وعلى ضوء هذا القانون تلوح في الأفق ملامح أزمة دبلوماسية بين باريس وأنقرة قد تنسف عقوداً من التعاون الاستراتيجي والاقتصادي بين البلدين. هذا وأشعل البرلمان الفرنسي فتيل الأزمة بعيد مصادقته على قانون يجرم إنكار إبادة الأرمن في عهد الامبراطورية العثمانية بداية القرن الماضي.
وكان النائب اليميني في البرلمان الفرنسي والوزير السابق من أصل أرمني باتريك دوفيجيان قد وصف في كلمة له في البرلمان الفرنسي إبادة الأرمن بأنها: حقيقة تاريخية لاغبار عليها، وهي جريمة اعترفت بها تركيا نفسها عام 1919 من جانب حكومة فريد باشا.
وأثار الرد التركي بتعليق كل الاتصالات مع فرنسا في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية مخاوف وقلق الفرنسيين. حيث قال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه في تصريح صحفي: ما أرجوه هو أن لايبالغ أصدقاؤنا الأتراك برد الفعل على قرار الجمعية الوطنية الفرنسية؛ فلدينا الكثير مايمكن القيام به معاً؛ والعلاقات التركية الفرنسية علاقات قوية ومتعددة في مجالات مختلفة.
كما نظمت الجالية التركية في فرنسا مظاهرة أمام مقر البرلمان الفرنسي للتنديد بما اعتبرته تدخلاً فرنسياً في الشأن الداخلي التركي.
وقالت المتحدثة باسم الجالية التركية في فرنسا فاطمة أريطوغرول داستان لمراسلنا: إن هذه ليست قضية فرنسية؛ والتاريخ مهمة المؤرخين.
وفي المقابل استبشرت الجالية الأرمنية في فرنسا بهذا القانون حيث رأت فيه إنصافا لحقيقة تاريخية لطالما تجاهلها الأتراك.
وأكد أحد الأرمن: نحن مع مشروع هذا القرار؛ فأمهاتنا وآباؤنا لم يكونوا كاذبين؛ وهم تعرضوا لهذه الإبادة.
ويرى بعض المراقبين أن هذه المعضلة الدبلوماسية بين فرنسا وتركيا من شأنها أن تقوض شراكة اقتصادية متينة بين البلدين.
ووصف الخبير الاقتصادي المتخصص في الشأن المالي الدولي الدكتور كميل الساري فرنسا بأنها الخاسرة من الناحية الإقتصادية في هذه العملية؛ مضيفاً: كلنا نعرف بأنها عملية انتخابية لأن هناك خمس مئة ألف أرمني منهم مسؤولين كبار وعندهم نفوذ في السلطة الفرنسية.
وحسب مراقبين فإن مصادقة البرلمان الفرنسي على قانون يجرم إنكار إبادة الأرمن على يد العثمانيين ستفتح ومن دون شك أزمة دبلوماسية عميقة بين باريس وأنقرة؛ ربما تتيح لأنقرة إعادة صياغة علاقاتها مع باريس بما يخدم سياستها الخارجية حقاً؛ وإعادة النظر في علاقاتها مع محيطها الإقليمي وترميم التصدع الذي عرفته علاقتها مع الجيران.
12/24 15:08 Fa