حرب الاستخبارات في سوريا تدخل مرحلة تلوين الارهابيين!

حرب الاستخبارات في سوريا تدخل مرحلة تلوين الارهابيين!
الأحد ٢٥ يوليو ٢٠٢١ - ١١:٥٧ بتوقيت غرينتش

لم تكن تركيا يوما بعيدة عن ما جرى في سوريا منذ البداية من حيث التعاون مع المخابرات الغربية في تنسيق دخول المجموعات التكفيرية الى سوريا، وهي تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في اطلاق هؤلاء التكفيريين وتوحشهم، ومن ثم اعادة تلوين إرهابييهم بألوان المجموعات المسلحة المدعومة منها.

العالم - كشكول

أنقرة التي تمثل جزءا من الحرب المفروضة على سوريا، اعتبرتها دمشق،على مدى سنوات هذه الحرب، طرفا في الأزمة في سوريا بدل ان تكون وسيطا، بدعمها المباشر للمجموعات المسلحة وتبنيها لها، حتى التدخل العلني بجيشها، وإدخال المسلحين الى سوريا، بعد تدريبهم على الاراضي التركية، وخرق حرمة الحدود واحتلال المعابر من قبل داعش والنصرة والمجموعات المسلحة على اختلاف تأسلمها، حتى كان رجال الأمن الأتراك على مرمى سهم من هذه المعابر، لكنهم قرروا وهبها للارهاب، والتفرغ لنهب عنابر النفط وسرقة المصانع السورية وإعادة تدويرها.

المتابع الدقيق للحرب التي فرضت على الدولة السورية، يكتشف الفرق الكبير في هذه الحرب، كونها حرب استخبارات بامتياز، بعيدا عن معارك الجيوش النظامية التقليدية، سيطرت فيها أجهزة الاستخبارات على المعارك العسكرية، وبقيت المخابرات التي دعمت المسلحين قادرة على ضبط إيقاع المعارك، وعلى اكثر من مستوى وعنوان، من الميدان العسكري الى العنوان الاقتصادي، مرورا بعناوين منها ثقافية واجتماعية وامنية، ونتج عنها ظواهر عديدة تبقي الاشتباك الأمني قائماً، ومنها إعادة تدوير الإرهابيين واستثمارهم، وتلوين معتقداتهم، هذا كله جاء بعد السقوط المدوي لجماعة داعش في العراق وسوريا، ما دفع أصحاب القرار ان يتم تدوير هؤلاء الإرهابيين، ضمن فكرة انتقال البندقية من كتف لكتف، في عملية اعادة تدوير للإرهابيين، وسط حلقة جديدة من حلقات استمرار الحرب في سورية، والتي انطلقت تحت أسماء مختلفة منها الجيش الوطني، للهروب من التصنيف الأمريكي للإرهاب وبالتوافق معه، وهذا ما تم توثيقه عبر مصادر عديدة، عن انتقال إرهابيين من الصف الأول والثاني من داعش، الى ما يسمى بالجيش الوطني المدعوم من تركيا، والمئات من الإرهابيين، منهم 11 قيادي من الصفين الأول والثاني، وستة مسؤولين امنيين وعشرات الإرهابيين من رتب مختلفة ومناصب متعددة، عرف منهم أبو شهاب طيانة، هذا الإرهابي التي تنقل بين ما يسمى جيش الشرقية، وبعدها بايع داعش عام 2014 اثناء تواجده في محافظة دير الزور، والعجيب في الامر انه اصبح أعضاء ما يسمى بـ"غرفة العمليات المشتركة"، والتي كان يقودها ضباط اتراك وقادة من المجموعات المسلحة المدعومة من تركيا، خلال هجوم الجيش التركي والإرهابيين على ريف محافظة الحسكة والرقة عام 2019، ومن ابرز الشخصيات أيضا العقيد الفار من الجيش السوري محمد الضاهر الذي تولت المخابرات التركية ملف ترشيحه لمنصب ما يسمى بقائد الشرطة العسكرية فيما يسمى بالجيش الوطني.

تركيا التي تستخدم تكتيك الباب الدوار مع ارهابيي داعش، شكلت منذ نشأت هذا التنظيم الملاذ الامن لعناصره، والممر الواصل بين دول العالم والداخل السوري، بالإضافة الى المساندة في تسهيل التمويل لهذا التنظيم وفق تقارير اممية، وتشير التقديرات ان الآلاف من مسلحي داعش أطلق سراحهم بعد اعتقالهم من الجيش التركي، وهذا واضح بتناقض تصريحات المسؤولين الاتراك، ففي 21 تموز من عام 2020 قال وزير العدل التركي عبد الحميد جول، ان عدد سجناء داعش المحتجزين في السجون التركية، بلغ 1195 عنصرا، بينهم 791 إرهابي من الأجانب، هذا التصريح تعارض مع تصريحات اردوغان بتاريخ 10 تشرين الأول من عام 2019 والذي قال فيه ان بلاده تحتجز حوالي 17 الف شخص معظمهم ليسوا اتراك، منهم 5500 مدانين بجرائم او في الحبس الاحتياطي، ما يعني انه خلال مدة لا تتجاوز التسعة اشهر، تم اطلاق سراح لا يقل عن 4 الاف مشتبه او مدان من جماعة داعش من السجون التركية، والسؤال اين ذهب هؤلاء والى اين وصلوا.

ان الهدف الآن هو استمرار الإرهاب في مختلف المناطق السورية، وزيادة اعداد مسلحي داعش، والاستفادة منهم في جبهات عدة، والتي تعمل الدولة التركية والولايات المتحدة الامريكية على جعمهم وحمايتهم، والتجارب العديدة مع المخابرات التركية من حراس الدين الى الجيش الوطني وقبله جبهة النصرة والجيش الحر هي خير دليل على استثمار عناصر داعش وحزام المجموعات التكفيرية بكافة تسمياتها.

*بقلم حسام زيدان