تدمير مطار كربلاء استكمال لتقرير "الحرة" المقيت

تدمير مطار كربلاء استكمال لتقرير
السبت ١٤ مارس ٢٠٢٠ - ٠٢:١٤ بتوقيت غرينتش

على الرغم من أن ادارة قناة الحرة الأميركية أكدت أن التقرير الذي بثته القناة في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي ضمن برنامج (الحرة تتحرى) لم يكن يستهدف المرجعية الدينية في العراق، ولكن طريقة اعداد وانتاج البرنامج كانت تريد الايحاء للمشاهد بأن المرجعية الدينية في العراق بؤرة كبيرة للفساد وبكافة أنواعه.

البرنامج يسلط الضوء بشكل رئيسي على العتبتين الحسينية والعباسية في مدينة كربلاء المقدسة اللتان تحظيان بدعم مباشر من قبل المرجعية الدينية في العراق وخاصة من قبل سماحة السيد علي السيستاني، واذا عرفنا أن الذي يقف وراء بناء مطار كربلاء ويمول هذا المشروع الاستراتيجي هو العتبتان الحسينية والعباسية، لوصلنا الى قناعة أن الادارة الاميركية تتعمد استهداف المرجعية الدينية في العراق، وانها تسعى الى تشويه صورتها سواء عبر وسائل اعلامها (كالذي فعلته قناة الحرة) أو تدمير مشاريعها (كالذي فعلته قواتها في مطار كربلاء).

بغض النظر عن تصريحات القائمين على مشروع مطار كربلاء، فإن كافة وسائل الاعلام التي زارت المطار لم تعلن في تقاريرها التي بثتها عن وجود ثكنات عسكرية أو آثار لمخازن أسلحة أو جنود في المطار، وانما الصواريخ الخمسة التي قصفته سقطت على مكاتب ومرافق مدنية للمطار، مما يتعارض بشكل أساسي مع الرواية الأميركية من أنها قصفت مقرات ومستودعات أسلحة للحشد الشعبي في عدة مناطق من العراق.

لاندري لماذا تستهدف الولايات المتحدة الأميركية المرجعية الدينية فما عدا موقفها في بداية الاحتلال الأميركي للعراق والذي رفضت فيه كتابة الاميركيين للدستور العراقي وطالبت العراقيين بكتابته؛ لم يصدر من قبل المرجعية مواقف عنيفة وشديدة ضد الولايات المتحدة، فهل يا ترى أن واشنطن احتفظت لنفسها حق الانتقام لقضية كتابة الدستور واليوم نفذت الانتقام، أم انها تنتقم من الفتوى الخالدة للمرجعية والتي أنقذت فيها العراق من قذارة داعش عندما دعت الى تأسيس الحشد الشعبي، الذي لعب دورا رئيسيا في القضاء عليه وتطهير العراق من قذارته بعد أن دنس مساحات واسعة فيه؟

لاشك أن الانتقال من التشويه الاعلامي الى المواجهة العسكرية وقصف المواقع أو المنشآت التابعة بطريقة أو بأخرى للمرجعية يجعل ردة الفعل تختلف، فسواء كان سبب القصف الاميركي لمطار كربلاء انتقاما لقضية الدستور أو فتوى تأسيس الحشد الشعبي أو أي سبب آخر فان أول نتيجة عكسية للقصف والتي من المؤكد أن واشنطن ستندم عليه هو أن عدوا جديدا سيضاف الى أعداء الولايات المتحدة في العراق، وربما لا يعرف الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما هو حجم وثقل المرجعية في العراق، بل ربما لا يعرف مستشاروه ذلك فلو كانوا يعرفون لنصحوه بعدم الاقدام على مثل هذه الجريمة.

يكفي أن نقول في وزن وثقل المرجعية في العراق، انه اذا كان من الصعب اجماع العراقيين على شيء فان الشيء الوحيد الذي يحترمه معظم العراقيين هي المرجعية الدينية وهذا الامر لايقتصر على الشيعة وانما الشيعة والسنة والكرد، والسبب الوحيد هو انها تعاملت على حد سواء مع الجميع فلم تفرق بين سني وشيعي وكردي بل وسائر القوميات والطوائف الدينية في العراق.

واذا بالفعل انضمت المرجعية الى أي تحرك ونشاط ودعمت اخراج القوات الأميركية من العراق فان ذلك سيسهل على كل الذين يطالبون باخراجها تحركاتهم ونشاطاتهم، بل أن المقاومة العراقية ستكسب دعم المرجعية في أي هجوم تنفذه ضد القوات الأميركية اذا رفضت واشنطن أو ماطلت في الخروج من العراق، الا يعني ذلك انها ارتكبت حماقة كبيرة بقصفها لمطار كربلاء المقدسة وعموم استهدفها للمرجعية الدينية؟

اذا ارادت الولايات المتحدة أن تتصرف بحكمة فان السبيل الوحيد الأقل تكلفة هو ان تعتذر للشعب العراقي عن كل الدمار والجرائم التي اقترفتها، ومن ثم تعلن عن انها اتخذت قرار الانسحاب من العراق، هذا اذا ارادت الابقاء على علاقاتها السياسية والاقتصادية مع العراق، ولكن اذا ماطلت ولم تقرر الخروج من العراق فانها لن تخسر مصالحها وعلاقاتها الاقتصادية والسياسية مع العراق وحسب وانما ستخسر جنودها أيضا.

لقد رأت واشنطن كيف أن بعض العراقيين تجبجب عندما قصفت القوات الأميركية مواقع الحشد الشعبي في المناطق الحدودية بين سورية والعراق فأدانوا الهجوم على التاجي ولم يستنكروا الهجوم على مواقع الحشد، بينما انتفض الجميع واستنكر الهجوم على المطار وسائر المواقع التي قصفتها القوات الأميركية، ربما السبب في ذلك هو أنهم رأووا أن التعرض للمطار هو تعرض للمرجعية، كما أن قصف أمس الأول أحرج الجميع خاصة وانه طال مقرات للقوات المسلحة العراقية، والمعروف أن القوات المسلحة العراقية لم تتبن يوما الهجوم على القوات الأميركية أو حتى المطالبة بخروجها من العراق، وبالتالي ليس بوسع أي انسان أن يسكت لهذا الاستهتار والتطاول.

قزويني