شهادة قاضي داعش : "الدولة" فوق الدين!

الجمعة ٢٨ فبراير ٢٠١٤
٠٣:٣٦ بتوقيت غرينتش
شهادة قاضي داعش : وصل أبو شعيب المصري إلى سوريا الصيف الماضي، وانضم إلى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش). وبسبب تمكنه من العلوم الشرعية، وعدم مشاركته في تجربة جهادية سابقة، تم تعيينه قاضيا في القاطع الغربي من حلب، ثم قاضيا شرعيا في حمص التي صار نائبا لواليها، قبل أن يترك داعش لأسباب شرحها في شهادته التي سربت مؤخرا من دون موافقة الرجل.

وأتبع المصري تسريب اقواله ببيان صوتي يعتذر فيه من أبي بكر البغدادي، أمير "داعش"، بسبب التسريب غير المقصود لرسالة أرادها مناصحة داخلية، مع التأكيد بأن كل ما ورد فيها صحيح، بشهادة القادة الواردة أسماؤهم ضمنها، وحضور آخرين.

إذا، لا تنتمي الشهادة، من حيث الشكل بداية، إلى الانشقاقات المصورة التي تم تبادلها بشراسة بين داعش وخصومها خلال الشهرين الأخيرين، بالتوازي مع الحرب على الأرض. فصاحبها لا يدعو أبناء "الدولة" إلى الانشقاق عنها والانضمام إلى أي تنظيم، بل يدعو الأخيرة إلى إجراء إصلاح من الداخل، مؤكدا أن أبناءها هم "أفضل إخوة" على أرض الشام، وأن المشكلة هي في ثلة من أمراء "الدولة" وكبار قادتها، الذين لا يتورع المصري عن وصفهم بأنهم "عصابة" من المافيا. وفي سرده المنضبط والمفصل لوقائع خلافه مع هؤلاء ما يمكن أن يغني معرفتنا عن داعش بشكل جلي.

فالقاضي، الذي وصل إلى "دولة الإسلام" مدججا بالعدة السلفية التقليدية، أي الكثير من علم الحديث والقليل من الفقه، رغب في البدء فورا بتطبيق الحدود الشرعية المعروفة. ولدهشته، كان التلكؤ والامتعاض ما واجهه من قبل مسؤوليه أنفسهم: والي حلب أبي الأثير، في أول الأمر، الذي طلب منه مراجعة أبي بكر القحطاني، الشرعي الأول في "الدولة". ثم ما لبثت الرقعة أن اتسعت لتشمل أبا علي الأنباري (قاضي القضاة، والرجل الثاني القوي) وأبا بكر العراقي (قتل في بداية الأحداث الأخيرة، وقيل وقتها إنه من يسير البغدادي نفسه)، وآخرين.

بأساليب مختلفة، منها المناظرة الشرعية التي تولاها القحطاني وأبو مسلم المصري الشرعي أيضا، والزجر الصارم والفظ الذي مارسه الأنباري، وحنكة العراقي، وتلويح أبي الأثير بالطرد؛ حاول الجميع ثني القاضي المتحمس عن تطبيق الحدود، متعللين بأسباب بدت له غريبة منهم بالذات، من مثل "المصلحة" ونقص التمكين وضعف "الشوكة".

وبانتقال الخلاف من مستوى إلى آخر، دون تغيير في موقف أبي شعيب، كانت الحلقة حوله تضيق، من الإقامة الجبرية والعزل الموقت إلى الملاحقة والتواري، فالسجن في أقبية "داعش" في الرقة وحلب، حيث اكتشف القاضي ما لم يكن يخطر له على بال: دولة أخرى تحت الأرض يديرها الأمنيون، بقيادة أميرهم أبي عبيدة المغربي، المطواع للقادة ولا سيما للأنباري، والمنقاد لأوامرهم بطاعة عمياء.

عن سجون داعش لا يقول أبو شعيب شيئا جديدا غير ما بات معروفا من التعذيب المبرح بطرق الأجهزة الأمنية نفسها، والاستهانة بحياة المعتقلين لأدنى شبهة، واحتجازهم في شروط غير إنسانية من نواحي المكان وندرة الطعام ونقص مياه النظافة الشخصية حتى بقصد الوضوء. فالمعتقلون في نظر سجانيهم مرتدون، ولا داعي لصلاتهم أصلا.

الجديد فقط أن هذه الشهادة أتت من أحد مسؤولي "داعش"، بخلاف الشهادات السابقة التي جاءت من ناشطين مدنيين وإعلاميين، لا يحظون بصدقية في الوسط الجهادي الذي بلغت مفاصلته مع العالم وشكه في وسائل الإعلام العامة مراحل مرضية، في أغلب الحالات.

خلال مسيرته من المناصب إلى الأقبية، سيكتشف القاضي أن أمراءه لا يرفضون "تطبيق الشريعة" على طول الخط ولا يلتزمون بها على طول الخط، بل يطبقون منها ما يشاؤون عندما يريدون، بدواع متغيرة من المصلحة التي يقدرونها، وأن بعضهم يتغاضى عن تهريب المواد إلى قوات الـ pkk الكردية العدوة المحاصرة، وأن أبا الأثير منح كتاب أمان رسميا لأصحاب معامل في ريف حلب، ممن يعرفون بتمويل "الشبيحة"، للقدوم إلى الأراضي التي تسيطر عليها "داعش" والتفاوض على مبالغ مالية للحفاظ على معاملهم، وأن الأنباري يكذب ويخفي ذراعه الأمني القذر عن متوسطي الشرعيين وعن القواعد.

0% ...

آخرالاخبار

الأردن يضرب مواقع داعش في سوريا ضمن 'التحالف الدولي'


إصابة شاب برصاص جيش الإحتلال قرب مخيم نور شمس


البرازيل تحذر من التدخل العسكري في فنزويلا


البرلمان الجزائري يواجه إرث الاستعمار الفرنسي في بلاده


رغم الحرب والدمار.. رسائل أمل في ختام مهرجان غزة السينمائي للأطفال


عقبات تحبط خطة السلام الأمريكية في أوكرانيا


الحرب في أوكرانيا.. تقدم تفاوضي حذر وسط اشتداد المعارك في الميدان


تحرك يوناني إسرائيلي قبرصي ضد تركيا في شرقي المتوسط + فيديو


محادثات ميامي بشأن غزة تبحث المرحلة الثانية من الاتفاق + فيديو


دوريات للإحتلال تخترق القنيطرة وتقطع طرقاً