مرتزقة ديلفري .. تدوير المجموعات المسلحة لاستثمارهم في جبهات صراع جديدة

مرتزقة ديلفري .. تدوير المجموعات المسلحة لاستثمارهم في جبهات صراع جديدة
الأربعاء ١٤ يوليو ٢٠٢١ - ٠٥:٤٩ بتوقيت غرينتش

مرتزقة ديلفري هكذا هي حال المجموعات المسلحة التابعة لتركيا شمالي سوريا مسلحون يقبعون بين احلام اردوغان بامتلاك الجغرافية السياسية وصفاقة السياسة الأميركية، وبينهما خيط رفيع يكاد يتماهى مع المشهد وتراكماته، بحيث لا يستحيل التكهن إلى اين سترسلهم المخابرات التركية بعد ليبيا واذربيجان والحديث هذه الأيام عن افغانستان. 

العالم - قضية اليوم

في الخبر، طالبت طالبان تركيا بسحب قواتها من أفغانستان، كبقية الدول الأخرى الأعضاء في حلف الناتو. وردت طالبان بذلك على عرض كانت تقدمت به تركيا مؤخرا لتأمين مطار كابل بقواتها المسلحة، بعد انسحاب قوات الناتو من أفغانستان، فقدمت أنقرة العرض لواشنطن في اجتماع وزراء دفاع الناتو في أيار مايو هذا العام، حين ناقشت الولايات المتحدة وحلفاؤها خطة لسحب القوات من أفغانستان، والسؤال من سيحمي مطار كابل، ليأتي الجواب عبر المجموعات المسلحة من شمال سوريا.

نعم بدأت عملية تقاسم الأدوات وتوزيع المرتزقة بعد اليمن وليبيا واذربيجان، نحو عمق أسيا إلى افغانستان، فالمخابرات التركية وبحسب مصادر متقاطعة، اجتمعت في 24 يونيو في منطقة حوار كلس التركية مع قيادات المجموعات المسلحة، تحضيرا لإرسال المسلحين إلى أفغانستان، وكشفت المصادر أن من حضر الاجتماع هم، سيف أبو بكر قائد فرقة الحمزات، ثائر معروف قائد لواء سمرقند، حسين خيري من لواء صقور الشمال، فهيم عيسى قائد فرقة السلطان مراد، محمد الجاسم الملقب بأبو عمشة قائد لواء سليمان شاه، ياسر عبد الرحيم قائد فيلق المجد، ووفقا للمعلومات، طالبت الاستخبارات التركية من المسلحين تحضير 2000 عنصر كدفعة أولى لإرسالهم إلى أفغانستان عند الحاجة، وطالب قادة المجموعات مبلغ 3000 دولار أمريكي كراتب شهري لكل عنصر مقابل السفر للقتال في أفغانستان، وبيّنت المصادر أن القوائم النهائية لأسماء المرتزقة ستتشكل بداية الشهر المقبل، والذي سيشهد إقامة معسكرات تدريب عند الحدود السورية في حلب، وبعضها داخل الأراضي التركية، تشرف عليها الاستخبارات التركية على أن يُرسل المرتزقة من مطار غازي عنتاب إلى مطار كابول بداية أيلول المقبل، بعد أن تدرج الاستخبارات التركية المسلحين الذين سيجري اختيارهم لترحيلهم إلى أفغانستان ضمن شركات أمنية تركية وبمهام الحراسة بشكل رسمي.

ما تقوم به تركيا، عملية تدوير واعادة انتاج للمجموعات المسلحة، واستثمارهم كعنصر بشري في جبهات صراع جديدة، خدمة لتعزيز الدور التركي في المناطق الساخنة حول العالم، فبعد أن جلبت المرتزقة من جميع دول العالم، وكان يجري نقلهم لسوريا تحت جنح الظلام، أما الان ضمت شرعية للمسلحين السوريين، وتنقلهم أمام نظر العالم أجمع بموافقة الأم الأميركية والاتفاق معها على المرحلة المقبلة، دون ادنى التفات لمواقف الشعوب ومصلحتها، أو التريث امام القانون الدولي ومواده، ما يعني أن هذه المنظومة السياسية الدولية الضابطة والحاكمة، والتي تسمى قانون دولي سقطت دون عودة، بالذات مع عدم التزام تركيا بالتزاماتها في اتفاقات سوتشي واستانا وموسكو، والتي تنص على انهاء تواجد المجموعات المسلحة.

هي اذا عملية جديدة لصياغة ترتيبات امنية وعسكرية امريكية تركية في افغانستان، جاءت بعد الانسحاب الأمريكي المتسارع، الامر الذي ادى لوضع سيناريوهات مستقبلية للدور التركي في البلد المنهكة، ما سيفرض تداعيات على سوريا والدول الاقليمية والجارة لأفغانستان، فالأمريكي الذي يدعم الوجود التركي غير الشرعي كقواعد عسكرية في شمال سوريا، لتنفيذ اجندة خاصة، هو ذاته الامريكي الذي اتفق مع التركي على بقاء قواته ومرتزقته في مطار كابل وغيرها من المناطق، وهنا تتشابه المصالح بقوة، بين التواجد التركي الامريكي شمال سوريا مع التواجد التركي الامريكي في افغانستان، فأردغان الذي جمع الارهابيين ومشتقاتهم في سوريا وتبنى حضورهم الميداني والسياسي، يقابله الامريكي الذي دعم وسلح وخطط لهذا الخليط من المرتزقة، ولا يزال هذا الدعم قائما وفاعلا ويستثمر على مستوى الجغرافيا السياسية في العالم، ويستثمر ضمن حسابات ومعادلات بحسب ما يعوز الامريكي وبالذات في مناطق خارج سيطرته، كأن يتولى التركي مهمة تقويض اي استقرار في افغانستان عبر المرتزقة، وقطع طريق الحرير من جديد، وهذا كله يأتي ضمن التوافق الامريكي التركي على تصدير الازمات الداخلية وبحق عن اوراق جانبية، الهدف منها تعطيل اي مسار سياسي واستقرار في شرقنا، وايجاد الذرائع لإبقاء منطقتنا تحت وابل النيران الامريكية والحفاظ على وتيرة تصعيد مستمرة، بالتزامن مع حفاظ التركي والامريكي على الحبل السري الذي يربطهم بالإرهاب.

حسام زيدان