هل تنجح تركيا في إقامة "منطقة آمنة" شمالي سوريا؟

هل تنجح تركيا في إقامة
الأحد ٢٠ يناير ٢٠١٩ - ٠٧:٤٠ بتوقيت غرينتش

فيما أكدت تركيا استعدادها لتنفيذ عملية عسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة اميركياً استحوذت فكرة إقامة "منطقة آمنة" شمالي سوريا على جزء كبير من الجدل الدائر حول مستقبل هذه المنطقة حال تنفيذ واشنطن إعلانها بالانسحاب من سوريا. ولا تزال تفاصيل الخطة المزعومة التي تحاول أنقرة وواشنطن الاتفاق عليها غامضة خاصة فيما يتعلق بالجهة التي ستتولى إقامة المنطقة وإدارتها.

العالم- تقارير

باستثناء المكالمة التي جرت بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الامريكي دونالد ترامب حول إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا، لم تجر بعد مباحثات تفصيلية حول هذه الفكرة التي ستبقى رهن القبول أو الرفض الأمريكي.

فبعدما أعلن اردوغان أن تركيا ستتولى تشکيل "المنطقة الآمنة" في شمال سوريا، أوضح وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن المباحثات ستحدد ما إذا كان هناك تطابق أو خلاف في تفكير تركيا والولايات المتحدة بشأن طبيعة "المنطقة الآمنة".

وستبقى تفاصيل الخطة التركية واهدافها مجرد تكهنات ما لم يتم تطبيقها على أرض الواقع في ضوء شكوك المراقبين بوجود ارادة حاسمة لدى واشنطن للقبول بتنفيذها رغم اعلان السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، في ختام زيارته لأنقرة أن على واشنطن أن تتعامل مع مشكلة وحدات حماية الشعب الكردية بشكل يرضي تركيا.

وليس هذا فحسب؛ اذ أن أنقرة ستكون مضطرة للتوصل الى تفاهمات بهذا الشأن مع روسيا أيضاً التي أكد وزير خارجيتها سيرغي لافروف على ضرورة أن تعود جميع الأراضي التي ستنسحب منها القوات الأمريكية للحكومة السورية، في رسالة مباشرة لأنقرة.

وفي الوقت نفسه، تحافظ دمشق التي وصفت إعلان أنقرة السعي لإقامة منطقة آمنة شمال سوريا بالاحتلال مع التوعد بالدفاع عن أراضيها، تحافظ على موقفها الرافض لأية مقترحات لا تتضمن عودة هذه المناطق بالكامل إلى سيطرة الحکومة السورية، وإن كان ذلك لم يمنع كلاً من دمشق وموسكو من الانخراط في مفاوضات منفصلة مع الاكراد من جهة والاتراك من جهة اخرى في محاولة للتأثير على تشكيل ملامح المرحلة المقبلة لمناطق شرق سوريا الغنية بالنفط والثروات الأخرى.

أما في ما يتعلق بنظرة الأكراد لـ"المنطقة الآمنة"، وبعد رفض أولي للفكرة، اعلنت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والتي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري، دعمها لإنشاء "المنطقة الآمنة"، معربة في الوقت نفسه عن أملها في الوصول إلى تفاهمات مع الجانب التركي. وأضافت في بيان، أنها ستقدّم "كل الدعم والمساعدة لتشكيل المنطقة الآمنة التي يتم تداولها حول شمال وشمال شرق سورية، بما يضمن حماية كل الإثنيات والأعراق المتعايشة من مخاطر الإبادة، وذلك بضمانات دولية"، لکن تأييد "قسد" لهذا الأمر يأتي "في سياق مختلف ومشروط، وبالتالي هم يتحدثون عن منطقة عازلة تحت إشراف دولي لا دور لتركيا فيها" وهذا ما لا ترضی به ترکيا.

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماظ، في حديث مع "العربي الجديد"، إن التصور التركي لـ"المنطقة الآمنة" يختلف كثيراً عن التصور الأميركي، فالأميركيون "يريدون إنشاء حزام أمني لحماية المسلحين الأكراد، بينما تركيا تريد إقامة منطقة مطهرة من الجماعات المسلحة تحت إشرافها، توفر الأمن لسكانها ولتركيا، كما تؤمن عودة اللاجئين". واستبعد يلماظ حدوث توافق في هذا الخصوص بين تركيا والولايات المتحدة، على غرار اختلافهما في تفسير مسألة الانسحاب الأميركي من سورية.

فالخلاف بين الاطراف المعنية وغير المعنية سيد الموقف. ويتوقع أن تتصدر مقترحات المنطقة الآمنة ومصير شمالي سوريا بشكل عام مباحثات القمة الروسية – التركية التي ستجمع أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو في الثالث والعشرين من الشهر الجاري.

ووفق المصادر الترکية فان المنطقة الآمنة ستكون بعمق 32 كيلومتراً وبعرض 460 كيلومتراً وانها سوف تشمل مناطق من ثلاث محافظات سورية وهي حلب وإدلب والحسكة وسوف تشمل المناطق الواقعة شمالي الخط الواصل بين قريتي صرّين (محافظة حلب) وعين عيسى (محافظة الرقة).