ما هو السر الخطير وراء الصراع التركي الأمريكي على منبج؟

ما هو السر الخطير وراء الصراع التركي الأمريكي على منبج؟
الأحد ٢٩ أبريل ٢٠١٨ - ٠٤:٥٠ بتوقيت غرينتش

في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن معركة منبج التي يعتبرها الأتراك من المنظور المكاني والزماني مصيرية ، وقد تكون ثاني أكبر معاركهم بعد عفرين في الوقت الحالي . الأسباب المباشرة لها قد تكون لمنع إقامة دويلة كردية على حدودهم ومنها لردع التفكير المماثل بالإشارة إلى أكراد تركيا ، وتقليص التطلعات الأمريكية الداعمة لهذا المشروع واستعادة الهيبة في المنطقة، وهناك أسباب أخرى أكثر تطلعاً.

العالم - مقالات
الأمر الغاية في الغرابة في منبج هو التواجد الأمريكي فيها .. فالتاريخ وعلى مدار حقبه لم يسجل هكذا تواجد مثلما يسجله اليوم وهو أمر يحسب له كل من الحكومة السورية والإيرانية والروسية والتركية حساباً كبيراً. ولم تكن قفزة الفرنسيين في مستنقع الصراع عن غفلة، وإرسالهم جنوداً إلى منبج إلا بمطامع احتلال قديمة لسورية، ففرنسا وجدت موطىء قدم لها في الشمال السوري الذي قدمت فيه مساهمات على مدار سبع سنوات من أعمال تحصينات و هندسة أنفاق و خطط وتدريبات ولا يترجم ظهورها الفجائي حمايةً لهذه المساهمات بقدر ما يترجم إعادة التاريخ إلى الوراء.

الشمال السوري الذي تتراكم فيه الحضارات و تتزاحم فيه الجيوش كان مسرحاً كبيراً لحروب طاحنة على مدار التاريخ. انتزعه الفراعنة المصريين من الحثيين قبل3300 عام في معركة قادش، وانتزعه الفرس من الفراعنة ، ثم الروم من الفرس ، ثم المسلمون من الروم حتى باتت منبج فيه ثغراً استراتيجياً مهماً، وهو ماحدا بهارون الرشيد أن لقّبها ” قاعدة العواصم”.

اليوم، تبقى ذات المنطقة مسرح للعمليات والتزاحم وبالأخص (منبج) التي تُعتبر بوابة الجهة الشامية وأول مدنها و حاضرة مدن الشمال. اتخذتها "داعش" مركز إمداد وتموين و مكان آمن لإقامة قادتها ، فسمتها جريدة التلغراف البريطانية “لندن المصغرة” لكثرة البريطانين الدواعش فيها. وتتخذها اليوم وحدات حماية الشعب الكردية الشريان الإقتصادي لشمال سورية إذ تنشط فيها الحركة التجارية ونقل البضائع إلى مناطق القامشلي و الرقة و الحسكة و شرق دير الزور، يقطنها ما يقارب الـ 400 ألف نسمة من مختلف المناطق السورية.

تركيا تصرّ على إنتزاعها رغم العراقيل الجسيمة المتمثلة في تمسك أمريكا بها، تلك التي استقدمت جنوداً إضافيين وحصنت قاعدتها فيها، ومؤخراً توافد جنود فرنسيين إليها. في المقابل تمركزت القوات الحكومية السورية مع قوات روسية وإيرانية على تخومها. يمكن القول أنها ذات الوقائع قد تتكرر بتاريخ مختلف ووتيرة أسرع.

بالتدقيق في التقويم العثماني القديم، تتضح خارطة الزحف التركي إلى منبج. فتركيا التي دخلت جرابلس السورية المحاددة لها في 24/ اغسطس محاكاةً لـ (معركة مرج دابق) شمال حلب التي انتصر فيها العثمانيون على المماليك في سورية ، زحفت إلى عفرين في22/ يناير محاكاةً لـ (معركة الريدانية) التي أنهى فيها العثمانيون حكم المماليك على مصر. وقد تبدأ معركة منبج في 29/إبريل من هذا الشهر محاكاةً لـ (معركة الكوت) العراقية التي إنتصر فيها العثمانيون على الإنكليز والفرنسيين إنتصاراً هو من أعظم إنتصارات الجيش العثماني في التاريخ بعد إنتصارهم الأول في معركة جناق قلعة. هذه المعركة قاتلت فيها قوات تركية و قوات عربية جنباً إلى جنب من أجل المصير المشترك ،وقد تتكرر الواقعة في (معركة منبج) بقوات تركية وعربية أيضاً.

مع كل هذا، يبقى سبب التمسك الأمريكي في منبج غريباً لا يبرر حمايتهم للأكراد الذين يسيطرون عليها منذ عام ونصف تقريباً. لكنّ أربعة شاحنات ضخمة شوهدت في منبج قبل عام ثم تكرر مشاهدتها منذ أيام قد توضح السبب. ما يعني أن منبج قد خضعت لعمليات المسح النوعي الثقيل و النشاط الزلزالي السلبي بالموجات المرسلة بحثاً عن رواسب الهيدروكربون، ومعاودة هذه الشاحنات الإستكشافية منذ أيام يأتي للتأكيد على المؤشرات الإيجابية لوجود النفط فيها . وبطريقة غير مباشرة تسربت إفادة من أحد المطلعين أن منبج تطفو على بحيرة نفطية من النوع الذي يجعل التمسك الأمريكي بها أمراً ضرورياً ونوعياً ويصعب التخلي عنها في المستقبل القريب إلى جانب المناطق النفطية الأخرى ، لكن هكذا موضوع يبقى رجماً في الغيب مالم تصدق الرؤيا..!

علي الباشا / رأي اليوم

109-4