ورأى مناع في مقابلة مع صحيفة "رأي اليوم" يوم الثلاثاء، أن الحكومة الكويتية "فشلت في اتخاذ اي اجراء صارم تجاه ممولي (داعش) وجبهة النصرة، وأن السياسة السعودية "تهدف للتخلص من المتطرفين في المحرقة السورية".
وكشف مناع أنه قرر الاعتكاف بعيداً عن الأضواء منذ تركه منصب رئيس فرع المهجر في الهيئة بسبب حاجته لفهم معمق لكل أطرف الصراع ومكوناته في سورية، واعتبر أن آفاق التعاون بين الحكومة السورية والإدارة الاميركية ضد تنظيم (داعش) لا يمكن تصوره بدون وسطاء.
واضاف: اعتكفت لأنني بحاجة أولاً لفهم معمق لكل مكونات وأطراف الصراع في سورية ومآل ووضع كل منها، وقد استفدت كثيراً من قيام الليل مع الكتب والتقارير والسكايب المباشر والاستماع للشهادات والتوثيق لكل ذلك، وثانياً لأننا بحاجة لإعادة بناء المعارضة الديمقراطية، وبكل تأكيد مشروع جماعي طموح كهذا لديه من الأعداء أكثر مما لديه من الأصدقاء والعمل بصمت فيه أجدى من الضجيج الإعلامي.
وحول امكانية تحرك جدي من الأمم المتحدة ضد (داعش)، قال منّاع، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان "علاقتنا بمؤسسات الأمم المتحدة في موضوع الإرهاب والحرب عليه تعود إلى عام 2001، حين حاولت المؤسسة الدولية أن تتبع خطوات الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في حربه على الإرهاب بعد عولمة الإدارة الأمريكية لحالة الطوارئ وممارستها ضغوطاً على الجماعة الدولية لتغطية قراراتها القومية، وقدّمنا عدة مذكرات تؤكد أن الحرب على الإرهاب لن تنجح إذا لم تحترم المعايير الأساسية لحقوق الإنسان لأن أي انتهاك من قبل الدول الكبرى لهذه المعايير سيعزز الإرهاب عوضا أن يكافحه، وطالبنا بإغلاق السجون السرية والقوائم الاعتباطية السوداء وقرارات إغلاق جمعيات إسلامية لمجرد الشبهة أو تقرير أمني إسرائيلي المصدر".
العلاقات الروسية الامريكية في أسوأ حالاتها ولاتحرك ضد داعش عبر مجلس الامن
وكشف بأنه مسؤولاً أممياً "طلب منه بنهاية العام الماضي تقريراً مكثفاً عن الجماعات الجهادية شرق المتوسط وسمع منه عجائب وغرائب بعد قراءته التقرير، وأن أكثر من طرف سوري تقدم بتقارير تثير الإشمئزاز لما فيها من معلومات اعتباطية ومغلوطة، مما جعل العلاقة تسوء مع عدة أطراف في الأمم المتحدة".
وقال مناع إن مندوب دولة عضو في مجلس الأمن الدولي "سأله في تشرين الأول/اكتوبر 2013 عن أسباب تركيزه في تقريره عن الجماعات الجهادية على تنظيم (داعش) وجبهة النصرة وأحرار الشام، وأبلغه أن أكثر من قيادي في الائتلاف السوري المعارض أكدوا له أن القضاء على (داعش) لا يحتاج لأكثر من 48 ساعة، وأجابه على الفور: ألم يقولوا لكم أيضاً إن علي مملوك (رئيس مكتب الأمن الوطني في سوريا) هو صانع داعش؟". وعندما اجتاح تنظيم (داعش) مدينة الموصل العراقية اتصل بنا كل هؤلاء طالبين رأينا وتقييمنا لما يحدث.
وعن احتمالات أية تحركات عملية خارج التحالف المقترح أمريكياً، رأى منّاع "أن هناك مشكلتين أساسيتين، الأولى هي أن سفيراً روسياً أخبرني قبل أيام بأن العلاقات الروسية ـ الأمريكية أسوأ مما كانت عليه أيام الحرب الباردة وهذا يعني أن العمل في نطاق مجلس الأمن محدود السقف. والمشكلة الثانية أن قرار مجلس الأمن الأخير فيه مساحات رمادية واسعة لا تسمح للحقوقيين بالتحرك القانوني الجدي ضد كل من يموّل أو يسمح بالحركة الحرة أو يمد بالسلاح جماعة إرهابية".
التعاون بين الحكومة السورية وامريكا ضد "داعش" لا يمكن تصورة بدون وسطاء
وحول امكانية قيام الولايات المتحدة وحلفائها بتوجيه ضربات جوية إلى معاقل (داعش) في سوريا من دون تصديق من الأمم المتحدة وتعاون مع الحكومة السورية، قال منّاع "أولاً الشرعية الدولية ليست هماً رئيسياً للقوى العظمى، أما التعاون بين الحكومة السورية والإدارة الأمريكية فمن الصعب تصوره في ظل الظروف الراهنة بدون وسطاء إقليميين أو دوليين وانفراج حقيقي في أفق المسار السياسي. وهناك مشكلة كبيرة اليوم أن يضاف لمحاور الحرب القذرة المستعرة في البلاد محوراً جديداً هو المواجهة الأمريكية ـ السورية".
وحول أسباب تموضع تنظيم (داعش) في سورية وبلاد الشام تحديداً حيث أعلن إقامة الخلافة، قال منّاع "إن عمليات تنظيم القاعدة بدأت في الجزيرة العربية قبل سوريا، لكن أجهزة المباحث والمخابرات في السعودية تمكنت من توجيه ضربة قوية للتنظيم واعتقال أكثر من تسعة آلاف من أعضائه ومناصريه والمحيطين به، بينما حافظت قطر على خيوط متعددة مع طالبان والقاعدة وعلاقتها بجبهة النصرة أشهر من نار على علم، ووجدت الحكومة الكويتية نفسها محاصرة من حركة سلفية قوية وتركيب عشائري معقد وفشلت في اتخاذ أي إجراء صارم تجاه ممولي (داعش) والنصرة".
سياسة بندر بن سلطان هدفت للتخلص من المتطرفين في المحرقة السورية
واضاف أن قرارات السعودية "كانت صارمة مع أية جماعة على علاقة بتنظيم القاعدة حتى قبل قراراتها الأخيرة ضد الإرهاب لخشيتها من أي ارتداد داخلي عليها، ولعل هذا من أهم أسباب ولادة الجبهة الإسلامية بدعم سعودي واضح لجيش الإسلام، فيما كانت سياسة الأمين العام لمجلس الأمن الوطني السعودي الأمير بندر بن سلطان تهدف للتخلص من المتطرفين في المحرقة السورية. وهذه الفترة هي التي حملت للعراق وسوريا آلاف المقاتلين من السعودية، فيما اعتمد تنظيم (داعش) سياسة تقوم على منح المهاجرين مكافأة الشهادة في أول فرصة متاحة، ومن الملفت للنظر أن معظم العمليات الانتحارية يقودها غير عراقيين".
وفيما رأى "أن الحشد الإعلامي للجهاد في سوريا وصرخات العويل القرضاوية والسلفية ساهمت كثيراً في توجه الشبيبة إلى العراق وسوريا وأن الإعلام الوهابي في التعبئة المذهبية"، حذّر من أن كل هذا الحشد "لا يكفي لإبعاد هؤلاء التكفيريين عن فكرة الموت قرب الكعبة الشريفة".
وحول قدرة المبعوث الأممي الجديد إلى سورية ستيفان دي ميستورا على تحقيق أي تقدم ملموس في ظل الحشد الدولي ضد تنظيم (داعش)، قال منّاع "إن الكفاءة الشخصية لم تعد مشكلة أي مبعوث أممي إلى سوريا، وكوني لا أعتقد كثيرا بالمعجزات أنظر إلى الموضوع ضمن معادلة مركبة صعبة لا يمكن في ظروفنا الحالية فك رموزها، ولكن وكما يقول المثل الانجليزي: نصف رغيف أفضل من غياب الخبز".