عندما أدار العالم ظهره للثرثار بومبيو

عندما أدار العالم ظهره للثرثار بومبيو
الأربعاء ٠١ يوليو ٢٠٢٠ - ١٠:٠٤ بتوقيت غرينتش

لم يسبق ان واجهت امريكا عزلة دولية حتى من قبل اقرب حلفائها في الناتو وفي اوروبا والعالم منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم ، كما واجهته امس في اجتماع مجلس الامن الافتراضي، عندما رفض جميع اعضاء المجلس المزاعم الواهية التي ساقها وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو من اجل تمديد حظر الأسلحة التقليدية المفروض على إيران، والذي تنتهي مفاعيله  في 18 تشرين الاول / اكتوبر القادم وفقا للقرار الدولي 2231.

العالم - كشكول

بومبيو الذي عجز خلال الفترة الماضية ان يجد في العالم دولة واحدة تؤيد وجهة نظره ونظر سيده ترامب من القرار 2231 ، فلم يجد غير نادي الرباعي الشاذ ، الكيان الاسرائيلي وذيله الرخيص السعودية والامارات والبحرين، ليتحدث بإسمهم في كلمته امام الاجتماع الافتراضي لمجلس الامن، انطلاقا من المثل المصري القائل "إتلم المتعوس على خايب الرجا"، وقال لا تأخذوا هذا من الولايات المتحدة، استمعوا إلى الدول في المنطقة من "إسرائيل" إلى الخليج الفارسي .. تتحدث بصوت واحد (وهو): مددوا حظر السلاح!!.

يبدو ان بومبيو كان يعرف قبل غيره ان ما يقدمه من تبريرات لاقناع مخاطبيه بأن رفع الحظر على الاسلحة "التقليدية" المفروض على ايران يهدد "الامن والسلم الدوليين"، ستكون سخيفة ومضحكة، لذلك آثر ان يدس بين كلمته الهدف الحقيقي من وراء اصراره على تمديد الحظر على ايران حيث قال بالحرف الواحد :"إن إنهاء الحظر سيسمح لإيران بإرسال أسلحة أكثر تطورا إلى حلفائها الإقليميين على غرار حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس وحزب الله في لبنان.

الاعلان عن الهدف الاول والاخير لاصرار امريكا على تمديد الحظر او تفعيل آلية عودة العقوبات الاممية على ايران، يكشف من جانب اخر عن بؤس وذلة وخسة ودناءة الانظمة الرجعية العربية التي دار عليها المبعوث الامريكي الخاص الى ايران براين هوك قبل انعقاد اجتماع مجلس الامن ليلقنها عبارة "نحن مع تمديد الحظر" والتي تكررت في زياراته للرياض وابوظبي والمنامة، ليستشهد بها بومبيو في اليوم الثاني امام الاجتماع كدليل على رفض دول الشرق الاوسط لرفع الحظر عن الاسلحة التقليدية عن ايران!، بينما ليس لهذه الدول من ناقة ولا جمل في الاهداف التي اعلن عنها بومبيو صراحة، وهو ما يعتبر كدليل اضافي ليس على عمالة هذه الانظمة لامريكا والصهيونية العالمية، بل كدليل قاطع على ان هذه الانظمة هي جزء من المنظومة الصهيونية العالمية للسيطرة على بلدان وشعوب المنطقة.

رغم ان اجتماع مجلس الامن البارحة كان شاذا من حيث المضمون، حيث عقد بدعوة من جهة تنتهك القوانين الدولية جهارا نهارا مستعينة بقوتها العسكرية المجردة والمتمثلة بامريكا، لإدانة جهة بسبب التزامها بالقوانين والقرارات الدولية والمتمثلة بايران، الا انها كشفت ايضا عن ان العالم بدأ يتحرر من البلطجة والتنمر الامريكي، حيث ادار جميع اعضاء المجلس ظهورهم للثرثار بومبيو، رافضين تهديده بتفعيل الالية الذاتية لاعادة العقوبات الاممية ضد ايران اذا ما تم رفع الحظر عنها وفقا للقرار الدولي 2231 ، لسبب بسيط وهو ان امريكا لم تعد عضوا في الاتفاق النووي بعد ان انسحبت منه وانتهكته وفرضت حظرا احادي الجانب ضد ايران، وفي المقابل التزمت ايران بالاتفاق رغم انتهاكه من قبل امريكا وتقاعس اوروبا عن الالتزام بتعداتها المنصوص عليها في الاتفاق.

ما لم يتوقعه بومبيو هو ان يتم تجاهله بهذه الشكل المهين حتى من قبل بريطانيا وفرنسا في مجلس الامن ، رغم كل الضغوط التي مارستها امريكا على الامانة العامة للامم المتحدة لاستصدار تقرير مبني على معلومات مفبركة حول المصدر الايراني للصواريخ التي قصفت بها القوات المسلحة اليمنية منشات سعودية، وهو تجاهل قد يكون بداية لصحوة لدى المجتمع الدولي ليكف عن مسايرة الغطرسة الامريكية وهي تنتهك بهذا الشكل الفج القوانين الدولية والقيم الانسانية ، لاسيما بعد ان برأت الامم المتحدة السعودية من جرائم قتل اطفال اليمن تحت ضغط امريكي سافر، من اجل الحفاظ على الامن والاستقرار الدوليين ، وهذا بالضبط ما اشار اليه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في كلمته امام اجتماع مجلس الامن عندما قال "المجتمع الدولي عموما ومجلس الأمن الدولي على وجه الخصوص يواجهان قرارا مهما: هل نحافظ على احترام سيادة القانون أم نعود إلى قانون الغاب بالخضوع لأهواء بلطجي خارج عن القانون؟".