زواج القاصرات.. صراع مستمر بين العرف والقانون!

زواج القاصرات.. صراع مستمر بين العرف والقانون!
الأحد ٢٦ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٥:٢٨ بتوقيت غرينتش

14 مليون فتاة قاصر يتم تزويجها سنوياً في مختلف دول العالم وبحسب هيئة الأمم المتحدة تتصدر الهند عدد حالات زواج القاصرات، بما يقدر بعشرة آلاف حالة.. كما تنتشر حالات زواج القاصرات بشكل كبير في بعض البلدان الإفريقية، حيث تصل النسبة إلى 58% في دول النيجر وتشاد وإثيوبيا وغينيا.

العالم - تقارير

يعتبر زواج الأطفال قضية عالمية ولا تقتصر على دول الوطن العربي، لكن يزيد عددها في البلدان النامية بصفة عامة وتكثر في المناطق الريفية بالأخص، بينما تقل في المناطق الحضرية، حيث ترى الأسر أن الأولوية تعود إلى التعليم والعمل قبل الزواج، وفقًا لهذه الرؤية الاجتماعية، تبلغ نسبة الفتيات اللواتي يتزوجن في سن مبكر في الأرياف ضعف تلك المسجلة في المناطق الحضرية.

حيث هناك العديد من الأسباب التي تؤدي الى انتشار هذه الظاهرة منها الفقر والجهل وغيرها لكن الأسباب الأكثر شيوعاً والتي يصعب كثيراً تبديلها هي العادات والتقاليد التي يمنع التخلي عنها أو معارضتها. 

ويؤكد صندوق الأمم المتحدة للسكان، على أن زواج الأطفال يعد انتهاكًا مروعًا لحقوق الإنسان ويسرق الفتيات من تعليمهن وصحتهن وتطلعاتهن على الأمد الطويل معتبرا زواج الفتاة حينما هي طفلة ،يحرمها من استكمال إمكاناتها.

وهناك تتعدد العواقب الاجتماعية والنفسية الناتجة عن زواج الفتيات في سن صغيرة، والمشكلة لا تتوقف فقط على عمر الفتاة أو عدم بلوغها سن الرشد، بل تكمن الصعوبة هو بما تتعرض له الفتيات خلال هذه الفترة من تحديات ومسؤوليات قد تكون أكبر من قدرتها على التحمل.

من هذه العواقب:

العنف: في هذا الخصوص، صرح صندوق الأمم المتحدة أن الفتيات القاصرات المتزوجات يتعرضن أكثر من غيرهن للعنف من الشريك، سواء من خلال المعاملة اليومية أو الحياة الجنسية التي تعيشها والتي كان من الممكن تجنبها لو تزوجن بسن أكبر.

سلب الحقوق: تحرم الفتيات في هذا السن من فرصة التعليم والعمل، وبسبب الواجبات المنزلية والزوجية فإن تطلعاتها وطموحاتها تصبح بعيدة المنال، وهذا يعتبر انتهاكًا لحقها في الحصول على التعليم ومنعها من اكتساب المهارات المهنية والحياتية، وبحسب الإحصائيات فإن نسبة الفتيات اللواتي لم يتلقين أي تعليم هي أعلى بثلاث مرات من نسبة اللاتي حصلن على تعليم ثانوي أو تابعن دراسات عليا.

الصحة الجسدية: تحذر المنظمة من مخاطر عمليات الحمل والولادة على صحة الفتيات القاصرات، وتبين أن السبب الرئيسي للوفاة بين الفتيات في الفئة العمرية 15 إلى 19 سنة هو مضاعفات الحمل والولادة، وانعدام الوعي الصحي اللازم للاهتمام بصحتهن خلال هذه المرحلة من تكوين الجسم.

سلب الحقوق: تحرم الفتيات في هذا السن من فرصة التعليم والعمل، وبسبب الواجبات المنزلية والزوجية فإن تطلعاتها وطموحاتها تصبح بعيدة المنال، وهذا يعتبر انتهاكًا لحقها في الحصول على التعليم ومنعها من اكتساب المهارات المهنية والحياتية، وبحسب الإحصائيات فإن نسبة الفتيات اللواتي لم يتلقين أي تعليم هي أعلى بثلاث مرات من نسبة اللاتي حصلن على تعليم ثانوي أو تابعن دراسات عليا.

وهناك اتفاقية دولية لحقوق الطفل صدرت عام 1989، تنص على أن كل إنسان لم يتجاوز سن 18 يعتبر طفلًا وتزويج الأطفال في هذا السن لا يتماشى مع الاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان.

لكن قد تتعمد بعض الأسر أو المجتمعات على الاستناد إلى حوادث تاريخية حدثت فيها حالات زواج بسن مبكر لدوافع مختلفة لا يمكن مقارنتها في العصر الحالي، وفي الوقت الذي تعامل فيه المرأة على أنها جزء من تنمية المجتمع من خلال مشاركتها في جميع المجالات المختلفة، إلا أن الحقيقة تقول إن الأعراف الاجتماعية تهزم كل القوانين المدنية والاتفاقيات الدولية.

وعلى الرغم من وجود قوانين تحظر زواج الفتيات تحت سن 18 في بعض الدول، خاصة العربية منها، إلا أن هذه القوانين تتخللها الكثير من الاستثناءات والتحايلات، بجانب الأعراف الاجتماعية التي تعتبر أن الزواج المبكر هو قاعدة اجتماعية، وأي حالة عكس ذلك، تدخل ضمن التصنيفات الاجتماعية السلبية التي تنقض من قيمة المرأة.

فمثلًا تجبر المجتمعات اليمنية والتي تحكمها العقلية القبلية الأسر على أخذ قرار الزواج المبكر، أما في المجتمع السوداني فالدافع الأول لزواج الأطفال هو تفشي الفقر والجهل، وفي مصر تلجأ الأسر إلى تزويج فتياتهن لرفع المسؤولية عنهم بسبب غلاء المعيشة والعوز.

فمرت أعوام كالدهر على أبٍ ألقى طفلته في عالم مظلم بـ"ورقة عُرفي"، مكتفيا بـ"كلمة" من عائلة تنتشر ظاهرة الزواج بالقاصرات في عدد من بلدان في العالم وعالمنا العربي لا يشكل استثناء بطبيعة الحال، وأصدرت منظمة "أنقذوا المرأة" كمنظمة دولية لها العديد من الفروع، تقريرًا يستكشف أسوأ وأفضل دول العالم فيما يتعلق بظاهرة زواج القاصرات.

وجاءت النرويج وسلوفينيا وفنلندا وهولندا والسويد كأفضل الدول، فيما تذيلت القائمة دول "النيجر وأنجولا ومالي وإفريقيا الوسطى والصومال".

وعلى الرغم من أن زواج القاصر مخالف للدستور والقوانين والمعاهدات الدولية، فإن المفاجأة أن "هذا الفعل لا يعاقب عليه القانون العربي"، وخاصة في مصر حيث لا توجد جريمة لمن قام بالزواج من قاصر أو تزويجها، وإذا قام الشخص بهذا الفعل فلا يمكن محاكمته إلا إذا اقترن هذا الفعل بجريمة التزوير المنصوص عليها فى قانون العقوبات ، ولا يوجد إلا تجريم وحيد مستقل لهذا الفعل منصوص عليه فى المادة 227 من قانون العقوبات، وهي تعاقب عن عدم إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا فقط، فضلاً عن العقوبة الخاصة بالمأذون الذي يقوم بتزويجهم!!!.

الزواج بالقاصرات في البلدان العربية حسب الإحصائيات ...

السعودية

 لا توجد إحصاءات رسمية تؤكد الأرقام، ففي حين ذكرت بعض التقارير أن عدد الزواج بقاصرات يتجاوز 5 آلاف فتاة وهناك تقارير أخرى تنفي هذه الأرقام وتحصرها بست حالات فقط. الجدل قائم وموجود منذ مدة طويلة خصوصاً، وأن تزويج القاصرات سنة العرف القبلي في السعودية. ومنذ عام 2013 تدرس وزارة العدل سن قانون تحديد سن الزواج ولكن جهودها كانت تصطدم بفتوى رسمية من مفتي عام السعوديةـ والتي  تجيز هذا النوع من الزواج.

 الإمارات

أيضاً في الإمارات لا توجد إحصائيات رسمية توضح نسبة زواج القاصرات. وفق القانون الإماراتي يمنع زواج شخصين يتجاوز عمر أحدهما ضعف عمر الىخر. وفي حال كان عمر أحد الزوجين أقل من 18 عاماً فيجب الحصول على موافقة رئيس محكمة الأحوال الشخصية. لكن وفق إحصائية لليونيسف فإن ٥٥٪ من النساء الإماراتيات اللواتي لم يبلغن العشرين بعد متزوجات.

اليمن

نسبة زواج القاصرات في اليمن ومنذ العام ٢٠٠٩ ورغم كل الجهود في تزايد مستمر. أظهرت دراسة لمركز الرصد والحماية في منظمة سياج أن ما لا يقل عن ٦٠٪ من الفتيات اليمنيات يتزوجن قبل بلوغ ١٨ عاما في حين تتزوج أخريات بنسبة تراوح ما بين ٣٠ و ٤٠٪ قبل بلوغهن الـ15 عاماً. تختلف أماكن تركز تزويج القاصرات، وتتفاوت النسب من منطقة إلى أخرى. فهي منتشرة جداً في الأرياف التي يعيش فيها ٧٠٪ من السكان.

 المغرب

تم إصدار مدونة الأسرة عام ٢٠٠٤ والتي تحدد سن الزواج بـ ١٨ عاماً. لكن الواقع يؤكد أن الالتزام بالقانون شبه معدوم. ووفق الإحصائيات نسبة زواج القاصرات في المغرب هي ١٦٪.

مصر

 على الرغم من تحديد القانون المصري الحد الأدنى للزواج بـ ١٨ عاماً فإن نسبة القاصرات المتزوجات في مصر  هي ١٨٪ من نسبة الفتيات المتزوجات.

لكن النسبة هذه غير دقيقة وعلى الأرجح النسبة الفعلية أكبر بأشواط لأن الأمر لا يقتصر على الزواج الطبيعي المتعارف عليه بل ينتشر في مصر زواج المتعة للقاصرات والزواج بنية الطلاق، وحتى إرغام القاصر على الزواج العرفي.

 سوريا

وفق الإحصائيات فإن نسبة تزويج القاصرات هي ١٣٪ لكن لا يمكن اعتبارها نسبة دقيقة على الإطلاق خصوصاً وأن الأخبار تتحدث عن كارثة غير مسبوقة بعد النزوح. ما يحدث في مخيمات النزوح أشبه بقصص رعب لا يتصورها عقل أو يتقبلها ضمير بشري. تزويج القاصرات ليس محصوراً فقط بالمخيمات، بل بمناطق نزوح السوريين بشكل عام .

الأردن

 القانون الأردني يحدد سن الزواج بـ ١٨ ويجيزه لمن أكمل الـ ١٥ عاما شرط موافقة القاضي. نسبة زواج القاصرات في الأردن هي  ٨٪ لكنها أيضاًَ نسبة غير دقيقة في ظل الحديث عن ارتفاع كبير جداً في أعداد القاصرات المتزوجات خلال السنوات الثلاث الماضية.

ففي العام ٢٠١٥ كان عدد القاصرات المتزوجات قد بلغ ١٠٨٦٦ حالة مقابل ١٠٨٣٤ للعام ٢٠١٤.

لبنان

يعود الاختصاص في تحديد سن الزواج في لبنان إلى المحاكم الدينية وليس المدنية. المسلمون يحددون سن الزواج بـ18 سنة لدى الفتيان وبين 14 و17 سنة لدى الفتيات. أما لدى المسيحيين، فهذه السن تراوح بين 16 و18 سنة لدى الفتيان وبين 14 و18 سنة لدى الفتيات.

 لكن لا التزام بكل هذه القوانين وزواج القاصرات اللواتي لم يبلغن العاشرة من عمرهن منتشر خصوصاً في الأرياف ووفق الإحصائيات نسبة زواج القاصرات هي ٦٪ .

 العراق

 ٢٤٪ من القاصرات العراقيات متزوجات. المشكلة تكمن في القانون العراقي الذي يحدد سن الزواج بين ١٥ و ١٨ عاماً وما فوق والذي لا يلتزم به أحد.

وأيضاً وفق القانون فإنه حتى لو تم تزويج القاصر رغماً عنها ففي حال كانت في سن السابعة أو التاسعة وأرغمت على الزواج من قبل والدها فالزواج صحيح أما إن أجبرت من قبل الأخ أو العم فعليها الانتظار لسن الرشد كي تتمكن من الغاء الزواج !

 نسب أخرى

نسبة زواج القاصرات في موريتانيا ٣٤٪، فلسطين ٢١٪، الجزائر ٢٪ ، تونس ٢٪، السودان ٥٢٪ ، الصومال ٤٥٪، جزر القمر ٣٢٪ و ٥٪ في جيبوتي.

والحاصل ...

إن زواج القاصرات موروث اجتماعي منتشر خاصة بالمناطق الريفية، وترجع أسبابه الرئيسية غالبا إلى الفهم الخاطئ للدين والتقيد بالتقاليد والأعراف البالية، إضافة على الفقرة والحاجة، واستمرار هذه الظاهرة قد يؤدي الى نتائج وخيمة تعود على الفرد والمجتمع بالخسران المبين، مدارستها عاتقة على رقبة المسئولين والقوة المقننة في كل بلد.