينية إرضاءً للرب، بحسب اعتقادهم، يفكر ثلاثة بالمئة منهم بالهجرة. وهذا يعني أنه لا أحد من الإسرائيليين، مهما كانت صفته أو فكره أو آراؤه، لا يفكر بالهجرة العكسية.
وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، ابراهيم ربايعة:"معظم الإسرائيليين هم من مزدوجي الجنسية، وبالتالي لديهم فرص أخرى ويبحثون عن هذه الفرص في أماكن أخرى. أيضاً على مستوی الأيديولوجية، اليوم إسرائيل مختلفة كلياً عن إسرائيل التي جاء إليها المهاجر، التي كانت تقدم نفسها على أنها أرض الفرص، في كثير من الحالات".
لا شيء في تل أبيب يشجع من لا يريد القتل على البقاء في أرض فلسطين التي تنكر الغرباء.
غالبية الإسرائيليين الذين جاؤوا مهاجرين إلى الأراضي الفلسطينية جاءوا بحثاً عن الأمن والرفاه والدولة الديمقراطية. ما بعد حكومة الشعبويين وما بعد السابع من أكتوبر انتهى الأمن وغابت الرفاهية، وحتى الدولة الديمقراطية انتهت في نظر الكثيرين.