ترجمة نص الخطبة الاولى لقائد الثورة بصلاة جمعة طهران

ترجمة نص الخطبة الاولى لقائد الثورة بصلاة جمعة طهران
الجمعة ٠٣ فبراير ٢٠١٢ - ٠٨:٤٧ بتوقيت غرينتش

تزامنا مع ايام عشرة الفجر المباركة وعلى عتبة ذكرى انتصار الثورة الاسلامية في ايران(11 شباط)، القى قائد الثورة الاسلامية في ايران اية الله السيد علي خامنئي كلمة مهمة في خطبة صلاة الجمعة بالعاصمة طهران استعرض من خلالها تحليلا شاملا عن انجازات ومكاسب الثورة، ومواضيع مهمة بشان القضايا الداخلية و كذلك تهديدات العدو والتطورات على الصعيدين الاقليمي والعالمي وبالتالي الانتخابات النيابية القادمة في ايران،كما القى كلمة باللغة العربية في خطبته الثانية حول التطورات في الدول العربية.

 وفيما يلي نص كلمة قائد الثورة الاسلامية في الخطبة الاولى من صلاة جمعة طهران..   

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدلله رب العالمين، أحمده وأشكره وأستعينه وأستغفره وأتوكل عليه، وأصلي وأسلم على حبيبه ونجيبه وخيرته في خلقه، حافظ سره ومبلغ رسالاته، بشير رحمته ونذير نقمته سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى محمد(ص)، وعلى آله الأطيبين الأطهرين وصحبه المنتجبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وصل على أئمة المسلمين وحماة المستضعفين وهداة المؤمنين، وصل على بقية الله في الأرضين.

أوصيكم عبادالله بتقوى الله ونظم أمركم. أوصي جميع الإخوة والأخوات الأعزاء المصلين وأدعوهم وأوصيهم وأيضاً أوصي نفسي بحفظ التقوى الإلهية. وهذا هو المبدأ في التحرك الإنساني نحو التكامل والتعالي. أن نستطيع ونتمكن بتوفيق من الله في جميع أعمالنا الفردية والجماعية وفي الشؤون السياسية والاجتماعية أن نراقب على حفظ التقوى الإلهية؛ فإن حصل ذلك فإننا بتوفيق من الله سنكسب كل الخيرات وستشملنا الألطاف الإليهة بحول منه وقوة.

كما أبارك هذه الأيام، أيام "عشرة الفجر" المباركة [ذكرى انتصار الثورة الإسلامية]، ففي عشرة الفجر إن ما أراه ضروريا بالنسبة لي ولأمثالي هو أن أتقدم بالشكر مرتين أولاً الشكر لله سبحانه وتعالى بكل خشوع وتواضع؛ وأسجد إلى الله سبحانه وتعالى شكراً له حيث وفق الشعب الإيراني المسلم بالقيام بهذه الحركة العظيمة وهذه المبادرة الكبيرة وإنجاح هذه النهضة التي صنعت التاريخ من جديد، حيث صنعت هذه النهضة بيد الشعب الإيراني المسلم وقيادة إمامنا العظيم. وتحققت إثر ذلك الدولة الإسلامية في هذه البلاد وأدت حركة الشعب الإيراني في اتجاهه إلى الله سبحانه وتعالى وإلى القيم الإلهية والمباديء الإسلامية شقت طريقها إلى الأمام، ولانعمة أكبر من ذلك، فالشكر لله على هذه النعمة ضروري وواجب دائماً، وفي عشرة الفجر يعتبر أكثر وجوباً.

والشكر الثاني هو للشعب الإيراني المسلم ووفائه ومروءته وعفوه وتضحياته وفداءه وشجاعته وبصيرته وتواجده الدائم في الساحة وفي الميادين خلال الاعوام  الثلاثة والثلاثين الماضية حيث حافظوا على تواجدهم و قاموا بارواء  هذه الشجرة رغم كل المشاكل والأخطار التي أحدقت بهم واستطاعت هذه الشجرة أن تنمو وتنمو وتزداد نمواً؛ ونراها اليوم كتلك الشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، ونرى أنها تجذرت في الحياة البشرية ونرى ثمارها وآثارها تزداد يوماً بعد يوم، ويستفيد منها أبناء البشر.

ولايام عشرة الفجر لهذا العام  أجوائها الخاصة؛ إذ أنه في هذا العام نشهد الثورات المنتصرة في المنطقة في تونس ومصر وليبيا، ونرى هذه الحراكات الثورية والإنتفاضات الشعبية قد وصلت إلى نتائجها وأدت إلى نتائج عظيمة وجبارة؛ وهذا بالنسبة لنا ابناء الشعب الإيراني بشارة كبيرة وحادثاً مهماً وعذباً وعظيماً، ونحن نحتفل بعشرة الفجر وبيوم الثاني والعشرين من بهمن[11 فبراير ـ يوم انتصار الثورة الإسلامية] في مثل هذه الأجواء؛ وإن الشعب الإيراني المسلم قد خرج من غربته وعزلته بانتصار هذه الثورات والإنتفاضات بشكل نسبي؛ وسأتطرق إلى ذلك خلال خطبتي قليلاً.

وفي هذه الخطبة سأتطرق إلى ثلاثة مواضيع رئيسة لأطرحها على إخوتي وأخواتي المصلين من أبناء الشعب الإيراني؛ وفي الخطبة الثانية سأتحدث أكثر منكم مع أخوتي العرب.

هذه المواضيع الثلاثة هي، أولاً حول ثورتنا، والمسيرة التي قطعناها خلال هذه العقود الثلاثة، والمكتسبات التي حققناها، والمستقبل الذي نتوقعه؛ وهذا هو الموضوع الأول. والموضوع الثاني هو إلقاء نظرة على قضايا المنطقة والعالم؛ والموضوع الثالث هو بعض النقاط المختصرة حول الإنتخابات البرلمانية القادمة. 

وفيمايتعلق بالمحور الأول هناك العديد من الكتب يمكن أن تكتب حول هذا الموضوع؛ وإن ما أريد قولها باعتبارها الخطوط الرئيسة والعامة لثورتنا هي بعض النقاط فقط والتي يتطلب شرحها وتفصيلها وقتاً أطول. هذه النقاط هي أن ثورتنا أسقطت نظاماً معادياً للإسلام وأسست نظاما إسلاميا؛ وأسقطت نظاماً دكتاتورياً مستبداً وأوجدت نظاماً ديموقراطياً مرتكزاً على سيادة الشعب.
إن التبعية لبلادنا في العهد البهلوي كانت قد وصلت إلى قمة الشراسة والوقاحة؛ ولكن الثورة الاسلامية انهت التبعية وحققت الإستقلال لشعبنا. فالكبت الذي كان يشهده الشعب الإيراني في البلاد تحول إلى حرية هذا الشعب. وأدلى الشعب بأصواته وكان له حرية التعبير عن آراءه بكل حرية؛ فالأجواء تحولت إلى أجواء الحرية. إن احتقار هذا الشعب تاريخياً قد تحول إلى تجديد العزة والمجد والشرف له. فشعبنا تم احتقاره والإستهانة به خلال عقود من الزمن رغم الإرث التاريخي والثقافي والعلمي الحضاري العظيم؛ تم احتقاره والإستهانة به من قبل الحكام الضالمين والفاسدين وأيضاً المستعمرين على الصعيد الدولي من ورائهم.

فيشعر الشعب الأيراني هذا اليوم بالعزة والمجد والشخصية، وليس هناك حالة ضعف النفس؛ وتحول ذلك إلى الثقة بالذات على الصعيد الوطني وعلى صعيد كل أبناء الشعب.

كنا نحتقر ونستصغر قدراتنا  ، وكنا نتصور بأننا لانستطيع أن نقوم بنشاطات علمية أو  سياسية أو عسكرية؛ أو كنا نتصور بأننا شعب ضعيف، وكانوا قد لقنوا (الاعداء) وزرعوا ذلك في قلوبنا ونفوسنا، لكن الثورة أزالت هذه الحالة وحولتها إلى حالة الثقة بالذات. ونحن اليوم في جميع الساحات نشعر بالثقة بالذات؛ ونعلم بأننا نستطيع، ونتابع ونتحرك على هذا الأساس والحمد لله قد وصلنا إلى أهدافنا في كل الميادين والمجالات.

إن الشعب الإيراني كان يعاني من العزلة العامة خاصة العزلة السياسية، وكان أبناء الشعب لايهتمون بالقضايا السياسية وكانوا لايهتمون بمايجري في البلاد. وكل هذه الحالة أزيلت بانتصار الثورة. واليوم تلاحظون بأن الأحداث أيضاً لهم وجهة نظر سياسية ويحللون القضايا السياسية ويدركونها ولهم تعليق سياسي في كل مجال. لم يكن الوضع كذلك قبل انتصار الثورة ؛ وإن السياسة ومفردة السياسة كانت منحصرة على عدد قليل من أبناء هذا البلد. والشعب عامة كان بعيداً عن أحداث البلد، وكانت الحكومات تأتي واحدة تلو الأخرى وكانت تعقد الإتفاقيات والعلاقات الدولية ولم يكن للشعب أي وعي وفهم لكل ذلك. هذه هي الخطوط الرئيسية لهذه الثورة التي انتصرت في هذا البلاد والتغييرات التي حصلت. هذه المباديء قد تجذرت. وهي ليست تحولات سطحية وقشرية وعابرة. واليوم شعارات هذه الثورة هي نفس الشعارات التي أطلقت في بداية الثورة؛ وهذا مايدل على سلامة هذه الثورة. فالشعارات هي مؤشر على الأهداف وهي ترسمها؛ وإن الأهداف في هذا النظام هي نفس الأهداف التي انتصرت على أساسها الثورة الإسلامية؛ ولم تتغير؛ وإن المسؤولين وأبناء الشعب لن ينحرفوا عن مسارهم وصراطهم المستقيم ومسيرتهم وأهدافهم الأساسية. فإن الشعارات التي يطلقها الشعب الإيراني اليوم هي نفس الشعارات التي أطلقت في بداية الثورة.

إذن في هذه الفترة وفي هذه العقود وهذه السنين الـ33 الماضية وإثر هذه الخطوط الأساسية قد تحولت حياتنا وتأثرت بهذه الخطوط وحصلت تطورات وتحولات. وطبعاً كانت هناك نقاط ضعف. علينا أن نعرف التطورات وماحصل منها؛ وأيضاً علينا معرفة نقاط ومكامن الضعف؛ فإذا لم نتعرف أو أخفينا نقاط الضعف وتجاهلناها فإن هذا الضعف سيتجذر وستتم مأسسته ولن يمكن إزالته. لذلك علينا أن نعرف النقاط الإيجابية والسلبية. فهناك مطبات ونقاط ضعف ونقاط قوة. لكن الحركة مستمرة؛ وهذا هو المهم؛ وعلى شباننا أن يعرفوا أن خلال السنين الـ33 الماضية كانت هناك بعض المراحل التي لاحظنا ضعفاً في هذه الحركة، حيث لم تكن على وتيرة واحدة، وكانت هناك سرعة وكان هناك فتور. لكن الحركة متجهة باتجاهها الصحيح وإلي الأمام ونحن نشاهد هذه الأمور.

انني أذكر بعض نقاط القوة وبعض نقاط الضعف بعدذلك أيضاً. أهم نقاط القوة في ثورتنا خلال الـ33 سنة الماضية هي التغلب على التحديات، وهذا أمر مهم جداً؛ شعبنا لم يكن شعباً يسير باتجاهه الخاص ولاتكون له أي علاقة بأي شخص أو أي جهة. منذ اليوم الأول كانت القوى العالمية المتسلطة والمتجبرة تريد أن تمنعنا من المضي قدماً وفرضت الحرب علينا. وعزت إلى صدام ليهاجم بلدنا؛ وفرضوا علينا الحرب بمدة ثمانية سنوات وفرضوا الإرهاب، وقاموا بمقاطعتنا وفي كل هذه التحديات استطعنا ولليوم أن نتغلب عليها ونحقق النصر. وهذه التحديات لم تستطع أو لم يكن من شأنها أن تركع شعبنا أوتجعله يندم على ماقام به من ثورة؛ ومضينا قدماً وبكل قوة وصلابة وصمود؛ وهذه من نقاط قوتنا.

ونقطة القوة الأخرى في هذه المدة هي تنمية الخدمات التي قدمت لأبناء الشعب كماً ونوعاً؛ ولايمكن مقارنة هذه الخدمات بالماضي وليس الماضي القريب قبل انتصار الثورة بل حتى الماضي البعيد. خدمات عظيمة وجبارة تم تقديمها وتنميتها في أنحاء البلاد كافة. فمن الناحية الكمية هي خدمات عالية جداً ومن الدرجة الأولى من الناحية المادية والمعنوية؛ وهي نقطة قوة مهمة جداً.

ونقطة القوة الأخرى هي التطور العلمي الذي حققته البلاد. فهذا التطور العلمي  لاتستصغروه ولاتحقروه، أنه مهم جداً، فالعلم هو الأساس لكل التطورات والإزدهار في كل بلد؛ أنني قرأت هذا الحديث الشريف "إن العلم سلطان" في العلم تكمن القوة؛ وكل من لديه هذه القوة والقدرات يمكن أن يحقق جميع أهدافه. والمستكبرون ببركة العلوم والمعارف التي حصلوا عليها إستطاعوا أن يسيطروا على كل أنحاء العالم ويفرضوا قوتهم. وطبعاً نحن لانرضخ للقوة أبداً ولانفرض قوتنا على الآخرين. لكن العلوم مهمة لتحقيق التطور العلمي وإن التطورات العلمية  التي حققتها إيران خلال السنين الـ33 الماضية تعبر عن تطورات محيرة للعقول. مثلاً في التقنية النووية، الكل يعرف ذلك؛ وقد اشتهرت هذا التطور على المستوى الإعلامي.

والأمر لاينحصر بذلك. بل التقنية الجوفضائية والتقنية الطبية والفروع الهامة جداً التي لايمكن التوصل إليها بسهولة في المجالات الطبية كما حققت البلاد التطورات في هذه المجالات؛ وفي تفنية النانو؛ والحيويات والأدوية الإشعاعية؛ والإستنساخ؛ وفي مجال الحواسيب  العملاقة؛...وهناك قائمة مطولة من هذه التطورات؛ وكل هذه التطورات تحمل شهادات علمية عالمية؛ والعالم يعترف أن أسرع نسبة تطور علمي قد تحققت في إيران؛ هذا هو التقرير العالمي لعام 2011 الذي يقول بإن أسرع تطور علمي في العالم حصل في إيران؛ وإن إيران حصلت على الدرجة العلمية الأولى في المنطقة؛ وهذا ماتدل عليه التقارير التي قدمتها المراكز العلمية العالمية المعتبرة وذات الصلة والمهمة. ونحن طرحنا ذلك لبعد 14 سنة  كي نصل إليه؛ حيث خططنا لكي نصل بعد 14 سنة إلى المرتبة الأولى في المنطقة، ولكن حققنا ذلك مبكرا اي في هذه السنة؛ وهذا من نقاط قوتنا ايضا.

من نقاط قوتنا الاخرى هي التطورات التي حققتها البلاد في إيجاد البنى التحتية في المجالات التقنية والهندسية والصناعية وإن ذلك انبهر المراقبين من الأجانب الذين قاموا بزيارات لمنشئاتنا وبرامجنا ومشاريعنا الصناعية في الطرق والإتصالات وجميع المجالات الهندسية والصناعية. وهذا يحتاج إلى قصة أخرى وتقرير خاص به. وأنا آسف أحياناً حينما ألاحظ بأن هذه التقارير الجيدة البارزة لاتطرح بشكل جيد ولايطلع عليها أبناء الشعب.

ومن نقاط القوة أيضاً في هذه المدة هو نقل قيم الثورة إلى الجيلين الثاني والثالث في هذه البلاد. واليوم ترون الشباب وترون هذا الشهيد العزيز مصطفى أحمدي روشن الشاب الإيراني الذي حرقت شهادته قلوبنا، وأيضاً الشهيد السابق الشهيد رضائي نجاد الذي استشهد بداية هذا العام [الإيراني].. هؤلاء كانوا من العلماء الشبان في الثلاثينيات من عمرهم و رغم انهم لم يدركوا الإمام الراحل ولم يدركوا فترة الحرب المفروضة ولم يدركوا بداية وانتصار الثورة... لم يشهدوا كل هذه الحالات، الا انهم استمروا في دراستهم العلمية والأكاديمية بكل شجاعة وبسالة? ووصلوا إلى هذه الدرجات العلمية السامية وكانوا يعلمون بأنهم مهددون من قبل العدو وأنهم يواجهون هذه الأخطار لكنهم خاضوا هذا الميدان؛ وهذا مهم جداً؛ فإن هذا كله يشمل قيمة ثورية كبيرة. وهؤلاء هم من الجيل الثالث؛ فالشهيد أحمدي روشن ورضائي نجاد وأمثالهما هم من الجيل الثالث، والحركة العظيمة التي قام بها شبابنا الجامعيون بعد استشهاد أحمدي روشن، حيث أعلنوا? استعدادهم لخوض هذا الميدان للدارسة في مجال تقنية العلوم النووية؛ وهذه تعتبر من الأمور المهمة والنقاط الإيجابية حيث انتقلت هذه القيم إلى الأجيال الثانية والثالثة لهذه الثورة. طبعاً كان هناك من تراجع عن مسيرة هذه الثورة لكن نمو  الرجال الثوريين وزيادة عديدهم كان أكبر من هؤلاء المنفصلين عن الثورة. أولئك الذين تعبوا، انفصلوا عن مسيرة الثورة ونزل إلى الساحة الشباب الواعي القادر والمتمكن.
من نقاط قوتنا هو الإرتفاع المتزايد لحضورنا في قضايا المنطقة والعالم. فإن دولة الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي اليوم دولة مؤثرة ولها رأيها في قضايا المنطقة والعالم؛ ولهذا الرأي آثاره؛ وهذا مهم جداً بالنسبة لبلادنا.
إن أحد نقاط قوتنا هي البنية القوية والمتينة لدولتنا ونظامنا في مواجهة الأعداء ومواجهة التحديات؛ فنحن لانضطرب ولا نقلق؛ ولاتقلقنا ولاتؤذينا هذه الإعتداءات وهذه التهديدات؛ لأن البنى التحتية والقوة هي متينة.
ومن نقاط قوتنا هو الإرتفاع بالمستوى الكمي والنوعي لمراكزنا العلمية أي الجامعات والأكاديميات والحوزات العلمية. فالحوزات العلمية قد ارتفع مستواها كذلك الجامعات والأكاديميات وهذه من نقاط قوتنا وكل هذه الأمور تتطلب شرحاً وتفصيلاً وهناك العديد من الإحصائيات في هذا المجال. وأيضاً هناك العديد من نقاط القوة الأخري؛ وطبعاً كان هناك نقاط ضعف.

وإنني أقول إن كل هذه التطورات العلمية والإجتماعية والهندسية والتقنية مما ذكرته من نقاط القوة قد تحققت في ظروف المقاطعة الدولية؛ وهذا أمر مهم جداً ويجب الإنتباه إليه. فإننا تجاوزنا كل الحدود المغلقة علينا في العلوم والمعارف والتقنيات. لم يبيعوا لنا الأجهزة والتقنيات؛ وكنا في ظروف المقاطعة الإقتصادية الشاملة بمافيها العلمية والصناعية والتقنية. لكن كل هذه التطورات تحققت. وهذا مايزيد من الأمل والثقة بالذات. وطبعاً هناك بعض نقاط الضعف؛ علينا أن نعمل على إزالتها.
ونقاط الضعف والأخطار التي كنا نواجهها، علينا أن ننهض بوجهها. أول ضعف هو التوجه نحو الدنيا والماچيات و الاهتمام بها ، وهذا ما تأثر به بعض المسؤولين منا. حيث فقدت الثروة والجماليات والبذخ والترف والأرستقراطية قبحها. حينما يتوجه المسؤولون نحو هذه الحالة من الترف وتجميع الثروة بشكل غيرمشروع واستخدامها بشكل غيرمطلوب؛ فإن كل هذه الأمور تتواجد في النفس الإنسانية حينما لانراقب أنفسنا ونصاب بهذه الحالة فإن هذا سيتحول إلى حالة شعبية. نحن نعاني شيئاً من الإسراف والتبذير والحالة الاستهلاكية. وقلت دائماً بأن هذا يشكل خطراً في مسيرة حركتنا فيجب أن نقلل من النزعة الإستهلاكية والحرص نحو متاع الدنيا والشؤون الدنيوية. أحياناً يشاع بأن سلعة قد قلت في السوق فالكل يهجم نحو الأسواق حتى لايعانوا من شحة هذه السلعة الإستهلاكية؛ وهذا يؤدي إلى شحة هذه المواد حتى إن لم تكن شحيحة. وهذا مالاننتبه إليه أحياناً. إن هذه من نقاط الضعف وعلينا أن نزيلها.
إحدى نقاط الضعف الأخرى أننا إلى جانب التطورات في العلم والتقنية لم نحقق التزكية الأخلاقية والنفسية بشكل كامل؛ ولم نحقق التطور في هذا المجال. وهذا يعتبر تخلفاً؛ فنحن مقارنة بسنيّ قبل الثورة يمكن أن نقول إننا أفضل بكثير ولكن علينا أن نتطور أكثر من هذا. نحن تطورنا وحققنا تطوراً في العلم وفي السياسة؛ وعلينا أن نحقق التطور في المجالات القيمة، في مجال تزكية النفس وفي مجال القيم الدينية والمعنوية وفي القرآن الكريم حينما يتحدث الله سبحانه وتعالى عن التزكية والتعليم فإن التزكية تتقدم على التعليم؛ والتعليم يتقدم على الكتاب والحكمة ايضا "يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة"  فالتزكية تتقدم على التعليم؛ وهناك مكان واحد عن لسان إبراهيم يقدم التعليم على التزكية ولكن كلما يتحدث الله سبحانه وتعالى فهو يرجح التزكية على التعليم وهذا ماغفلنا عنه؛ وكذلك في مجال العدالة الإجتماعية ومايريده الإسلام منا في هذا المجال وما كنا نطمح إليه فإن هذا أيضاً من نقاط ضعفنا؛ وعلينا ان نسد هذه الثغرات..علينا ان نقف بوجه نقاط الضعف هذه. ولايمكن أن نمر مرور الكرام.

فعلى المسؤولين وعلى كل أبناء الشعب المسلم في إيران أن يشعروا بأن من واجبهم إزالة نقاط الضعف وأن نستمد العون من الله سبحانه وتعالي. ويمکن ازالة نقاط الضعف .
برأيي ان ماعلينا القيام به من أجل إزالة نقاط الضعف هذه في الدرجة الأولى هي أن نشد النظر نحو المستقبل؛ وأن يتحمل الكل مسؤولياته. فجميعنا خاصة المسؤولين في البلاد الذين يخدمون الشعب عليهم أن يتحملوا مسؤوليتهم؛ وعليهم ألا يحملوا الآخر مسؤولية التقصير أو النقص الذي يلاحظ هنا وهناك. 

ولا ينبغي مثلا لمجلس الشورى الإسلامي أن يحمل الحكومة المسؤولية أو تحمل الحكومة، السلطة القضائية، الحدود هي واضحة، الدستور حدد كل الحدود والخطوط وأن واجبات الجميع واضحة، والقيادة لها مسؤوليتها، الحكومة، مجلس الشورى الإسلامي، السلطة القضائية، القوى العسكرية والأمنية، السلطات التنفيذية، كل منها لها مسؤولياتها وصلاحياتها، ولا يمكن أن تحال المسؤولية على الآخر ويجب أن تحل الإشكالات، فعلي سبيل المثال فإذا كان هناك إشكالا يلقى على عاتق القائد، فالقائد يجب أن يقبل بذلك بكل تواضع، وأن يبذل الجهد لإزالة هذه الإشكالات، هذه من الأمور الأساسية، الأمر الآخر هو أن لا نتراجع عن القيم والمبادئ الأساسية وأن لا نتغافل عنها، وأن لا نتطرق الى القضايا الفرعية والهامشية وأن نهتم بها ونغفل عن الأصول والمبادئ، وهذا أيضا يتطلب شرحا كافيا.

وكذلك الحفاظ على الوحدة والإتحاد والتضامن وقلت دائما بأن الإتحاد والتعاطف بين المسؤولين فيما بينهم، بين السلطات الثلاث وجميع المسؤولين يجب أن يتعاطفوا ويتكاتفوا وأن يتعاضدوا وأن يسيروا بإتجاه واحد، ولو كانت بينهم خلافات ولا إشكال في أن يكون هناك خلاف في وجهات النظر، لكن في الإتجاهات العامة للبلاد فيجب أن يتعاضدالمسؤولون ويتكاتفوا ويشدوا سواعدهم ويتوجهوا نحو الأمام وأيضا على الشعب أن يكون كذلك، الشعب مع المسؤولين والمسؤولون مع الشعب، هذا الإتحاد وهذا التعاضد فيه العلاج الأساسي والمحسوم للكثير من المشاكل التي تعاني منها البلاد.

وأحد الأمور الاساسية التي يجب أن نقوم بها وعلى الجميع أن يهتموا بها هو أن لا ننخدع بالإبتسامات التي يقدمها العدو والوعود الكاذبة التي نتلقاها من جبهة العدو، إن لنا تجربة خلال العقود الثلاثة الماضية، فأحيانا إبتسموا لنا في أوائل الثورة وكان البعض منا يصدق ذلك، و فيما بعد ادركنا رويدا رويدا بما يجري خلف الكواليس، ولذلك علينا أن لا ننخدع بهذه الإبتسامات والوعود الكاذبة التي يقدمها العدو، فأن العدو ينقض وينكث العهد بكل صراحة وبكل إرتياح، هذه السلطات المادية المتجبرة الحاكمة على العالم تكذب ولا تعمل بوعودها ولا تخجل لا من الله ولا من خلق الله ولا من الطرف التفاوضي معها، ان هولاء ينقضون العهود، يكذبون، وهناك نماذج حية وكثيرة على ذلك لا مجال للتطرق إليها ولربما سأذكرها إذا إقتضت الضرورة، هذه التصريحات الأميركية الأخيرة تصريحات الرئيس الأميركي، والرسالة التي وجهها لنا والإجابة التي كانت من جانبنا، وأيضا رد الفعل بالنسبة للمبادرة التي قاموا بها على أساس تلك الرسالة، إننا سنطرحها الى الرأي العام العالمي يوما ما، ليرى الجميع ويتعرفوا على ماهية هؤلاء ليعرفوا أن وعودهم لا يمكن الإعتماد عليها وانهم يكذبون، ولذلك فان أحد الأمور الهامة هو أن لا ننخدع بإبتساماتهم ووعودهم الكاذبة كما قلت وأيضا الإمتناع عن الكسل وعن قلة النشاط والعمل، فإن كل ذلك يفسد شعبا و ووطننا وعلى الجميع أن يعملوا ويهتموا بالعمل الجهادي وحينما طرحنا هذا في هذا العام شعار الجهاد الإقتصادي فإن ذلك يعني بأن التحرك الإقتصادي يجب أن يكون جهاديا، طيب، هذه الأمور التي كنت أن اطرحها حول الثورة الإسلامية، الوقت قصير واريد أن أتطرق الى سائر القضايا، قضايا المنطقة والعالم، إن الشعوب في المنطقة إستطاعت أن تطيح بالطواغيت في أربعة من الدول بين العام الماضي وهذا العام، بين ذكرى إنتصار ثورتنا في العام الماضي وهذا العام، أربع من الطواغيت أطيح بهم، يجب أن تبذل جهود كثيرة للإطاحة بكل الطواغيت لكنه خلال سنة واحدة تم الإطاحة بأربعة من الطواغيت الخبثاء الخطرين في هذه المنطقة، وإن هذا حدث مهم، والحدث المهم الآخر هو أن في تونس ومصر توجه الشعب نحو صناديق الإقتراع، وأدلوا بأصواتهم لصالح الإسلام، في مصر ما يقارب من 75% من الناس توجهوا نحو صناديق الإقتراع وصوتوا لصالح التيارات الإسلامية، وهذا الأمر كان كذلك في تونس تقريبا، وهذا مهم جدا، ويعني أن جميع الجهود التي بذلت من أجل التخويف من الإسلام، كراهية وحقدا وعداء للجمهورية الإسلامية،وكذلك كل الجهود التي بذلتها أميركا والغرب والأجهزة الإعلامية والهوليود وكل تلك الأجهزة في هذه السنوات وفي العقود الماضية من أجل التخويف من الإسلام ومن الحكومات الإسلامية، قد باءت بالفشل تماما وأن الشعوب تؤيد الإسلام.

وأحد آثار هذه الحركات هي ضعف الكيان الصهيوني وعزلته لأن هذا الكيان الصهيوني هو غدة سرطانية حقيقة في هذه المنطقة ويجب إقتلاع هذه الغدة السرطانية وسيحدث ذلك.

هذا الكيان يواجه ضعفا أكثر من اي وقت آخر وعزلة والشباب الفلسطيني إستعادوا أملهم وإستعادوا حيويتهم وأملهم بالمستقبل وبضرورة إستمرار الحركة والشعوب أيضا إستعادت آمالها، طبعا بين هذه الشعوب الشعب البحريني هو أكثر تعرضا للظلم من الآخرين لأنه يشهد صمتا ومقاطعة إعلامية وإخبارية من جميع وسائل الإعلام العالمية للأسف، في حين أن مطالبهم تعتبر مطالب سليمة في كل منطق إنساني سليم وتعتبر مطالب محقة ولا تعتبر مطالب مرفوضة، والشعب البحريني مع الأسف تعرض للظلم وقد أخرج من دائرة الإعلام بشكل عام بل وإن الإعلام موجه ضدهم ولا أثر لذلك لأن هذا الشعب سينتصر بتوفيق من الله سبحانه وتعالى.

إنني هنا بهذه المناسبة أقول هذه النقطة وهي أن حكام البحرين إدعوا بأن إيران تتدخل في قضايا البحرين وهذا كذب واضح ، ليس لنا أي تدخل فيها اذ اننا وحينما نتدخل في مكان ما نقول ذلك بصراحة، إننا في معاداتنا لإسرائيل ومواجهتنا لإسرائيل تدخلنا وكان نتيجة هذا التدخل، تحقيق الإنتصار في حرب تموز وفي الحرب ضد غزة وقلنا وصرحنا بذلك.

وبعد هذا أينما وحينما يقف شعب أو مجموعة أو فصيل في مواجهة الكيان الصهيوني فنحن نساعده ونمد يد العون له ولا نأبى من أن نصرح بذلك.

وهذا هو الواقع والحقيقة، وحين يقول حاكم جزيرة البحرين بأن إيران تتدخل في قضايا البحرين فإن هذا ليس صحيحا وهذا خلاف للواقع، ونحن لو كنا نتدخل في البحرين لكان الأمر  فيها بشكل آخر.

هذه هي الأوضاع في المنطقة وفي العالم أيضا إن الأوضاع هي أوضاع تثير الإستغراب، فأميركا تواجه حالة من الضعف الإقتصادي والمادي والسياسي، فإن أميركا في سياستها في الشرق الأوسط قد باءت بالفشل، في قضية فلسطين أيضا، وفي قضية العراق تراجعت أميركا وباءت بالفشل، الأميركيون كانوا يريدون أن يديروا العراق ويحكموا العراق بشكل مباشر، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك فالشعب العراقي وقف بوجههم ولم يسمح لهم ، أراد الاميركان أن يفرضوا حكومة تابعة لهم ولكنهم لم يتمكنوا كما أرادو أن يبقوا في العراق ويفرضوا الحصانة لجنودهم لكن الشعب العراقي والحكومة العراقية رفضت ذلك فالشعب العراقي حي وواع والحكومة العراقية حكومة مقتدرة وواعية، ولذلك فان الأميركيين إضطروا أن يخرجوا من العراق بدون أن يحققوا مكاسبهم، طبعا هناك تدخلات نفطية وأمنية لابد للشعب العراقي والحكومة العراقية ان يفكرا بذلك في المستقبل.

في القضايا بالداخل الأميركي أيضا يحاول الأميركيون أن يخفوا كل ذلك، لكن أميركا تواجه ضعفا ملحوظا، لا يريدون أن يعترفوا بذلك فأوباما في كلمته قبل أيام في الكونغرس الأميركي لم يشر أقل إشارة الى أن الشعب الأميركي نزل الى الشارع في كل انحاء بلاده منذ أكثر من أربعة أشهر في هذا الطقس البارد ورغم الضغوط البوليسية والضربات المفجعة التي يوجهها رجال الشرطة، لم يشر (اوباما) الى كل ذلك، القادة الأميركيون يريدون أن يخفون كل ذلك، هذه هي حقوق الإنسان في مفهوم الأميركيين.

كما ان أوروبا تعاني من الضعف أيضا فأوروبا ليس في المسائل الإقتصادية والمالية والنقدية فقط هي التي جعلت الشعب يعجز ويغضب، من الناحية السياسية ايضا تواجه القارة الأوروبية ضعفا شديدا، أذكر لكم بعض الأمثلة الحكومة الفرنسية في عصر الجنرال ديغول الذي كان رئيسا لفرنسا، إن حكومة ديغول لم تسمح أن تدخل بريطانيا بالإتحاد الأوروبي لأنهم كانوا يقولون بأن بريطانيا مرتبطة بأميركا وأن العلاقات بين بريطانيا وأميركا ستؤدي الى أن يفقد الإتحاد الأوروبي إستقلاليته ولذلك ديغول لم يسمح لأن تدخل بريطانيا الإتحاد الأوروبي بسبب إرتباطها وتبعيتها للإدارات الأميركية هذا ماكانت عليه فرنسا آن ذاك، واليوم فرنسا هذا الرجل الذي يحكم فرنسا اليوم فهو يكرر ما تقوله الإدارة الأميركية ما تريده وما تنويه فأنه يتبع كل التبعية، هذا هو ضعف القارة الأوروبية وهذا هو الضعف الفرنسي، هذه هي فرنسا وأيضا الدول الاوربية الأخرى هي على نفس هذه الوتيرة، ، فالغربيون اليوم في القضايا الإقتصادية يعانون من الضعف وأيضا في القضايا السياسية وفي القرارات الدولية التي يتخذونها ومنها القرار بمقاطعة إيران، إنهم أرادوا بذلك أن يركعوا الجمهورية الإسلامية وإيران والشعب الإيراني وأن يعاقبوا هذا الشعب بسبب إعتناقه وإيمانه بالإسلام فإنهم هددوا بفرض مقاطعة تشل البلاد أو تؤذي وتزعج ايران ، لكن هذه المقاطعة ستكون لصالحنا إن شاء الله من جهتين، فإننا سنعود الى إستعداداتنا وإمكانياتنا الذاتية وسننمو ونتطور كما تطورنا خلال العقود الثلاثة الماضية، وإذا لم نكن نقاطع في مجال السلاح وفي مجال صناعات العسكرية لم نكن نحقق هذه التطورات الهامة أيضا في مجال التقنية النووية لو كانوا (الغرب) يؤسسون وينشؤون مفاعل بوشهر، لم نكن نتطور في مجال التقنية النووية، إذا لم يكونوا يغلقوا ابواب العلم والمعرفة بوجهنا لم نكن نحقق هذه التطورات في مختلف المجالات العلمية مثل الفضاء والفضائيات، والأقمار الإصطناعية، فليقاطعونا فإننا نتطور وإن ينبوع إستعداداتنا سيزدهر فإن هذا سيكون لصالحنا، هذا من الناحية الأولى.

أما  الناحية الثانية التي اصبحت هذه المقاطعة لصالحنا هي أن هؤلاء يقولون في إعلامهم دائما بأن هذه المقاطعة نفرضها على إيران لنركعها ولنجعلها تتراجع مثلا في مجال التقنية النووية، إذن كل العالم يعرف بأن كل هذه المقاطعة للضغط على إيران للتراجع عن مشروعها النووي وفي سائر القضايا، لكن حينما يلاحظون إننا لا نتراجع ماذا سيحصل؟ إن هذه المقاطعة للضغط على إيران للتراجع وإيران لن تتراجع، النتيجة ماذا ستكون؟ النتيجة ستكون بأن عظمة الغرب والتهديدات الغربية ستحتقرها شعوب المنطقة وستكون مستصغرة في عيون الناس وأيضا سيزداد مجد الشعب الإيراني ووعظمة الشعب الإيراني وهذا لصالحنا في كلا الحالتين، إذن هذه المقاطعة لتوجيه الضربة لنا ولكنها في الحقيقة لصالحنا، نظرا لما قلته، إذن القارة الأوروبية تعاني من القضايا الإقتصادية والمشاكل الإقتصادية، والشعوب الأوروبية غاضبة على ما يحصل وإنني قلت سابقا بأن الشعوب الأوروبية والدول الأوروبية حينما تعلم بأن هذا الضعف الذي يعانون منه هو بسبب التدخل الأميركي وتدخل المنظومة الصهيونية العالمية فإن هذه الإحتجاجات ستتفاقم وستتحول من الجانب الإقتصادي الى نهضة إجتماعية عارمة شاملة وفي ذلك الوقت يجب أن نتوقع وننتظر أن يكون هناك عالم جديد من نوع آخر.

وحول التهديدات الأميركية أقول انهم يهددون دائما، ويقولون بأن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة اي  حتى خيار الحرب، انهم يهددون بالحرب بهذه اللغة، طيب، التهديد بالحرب يضر بأميركا والقيام بشنها عمليا  يضر بأميركا عشرة أضعاف.

والسبب لذلك هو أن هذه التهديدات تدل على العجز الأميركي عن المواجهة الموضوعية والمنطقية ومواجهة باساليب منطقية ، ليس لدى اميرکا منطق في الکلام في مقابل منطق الجمهورية الإسلامية، إنهم لا يتمكنون من أن يخوضوا ميدان المواجهة الفكرية والمنطقية والموضوعية ولا غلبة لهم في هذا المجال ولذلك يضطرون للجوء بالقوة وهذا يعني بأن الإدارة الأميركية لا تعرف إلا القوة ولا منطق لها إلا منطق القوة وسفك الدماء ولا طريق أمامها لتحقيق أهدافها إلا ذلك وهذا يسيء الى سمعة الإدارة الأميركية أكثر مما أسيء إليها في السابق وهذا سيكسر الهيمنة والهيبة الأميركية في عيون شعوب العالم وخاصة الشعب الأميركي ذاته، هذا هو الأمر الذي حدد مصائر الأنظمة، إن نظاما وحكما يفقد سمعته لدى شعبه فإن مصيره سيكون معلوما ومحتوما كما حصل بالنسبة لنظام الإتحاد السوفييتي السابق، فبعض أصحاب الرأي الغربيين قالوا قبل أيام بأن الوضع في أميركا والغرب اليوم يشبه وضع الإتحاد السوفييتي السابق في أواخر الثمانييات حيث أدى كل ذلك الى سقوط وإنهيار الإتحاد السوفييتي فحينما يضعف نظام من ناحية الخطاب والمنطق ويسقط في رأي وفي نظر شعبه فإنه لا أمل لإنقاذه، ولذلك كل هذه التهديدات لن تكون لصالح الإدارة الأميركية وستكون بضررها،  فليعلم الاميرکان وإنهم يعلمون بأننا لا نكترث أبدا بهذه التهديدات بالمقاطعة وبالحظر النفطي ولنا ايضا تهديداتنا التي سنطرحها بوقتها إن شاء الله وسننفذها.

وأما بالنسبة للإنتخابات البرلمانية القادمة أقول لكم بأن الإنتخابات إنها تضفي المسؤولية وتزيد من المسؤولية في البلاد إن ما يحافظ على هيبة هذا الشعب ويحافظ على قوته المعنوية ويضع كل ذلك أمام أعين الأعداء، وإن ما يمنعهم من الإعتداء ويخيفهم هو الحضور الشعبي والجماهيري في الإنتخابات، وأيضا حضوركم في إحياء ذكرى الحادي عشر من شباط/ فبراير القادم  ذكرى  إنتصار الثورة الإسلامية في إيران، وكذلك في الانتخابات كلما كان حضوركم عند صناديق الإقتراع أكثر من السابق وكان حضورا واسعا وجماهيريا فإن هذا سيزيد من سمعة البلاد وسيزيد من حصانتها  أمام إعتداءات الأعداء، إن المشاركة الشعبية الجماهيرية تضمن مستقبل البلاد ومن شأنها أن تشكل برلمانا صالحا قويا لأن هذا المجلس يؤثر على أداء جميع الأجهزة في البلاد، أجهزة الحكومة والسلطة القضائية بل والقوى المسلحة، كل ذلك يؤثر على أداء هذه السلطات، إن مجلسا قويا وبرلمانا قويا وصالحا وسليما له هذه الآثار والبركات ومن يمكن أن يصنع مجلسا كهذا ؟ الجواب هو الشعب، الشعب يؤسس هذا المجلس والعدو لا يريد ذلك فالابواق التي يواجهها هذا الشعب تحاول أن تزرع اليأس في قلوب الناس حتى لا يشاركوا في الإنتخابات النيابية وهناك البعض القلائل في الداخل من دون أن يفهموا ماذا يقولون أحيانا ينضمون الى هذه الابواق ، فأولئك مغرضون وهؤلاء غافلون، علينا أن لا نضخم القضايا الصغيرة، علينا أن لا نطرح أن هناك حالة أزمة، (الاعداء ) يحاولون بكل الوسائل أن يعبروا عن وجود أزمة في إيران، ما هي هذه الأزمة؟ أي أزمة يتحدثون عنها؟ ان العدو لا يريد كل هذه التحركات والنشاطات التي تقوم بها السلطات المختلفة وأبناء الشعب، كما لايريد هذه الحيوية، هذه النشاطات التي نشهدها، هذا الأمن الكامل الذي نشهده بتوفيق من الله سبحانه وتعالى في هذه البلاد والتعاون بين الأجهزة، إذن علينا أن نقوم بتنافس سليم في هذه الإنتخابات، تنافس من دون إتهام الآخرين أو الإساءة للآخرين يجب أن تكون الأجواء في هذه الإنتخابات أجواء نزيهة وسليمة، والشعب من كان منه يعرف المرشحين فليختار منهم حسب تشخيصه وإن لم يكن يعرف أولئك فعليه أن يراجع الأشخاص المتدينين المؤمنين من ذوي البصيرة، کما على من له دور في إجراء الإنتخابات أن يستخدم منتهى الدقة لسلامة الإنتخابات ونزاهتها، وهذا كله من شأنه أن يحقق إنجاز إنتخابات سليمة نزيهة في هذه البلاد ولحسن الحظ فإن الدورات الإنتخابية ال33 التي أجريت في البلاد منذ إنتصار الثورة الإسلامية وحتى الآن كلها كانت إنتخابات نزيهة، وطبعا كان هناك من قام بإعتراضات وإحتجاج وتم دراسة هذه الإحتجاجات وكانت هناك بعض التجاوزات لكن لم تؤد تلك التجاوزات البسيطة الى إثبات عدم نزاهة الإنتخابات، إنني أريد أن أطرح بعض النقاط حول عدم تأييد نزاهة بعض المرشحين من قبل مجلس صيانة الدستور، ثلاث نقاط، النقطة الأولى مجلس صيانة الدستور من الناحية الدستورية عليه أن يحرز نزاهة وأهلية المرشحين وينبغي له أن يثبت نزاهة هؤلاء لكنني أوصيت دائما بأن عليه أن لا يرفع مستوى النزاهة الى مستوى يسقط الكثير من المرشحين، علينا أن نستعمل السماحة وسعة الصدر.

النقطة الثانية البعض يعترض على رقابة مجلس صيانة الدستور وربما يكون الإعتراض بمحله ويجب دراسة مثل هذه الإعتراضات ، لكن علينا أن نعلم بأن الجهة الدستورية المعنية والمسؤولة إذا إتخذت قرارا، علينا أن نقبل بذلك القرار ونتبعه، مثلا إذا أقر البرلمان قانونا فعلى السلطة التنفيذية أو أي جهة أخرى إجراء هذا القانون رغم إعتراضها عليه ، حينما يقوم مجلس دستوري كمجلس صيانة الدستور بإتخاذ قرار يجب على الجميع إتباع هذا القرار.

النقطة الثالثة ، إنني أعلن على الجميع أن يعلموا ، بأن أي شخص لم تثبت نزاهته أو أهليته لخوض الأنتخابات فأن ذلك لايعني عدم أهليته في مجالات أخرى ، فان هذا الشخص لايمكن له المشاركة في الإنتخابات وفق القانون كمرشح إنتخابي لكنه من الممكن أن تكون له صلاحيات أخرى تمكن له المشاركة في الكثير من الاعمال والمجالات السياسية الاخرى، فالذي ترفض أهليته في مجال ما،  لايمكن ان نتعامل معه بأنه ليس لديه أي أهلية.

وأما الموضوع الاخير في هذا المجال، فأن على المسؤولين والمرشحين في الإنتخابات أن يكونوا متيقضين لإحتمال المؤامرات التي يسعى الاعداء لحياكتها في هذه الإنتخابات ، وإن أي شخص لايحرز على أصوات كافية في الأنتخابات فعليه أن يأخذ العبرة مما حصل في الإنتخابات الرئاسية السابقة وأن لايكون أدة بيد الاعداء للتشكيك بنزاهة الانتخابات.

كما أدعو جميع المرشحين في الإنتخابات النيابية وكل من يؤيدهم ، ان يعتبروا أنفسهم مسؤولين عن الامن في البلاد وان يكونوا واعين حيال من مؤامرات الاعداء وأن لاتصب تصرفاتهم بصالح أعداء الثورة وأن لايروجوا للخلافات وعدم الثقة وإنعدام الأمل، حتى تكون الإنتخابات القادمة إنتخابات سليمة ونزيهة بإذن الله تعالى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته