بعد موقفها من جزر ايران في الخليج الفارسي.. تركيا والاصرار على سياسة تفريخ الازمات

بعد موقفها من جزر ايران في الخليج الفارسي.. تركيا والاصرار على سياسة تفريخ الازمات
الأربعاء ٠١ ديسمبر ٢٠٢١ - ٠٤:١٣ بتوقيت غرينتش

في تقرير مدفوع الثمن، نشره  موقع قناة "تي.ار.تي" التركي، باللغة العربية، وتبنى بالكامل الرواية الامارتية، بشأن الجزر الايرانية الثلاث ، طنب الكبرى وطنب الصغرى و بوموسى في الخليج الفارسي، ويتضح من اللغة المستخدمة في التقرير، انه كتب بأيدٍ إماراتية، ونشرت القناة التركية نسخة منه، عربونا للتقارب المفاجىء بين من كان يعتبر نفسه رافع لواء "الاخوان المسلمين" في العالم، وبين من يرفع لواء العداء للاخوان.

العالم – كشكول

يبدو ان ادارة موقع القناة التركية حاولت بطريقة ساذجة ان تقدم نفسها على انها محايدة ازاء قضية الجزر الايرانية، عبر استخدام عبارات: " تقول الإمارات إنها جزء من أراضيها"، و "حسب خبراء ومحللين"، و"تشير المصادر التاريخية"، وفي المقابل لم يدخر موقع القناة التركية وسعا عن استخدام عبارات:" كيف سيطرت إيران على الجزر؟"، و "استحواذ إيران على الجزر الثلاث"، و..، كما تبنى الموقع التركي الرواية الاماراتية بحذافيرها، والادهى من كل ذلك استخدام عبارة مزيفة لاسم الخليج الفارسي، وهي عبارة لا تستخدم لا في الامم المتحدة ولا في المواثيق والمعاهدات الدولية ولا حتى الخرائط العالمية.

نحن نعلم لماذا أثارت هذه القناة التركية هذه القضية في هذا الوقت بالذات، فهي تأتي بعد ايام من الزيارة التي قام بها ولي عهد ابوظبي محمد بن زايد الى تركيا وتعهده بتقديم 10 مليارات دولار كاستثمارات لتركيا، التي تدهورت عملتها الوطنية الى مستويات متدنية غير مسبوقة امام الدولار، وكذلك قبل الزيارة التي من المقرر ان يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى الامارات.

للاسف ان السياسة التركية خلال العقدين الماضيين، شهدت تذبذبات وتقلبات دراماتيكية، فمن جانب رفعت تركيا لواء الدفاع عن الاخوان المسلمين وتدخلت في شؤون الدول العربية وغير العربية، حتى عسكريا، بذريعة الدفاع عن الاخوان ومصالحها القومية، الا اننا نراها اليوم تنقلب على الاخوان، ومنعت النشطاء منهم من الذين لاذوا بها من العمل السياسي، وتحاول جاهدة اعادة علاقاتها مع الدول التي اضطهدت الاخوان، كما انها رفعت لواء الدفاع عن فلسطين، بينما نراها تقيم علاقات عسكرية وامنية واقتصادية استراتيجية مع الكيان الاسرائيلي، واليوم وهي تغازل الامارت عبر تناولها قضية الجزر الايرانية الثلاث، وتعتقد انها بهذه الطريقة ستفتح خزائن الامارات على اقتصادها المنهار والمنهك بسبب مغامرات تركيا الخارجية.

كان الاولى بالقائمين على ادارة الموقع التركي، ان يكون اكثر حذرا وهم يتناولون قضايا تمس سيادة الشعوب الاخرى بهذه الطريقة الساذجة، وان يضعوا المثل القائل "من كان بيته من زجاج لا يرمي بيوت الاخرين بحجر"، نصب اعينهم، فلو كان هناك من جهة يجب ان تحترم سيادة الدول الاخرى وتحترم اراضيها وتكف عن احتلالها، مدعومة بقوة الناتو، فهي تركيا حصرا:

-من الذي يحتل الشمال السوري ويقيم هناك قواعد عسكرية، ويجند عشرات الالاف من المرتزقة، ويرفض الانسحاب من الاراضي السورية المحتلة منذ سنوات طويلة.

-من الذي يحتل اراض في شمال العراق ويقيم قواعد عسكرية، وتقوم طائرته ومدفعيته بقصف القرى والمناطق السكنية الامنة بذرائع واهية، ويرفض الانسحاب من الاراضي العراقية رغم الطلبات المتكررة من البرلمان والحكومة العراقية.

-من الذي تدخل ويتدخل عسكريا وامام رؤوس الاشهاد في النزاع بين جمهورية اذربيجان وارمينيا ويرسل القوات العسكرية والالاف من المرتزقة السوريين الذي يأتمرون بأمر تركيا الى جبهات القتال بين جمهورية اذربيجان وارمينيا.

-من الذي ارسل الالاف من المرتزقة السوريين الى ليبيا، من اجل مصالح مادية على حساب دماء الشعب الليبي، الذي يعاني منذ سنوات بسبب تدخل الدول الاخرى في شؤونه من بيينها تركيا والامارات.

يبدو ان تركيا التي تفننت في تغيير اسماء البلدات والقرى والشوارع والساحات والمدارس في شمال السوري المحتل، من العربية والكردية الى التركية، في اطار سياسة تتريك الشمال السوري، فهي الان تعمم هذه السياسة على مناطق بعيدة عنها مثل الخليج الفارسي، انطلاقا من سياسة ضيقة الافق، لا تنفك ترتد على تركيا سلبا، كما حصل مع مصر وسورية والعراق وليبيا والمنطقة بشكل عام، حيث تحاول تركيا بعد فوات الاوان تصحيح ما افسدته هذه السياسة، كما نشهد اليوم مع الامارات، ولكن للاسف الشديد مازالت هذه العقلية تسيطر على هذه السياسة، حيث تضحي تركيا بمصالحها مع ايران من اجل حفنة من الدولارات تعتقد انها كفيلة بانقاذ اقتصادها المنهار.