أين أولوية اخراج القوات الاجنبية من العراق؟

أين أولوية اخراج القوات الاجنبية من العراق؟
الخميس ١٩ مارس ٢٠٢٠ - ٠٥:٤٤ بتوقيت غرينتش

في تغريدة نشرها المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي المكلف في منصة تويتر أشار الى أن عدنان الزرفي استقبل الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، وذكر المكتب أن الزرفي أكد خلال اللقاء عزمه تشكيل حكومة تمثل كل العراقيين قادرة على تلبية تطلعات المتظاهرين، وقادرة على مواجهة التحديات التي تواجهها البلاد وإجراء انتخابات نزيهة عادلة في أقرب موعد ممكن.

ولا شك أن هاتين أولويتين مهمتين جدا، ولو رجعنا الى ظروف الدعوة الى اجراء انتخابات برلمانية، لوصلنا الى قناعة أنها أحد المطالب الرئيسية للمتظاهرين، وبالتالي، فان الزرفي تحدث عن أولوية واحدة فقط وهي اجراء الانتخابات.

والجميع يعلم أن اجراء الانتخابات هي بلورة لمطلب رئيسي للمتظاهرين العراقيين، وهو انهاء الفساد في العراق، ولما رأى البرلمان العراقي أن أحد الاسباب الرئيسية في تفشي الفساد في العراق تعود الى مسؤولين فاسدين في الحكومة وبرلمانيين لا يؤدون دورهم الحقيقي في مراقبة أداء الحكومة، ان لم يكونوا يوفرون الغطاء للفاسدين، لذلك قام بتغيير بنود رئيسية في قانون الانتخابات، وستكون أولوية رئيس الحكومة العراقية القادمة اجراء انتخابات وفق القانون الجديد، على أمل مجيء نواب يحققون مطالب الشعب العراقي.

غير أن اجراء الانتخابات ليست الأولوية الوحيدة لرئيس الحكومة القادم، وانما هناك أولوية أخرى لا ندري أن كان الزرفي قد تحدث بشأنها مع بلاسخارت أو لم يتحدث بشأنها وهي اخراج القوات الأجنبية وبالتحديد القوات الأميركية من العراق، ومع أن الحديث حول هذه القضية مع المسؤولين الدوليين بل مع حتى بعض العراقيين يحتاج الى شجاعة فائقة، فهي ليست قضية بسيطة وسهلة، وربما تنعكس متابعتها على تطورات هامة في العراق، الا انه لابد منها.

ويخطأ من يتصور أن القضية تتعلق بموقف بعض الأحزاب والقوى العراقية من وجود القوات الأميركية في العراق، وانما القضية تتعلق بالأمن القومي العراقي، فالى جانب ان البرلمان العراقي صوت على هذا القرار، فان غض الطرف عنه أو التزام الصمت تجاهه ربما يدخل العراق الى متاهات هو في غنى عنها، لذلك فان مجرد الصمت عنه بحاجة الى اجماع عراقي، فلا يكفي تلبية رغبة بعض السياسيين الذين يرفضون اخراج القوات الاجنبية، وتجاهل أو رفض رغبة الذين يطالبون بطرد القوات الاميركية، فان ذلك يؤدي الى العديد من النتائج، من بينها:

  • انقسام العراقيين، فمن المؤكد أن جانبا واسعا من العراقيين يرفضون بقاء القوات الاميركية، مقابل أقلية ترغب بوجودهم، وهذا الانقسام ينعكس بشكل سلبي على مجمل أوضاع العراقيين وينبغي ايجاد حل له يتفق عليه معظم الشعب العراقي.
  • ظهور جماعات مسلحة تأخذ على عاتقها اخراج القوات الاميركية، وبالتأكيد أن ذلك يؤدي الى انفلات الوضع الأمني وعدم استقرار البلاد السياسي والأمني، ولعل ظهور "عصبة الثائرين" وتبنيها للهجمات الأخيرة على القوات الأميركية يوجه رسالة واضحة، بأن الحكومة لو لم تحل قضية وجود القوات الاميركية فان "عصبة الثائرين" وربما جماعات اخرى ستظهر فيما بعد؛ ستقدم على تنفيذ عمليات ضدها.
  • يفتح الباب على مصراعيه لانتهاكات جديدة للقوات الاميركية، فعدم تنفيذ قرار البرلمان بمثابة توجيه رسالة من الحكومة العراقية للقوات الاميركية بأن الانتهاكات التي أقدمت عليها في العراق وخاصة جريمتها في قتل الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وكذلك قصفها لمواقع الحشد الشعبي والجيش العراقي ومطار كربلاء، ليس انتهاكا للقوانين والسيادة العراقية وبامكانها أن تقصف ما تشاء وتهاجم ما تشاء وتصفي من تريد.
  • دخول العراق في فوضى أمنية عارمة، وتتحول الانتهاكات الاميركية ورد المقاومة العراقية عليها الى مشهد يومي، ومن المؤكد أن ذلك ينعكس بشكل سلبي على سائر أوضاع العراق.

لا ندري ان كان الزرفي يريد حل هذه المشكلة المعقدة بطرق أخرى أم لا، أو أنه سيتركها للبرلمان والحكومة القادمتين للبت فيها، غير أن الاسراع في ذلك وتفعيل قرار البرلمان العراقي بشأنها يسهم بشكل كبير في حل مشاكل العراق، خاصة وأنه وعد بحل هذه المشاكل.