ومن المؤسف ان الجامعة العربية اصبحت مؤسسة تابعة لتوجهات مثلث الموت الصهيوني السعودي الاميركي الذي اصبح السيف المسلط في الليل والنهار على رقاب ابناء فلسطين, واخذت هذه الجامعة تمدد وتوسع صلاحيتها في العمالة وكتم افواه الشعوب العربية والتآمر عليها وخاصة حين غضت الطرف واغمضت العينين عن غزو قوات المحتل السعودي الصهيوني للبحرين التي قتلت ابناءه وسبوا عوائله.
وقد ظهر هذا التآمر واضحا ايضا حين تعاونت مع حلف النيتو عندما قررت الادارة الاميركية وحلفائها في التدخل بالشأن الليبي, وقد اعترف رئيس الجامعة العربية السيد نبيل العربي بفشل وظيفة الجامعة العربية قائلا:"انها لم تحقق أي انجازات على مستوى العمل العربي المشترك." واذا كان حال الجامعة العربية المزري هكذا, وفعلا هو كذلك طيلة دراستنا لتأريخها منذ سنة 1945 وهي تتخبط تخبطا عشوائيا وتتخذ مواقفا انتهازية مع العدو الصهيوني وداعمة للانظمة الدكتاتورية الجاهلية وخاصة ملوك وامراء الخليج " الفارسي" الذين يغدقون المال على رؤسائها مما افسد كل مؤسساتها. وقد وظلت مواقفها لخدمة العدو الصهيوني فاصبحت تقف مع الظالم وتخضع لاوامره كما هو الحال في تبعيتها للسعودية وقطر اللتان يجرانها بشكل مكشوف الى خدمة العدو الصهيوني والوقوف معه في محاربة دول الممانعة والتصدي. وما البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب في القاهرة حول سوريا الا مصداقا لهيمنة حكام عوائل الخليج على الجامعة (الغربية) واختطاف قراراتها كما فعل جاسم بن حمد وزير خارجية قطر الذي كان هدفه الاول والاخير تقديم خدمة للصهيونية, وذلك باضعاف دول المقاومة والممانعة كالقطر السوري ولبنان وغزة وبقية شعوب الثورات العربية واظهار قطر - التي تقطر دما وحقدا على الشعوب العربية الحرة والحكومات الوطنية- بمظهر القوي الفعال الذي يقدر على تغيير ارادة الشعوب العربية وكبحها والاطاحة بالحكومات التي تعادي الصهيونية والاستعمار.
ان تخوفات دويلات الخليج " الفارسي" من عاصفة التغيير وخاصة السعودية وقطر والامارات جعلها تتقرب وتلتصق وتقدم الدعم المالي والاعلامي للصهيونية من اجل حمايتها ولكي لاتطيح بها رياح التغيير. فاما قطر التي اصبحت الطفل الصهيوني المدلل تحاول ان تكون العضو الاقوى والاكثر تأثيرا في قرارات جامعة الذل والتآمر على ارادة الشعوب العربية والحكومات الوطنية وخاصة بعد الثورات التي اطاحت برئيس مصر وتونس, فقد القى كلمة الاختتام لمؤتمر وزراء خارجية الجامعة العربية في القاهرة وزير خارجية قطر جاسم بن حمد -الذي ظهر في اكثر من مناسبة هو واميره حمد بن خليفة ال ثاني في اجتماعات سرية مع وزيرة الخارجية للحكومة الصهيونية, ويمكن مشاهدة هذه اللقاءات على افلام الفديو- وهو يتهم الشعب السوري وحكومته بالدكتاتورية وقمع الحريات! والسؤال: اين الحريات في السعودية وقطر ودول الخليج؟ واين الديمقراطية من العائلة السعودية التي احلّت سفك دماء ابناء الجزيرة العربية منذ ظهور التحالف الوهابي السعودي قبل سنة 1775,وقد حمل هذا التحالف معه الكفر والتكفير والارهاب والعنف, والدليل على ذلك ان الوهابية اليوم اصبحت مصدر الارهاب العالمي, فكثير من مفكري العالم وكذلك المقربين من المخابرات العالمية يعرفون جيدا ان للسعودية الوهابية اليد الطولى في تفجيرات 11-9-2001 ولكن الادارة الاميركية لم تعاقب ال سعود على ذلك لان في مصالح الادارة الاميركية الصهيونية اكثر منفعة من خسائرها في الابقاء على تلك العائلة العميلة على دفة الحكم مما جعلها تدعم الارهاب السعودي الذي يحمل اجندة لتدمير دول الشرق الاوسط واحدة بعد الاخرى, الا ان صمود الجمهورية الاسلامية التي قطعت ايادي تحالف مثلث الموت الصهيوني السعودي الاميركي لن يسمح لتلك الحكومات المتآمرة بالعبث في مقدرات واستقلال ايران وغيرها من الدول الحليفة لها. والغريب في الامر ان وزير خارجية قطر يصرح للاعلام في 31-10-2011 بعد زيارة وزير خارجية سوريا لقط "ليس كل الدول العربية بنفس السوء". وهنا يعترف حمد بن جاسم بأنه لاتوجد دول وامارة عربية اسوء من قطر التي اصبحت اداة طيعة ذليلة للصهيونية والمخابرات الاميركية بشكل مكشوف دون خجل او حياء. واذا كان هنالك من الحكام العرب وبعض المنظمات لها عداء مع ادارة الحكم في سوريا فلا يغفر الشعب العربي المسلم اين ما وجد لحكومة قطر وغيرها من الحكومات التي تتحالف مع اسرائيل والادارة الاميركية لاسقاط النظام السوري وسفك دماء ابنائه لا لذنب الا لانه يمثل دول ومنظمات وشعوب المقاومة للكيان الصهيوني ولانه ايضا يرفض تدخلات المخابرات الاميركية في شؤون الدول العربية.
ولان النظام السوري حليف قوي ودائم ومستمر في تعاونه مع الجمهورية الاسلامية الايرانية. وما يجري في العراق من تفجيرات واغتيالات وتخلف وفساد ما هو الا بتخطيط هذا المثلث, وكذلك الحال بالتدخل في بقية الدول العربية والاسلامية الا ان ارادة الشعوب الحرة لابد وان تنتصر كما انتصرت بعد انتصار الثورة الايرانية.
ان ما يجري اليوم على الساحة السورية من اغتيال لابناء الشعب السوري باموال وايادي قطرية سعودية وبأوامر صهيونية اميركية يدل على ان الجامعة العربية ما هي الا وسيلة لاهانة كرامة الشعب العربي واذلاله وهذا يمكن ملاحظته من تصرفاتها واستخدامها كمطية للاستحمار والاستعمار العالمي اذ سمحت ووافقت الجامعة العربية على تحليق طائرات النيتو الهمجية بسفك دماء العرب المسلمين في ليبيا والدماء تسيل في شوارع ليبيا والجامعة (الجاهلية) تهنئ وتشكر زعماء الغرب على قتل المسلمين العرب دون قتل جندي واحد من قوات الاجنبي الغير مسلمة كما تنبأ الامام علي (ع) عن فتن المس تقبل حين قال :"فقد لعمري يهلك في لهبها المؤمن ويسلم فيها غير المسلم".
فها نحن اليوم نرى ان حكام المخابرات الاميركية في امارات الخليج " الفارسي" اصبحوا رأس الحربة بدلا من الصهاينة في القتل والتآمر على العرب والمسلمين والتدخل في شؤون الشعوب الداخلية وبث الفرقة والاحتراب فيما بينها وذلك بصرف المليارات من مدخولات دولارات النفط العربي التي خصصت للتآمر على مستقبل الشعوب العربية والاسلامية وعدم الاستقرار فيها, وكأن هذه الخيرات وظفت للقتل والدمار والتخريب لا للبناء والاعمار والاستقرار والسلام, واصبحت هذه المقولة واضحة لكل من يراقب ما يدور في الشرق الاوسط.
وقد اشارت شبكة الاخبار الهندية ALTNEWSالى حالة الجامعة العربية المخزية تحت عنوان " لماذا تعمل الجامعة العربية من اجل اميركا (Why does Arab League work for America) بتأريخ 18-10-2011 وقد شرح الكاتب الهندي كولاجال Colachal في هذه المقالة "كيف ان المخابرات الاميركية استخدمت الجامعة العربية لتكريس طاقتها لتنفيذ مخططاتها ولتحقيق اهدافها المعادية للاسلام والمسلمين, واحداث التدمير والقتل من اجل اخفاض نسبة سكان المسلمين, بالاضافة الى دفع الاموال لقوات وعمليات حلف (الناتو) الفاشية من اجل احتلال العالم الاسلامي. ويضيف الكاتب بان التخوف الكبير هو ان السعودية تقود العرب وتأخذ الاوامر من سلطة وكالة المخابرات الاميركية ال سي آي أي من وقت الى اخر من اجل ادامة بقاء القوات الاميركية الامبريالية في المنطقة, ومن هنا فقد اصبح الزعماء العرب يعملون كخدم للاميركيين اكثر من كونهم (دوما, ولعب للاطفال) بل اكثر من الاوربيين في خدمة الادارة الاميركية. فالجامعة العربية كما يقول الكاتب انها تعمل باوامر القصر الابيض الاميركي دون علم باراك اوباما احيانا, ومن بين تلك الاوامر ما نفذته الجامعة العربية للادارة الاميركية حين اسرعت لدعوة اجتماع وزراء الخارجية العرب في مصر يوم 15-10-2011 للنظر في تعليق عضوية سوريا من الجامعة العربية..ثم يختتم الكاتب كلمته بانه"لاتجرأ اميركا ولا اسرائيل ضرب ايران "! فهل للعرب من مفكر منصف كهذا المفكر الهندي الذي يدافع عن ايران, دولة الحق والكرامة والايباء؟ ايران اليوم جمهورية العزة والكرامة التي قال عنها المفكر الاميركي نوم جومسكي بان مشكلة ايران انها لاتطأطأ رأسها للادارة الاميركية كما يفعل الاخرون.
الا اننا نؤمن بان يد الله سبحانه فوق ايديهم وان ارادة الشعوب الحرة اقوى من خطط الاستعمار وعملاءه في الخليج " الفارسي" ومن يتحالف معهم, والادلة واضحة في التغيرات البركانية التي تعيش مخاضها الذي لم يتفجر منه الا القليل ولا زال الوليد في المهد والقادم سيهز عروش الطواغيت ويهشمها الى دون رجعة, وسياق الامثلة كثير ولايحتاج الى ادلة لدى المراقب لما يدور في كل دولة عربية واسلامية حيث البراكين تتفجر بوجه الصهيونية والمحافظين الجدد اعداء الاسلام ومحاربي الديمقراطية وحرية الشعوب.
أن الجبهة التي تقودها الجمهورية الاسلامية والتي يتحدث عنها المعسكر المعادي للاسلام والمسلمين وتواقي الحرية والاستقلال اصبحت واضحة من حيث التكتل سواء على صعيد الحكومات او الشعوب فكل من رفع شعار "هيهات منا الذلة" اصبح في مصاف الاحرار الذين يناضلون من اجل الحرية والديمقراطية والاستقلال واعادة حقوق ابناء فلسطين العربية الاسلامية ومحاربة الصهيونية التي اصبح خطرها مضاهيا لخطر حكام الخليج فكلاهما في قارب المخابرات الاميركية بل كلاهما في حذاء واحد كما يقول المثل الانكليزي. وقد صر ح عن خيانة الحكومات العربية السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية في الاسبوع الماضي الذي نشرته وسائل الاعلام يوم 29-10-2011 بان:" ان العرب ارتكبوا خطأ برفضهم اقتراح الامم المتحدة في 1947 والذي كان يدعو الى اقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل" وهو يقصد في القرار رقم 181. ان تصريح محمود عباس هذا يدل على المرارة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني من كثرة تآمر الحكام العرب عليه منذ تأسيس الجامعة العربية حتى يومنا هذا. والسؤال: هل نستطيع ان نذكر موقفا عمليا اجابيا واحدا للجامعة العربية اتجاه العدو الصهيوني والدول المعادية للعروبة التي سميت باسمها؟
ان الذي يريد ان يقود شعبه الى برّ الامان والتقدم والاستقرار عليه ان ينهج طريق وعزم الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي اختارته منذ سنة 1979 دون تردد وتخاذل بل بارادة ثورية واعتماد على قدرة الله لا قدرة الشيطان الاكبر والاصغر, فايران اليوم التي لم تسمح للمخابرات الاجنبية وجواسيسها العمل على اراضيها الا استثناء ليس له من الاهمية بمكان وهذا ما يحدث وحدث فعلا حتى في داخل اكبر المخابرات العالمية كال سي آي أي الاميركية وال كي جي بي السوفيتيه. ومن جانب اخر فاننا نرى انه ما ان تعاونت دولة عربية او اسلامية عميلة مع الادارة الاميركية واسرائيل الا وخذل ودخلتها الفوضى والقتل والدمار ان لم يطاح بها كما حدث في مصر وتونس وما يجري في اليمن والبحرين وما بعدهما عائلة ال سعود وال ثاني وال خليفة الذليلة الا مثالا على هؤلاء الحكام الذين ضربت عليهم الذلة والاهانة.وصدق الله العلي العظيم في محكم كتابه:" تعز من تشاء وتذل من تشاء". سورة ال عمران (26).
* د.طالب الصراف