بعد أوكرانيا.. أمريكا تدفع لخراب أوروبا "استغنوا عن الغاز الروسي"!

بعد أوكرانيا.. أمريكا تدفع لخراب أوروبا
الخميس ١٠ مارس ٢٠٢٢ - ٠٧:٣٤ بتوقيت غرينتش

لاتنفك وسائل الاعلام الامريكية عن الترويج لقدرة أوروبا في الاستغناء عن استيراد الغاز الروسي الذي يشكل 40% من الغاز الذي تستهلكه، حيث تدعوهم لإجراء تغييرات تكلف المليارات في بنيتهم التحتية الصناعية، فهل تنجح في اقناعهم ويكون خراب بلدانهم كما حصل مع أوكرانيا أم ان هذه الخطوة قابلة للتنفيذ فعلا؟.

العالم – كشكول

من الواضح ان أمريكا ماضية في العقوبات على روسيا وإقامة حظر على النفط والغاز الروسيين إلا ان أول ما نتج عن ذلك ارتفاع خيالي في أسعار النفط والغاز أضر اول ما أضر بالاوربيين، وأيضا بأمريكا، حيث كان ركض بايدن الى العرب المنكفئين تحت العباءة الامريكية لزيادة إنتاجهم كي يزيدوا انتاجهم من النفط لكن لم يحصل على رد الى الآن، كما اتجه إلى فنزويلا عارضا عليها رفع العقوبات الامريكية لزيادة انتاجها فلم يكن هناك جواب يسره بسبب العلاقات القوية التي تربط الاخيرة بروسيا من جهة وعدم قدرتها على زياة الانتاج حتى لو أرادت بسبب تآكل بنيتها التحتية النفطية نتيجة العقوبات الامريكية التي امتدت عليها لعشرات السنين.

أمريكا التي دفعت لخراب أوكرانيا عبر ايصال الامور الى طريق مسدود مع روسيا، تدفع اليوم لتصعيد غربي مع روسيا "متخذة من أوروبا درعا لها!"، داعية الاوربيين الى الاستغناء عن الغاز الروسي عبر إجراء تغييرات ببنيتهم التحتية الصناعية واتخاذ إجراءات طارئة مثل "إغلاق الصناعات الكثيفة الاستخدام للغاز وتبديل غلايات الغاز بمضخات حرارية، وزيادة واردات الغاز الطبيعي المسال"، مع العلم ان هذا سيلحق أضرارا كبيرة بالاقتصاد الاوروبي، وبالتأكيد لن يجعل أوروبا تستغني عن الغاز الروسي بالكامل بل عن نصفه وبعد سنة كاملة، اذن ما تدعو إليه أمريكا لا علاقة له بأوكرانيا بل تريد استغلال الموقف لإقناع الاوربيين باتخاذ خطوة مكلفة جدا لصالحها (أي امريكا)، لأن الاجراءات الغربية ستكون مفيدة لأمريكا لا لأوكرانيا، ومن غير البعيد ان يكون هدف امريكا الاصلي هو استبدال الغاز والنفط الروسي الذي يصل اوروبا بآخر امريكي، لأنه من الواضح ان هذه الاجراءات والمطالب الامريكية وكل هذه العقوبات لن تؤتي ثمارا فورية وبالتالي أهدافها امريكية بعيدة المدى وهاهي أوكرانيا تدفع تكاليفها وكذلك روسيا وغدا اوروبا.

الحراك الفرنسي والالماني المستمر المتمثل بالاتصالات المستمرة من قبل الرئيس ماكرون ببوتين وكذلك القادة الالمان، دليل على أنهم يتجنبون الى الآن الانجراف الى الاقتراحات الامريكية حول الغاز والنفط الروسيان ويفضلون المسايرة وموازاتها بايقاف اطلاق نار والجلوس على طاولة الحوار مع روسيا، لكن ما سيحسم الأمور هو مدى قدرتهم على تلبية طلبات روسيا الامنية في أوكرانيا حيث أن أمريكا تدفع نحو العكس وجعل أوكرانيا مستنقعا للروس، واذا كان البعض يقول ان الاوروبيين لاسبيل لهم سوى العمل على ايجاد بديل للغاز الروسي فلماذا دفعوا المليارات لانشاء خط غاز جديد اسمه نورد ستريم-2 ؟ ألم يكفيهم نورد ستريم-1؟

ما يفعله الاوروبيون الآن هو محاولة النجاة من فخ أمريكي وقعت فيه أوكرانيا، فهم الآن إما ان يدفعوا فاتورة غالية جدا للحرب الباردة التي تقودها الإدارة الامريكية الحالية ضد روسيا، وإما ان يدعو روسيا تنتصر في أوكرانيا وتحقق كل أهدافها وهم بالطبع لايودون ذلك، لذا سيكون الحراك الدبلوماسي الاوروبي أقوى وأسرع في الايام القادمة كي يحفظوا ما تبقى من ماء وجههم أمام شعوبهم.