'النصرة' .. زراعة وتجارة الموت شمال غرب سوريا

'النصرة' .. زراعة وتجارة الموت شمال غرب سوريا
الأربعاء ١٥ يونيو ٢٠٢٢ - ٠٥:٥٢ بتوقيت غرينتش

انها مناطق الموت البطيء، تلك التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة وجبهة النصرة في شمال غرب سوريا، هناك تتعدد طرق الموت، لكن المسرح واحد والفاعل ذاته، والهدف انهيار القيم الأخلاقية والإنسانية، بالرغم من محاولات الدولة التركية الداعمة لتلك المجموعات من وضع المساحيق التجميلية للفساد وعمل المافيا وزراعة وتجارة المخدرات، الا انها أصبحت بؤرة انطلاق لتلك السموم نحو دول الجوار والعالم، في ظل صمت مشبوه من كل الداعمين والمجتمع الدولي. 

العالم - كشكول
القصة ليست بجديدة، هي بدأت منذ ان حولت المجموعات المسلحة تلك المناطق التي تتواجد فيها، ارياف حلب وادلب واللاذقية، الى منطقة يحكمها الارهابيون والخارجون على القانون، والقصة مفعول رجعي من عام 2013 عندما بدأت تظهر زراعة المخدرات وتجارتها بشكل واضح في تلك المناطق، حيث خلقت هذه التجارة بارونات الاتجار بالمخدرات، والذين فرغوا من تلك المجموعات المسلحة، ليتحصنوا تحت سقف دويلات صغيرة، تزرع وتحصد وتتاجر وتهرب وتصدر المخدرات، وتساهم في تمويل المجموعات المسلحة، ومدها بالمال اللازم لشراء المرتزقة والسلاح، والتسلط على رقاب الناس البسطاء في تلك المناطق.

الوضع المنفلت في مناطق سيطرة جبهة النصرة والمجموعات المسلحة المدعومة من الجيش التركي، شجع المافيا التركية على زيادة استثماراتها في زراعة المخدرات في تلك المنطقة، عبر تشاركية مع المسلحين، بعد ان كانت تلك المافيا قبل دخول الجيش التركي والمجموعات المسلحة الى منطقة عفرين في عام 2018، تصدر للمجموعات المسلحة المخدرات والسلاح، اما بعد ذلك انتقلت الى خطة تحويل هذه المناطق الى مركز انتاج وتصدير للمخدرات، ومن اهم الشركاء لهم بحسب مصادر مطلعة، هو محمد الجاسم قائد ما يسمى لواء السلطان سليمان، والذي يعرف عنه بأنه قام ببناء معمل لتصنيع مادة الحشيش والمخدرات تحضيرا لتجارتها في ريف عفرين في ريف حلب، كما ساعدت المجموعات المسلحة المافيا التركية، في شراء مساحات واسعة من الأراضي لزراعتها بنبات القنب الهندي والحشيش، في ناحيتي شيخ الحديد وراجو بريف عفرين بريف حلب، الواقعتان على الشريط الحدودي مع تركيا.

كما أن مصادر اكدت ان المجموعات المسلحة أنشأت معامل لتصنيع حبوب الكبتاغون المخدرة في كل من قرى اطمة وكفرجنة ومعرسكة والبيرين بريف عفرين، وذلك بالتنسيق عبر تجار من ولايتي كلس وهاتاي التركيتين، حيث يتم تهريب الحبوب المخدرة إلى موانئ اسكندرون ومرسين في تركيا ومنها إلى دول الخليج الفارسي التي تعتبر السوق الأكبر للمخدرات المهربة. والجميع يذكر ذلك الخبر الذي تحدث عن ضبط شحنة مخدرات كانت معدة للتهريب في ميناء مرسين التركي، والتي قدرتها وسائل الإعلام التركية حينها بأنها تقدر ب 6 مليون حبة، هذه الشحنة تحديداً أظهرت الارتباط بين أبو محمد الجولاني قائد بجهة النصرة ومحمد الجاسم قائد ما يسمى لواء السلطان سليمان، فيما يتعلق في تجارة المخدرات، وهو ما استدعى عقد اجتماع عاجل، في نهاية شهر نيسان الفائت، بين مسؤولين امنيين اتراك وأبو محمد الجولاني، لنقاش ارتفاع وتيرة عمليات تهريب المخدرات الى تركيا، بالطبع المصادر تؤكد ان هذا الاجتماع لم يكن سببه فقط الشحنة التي ضبطت في ميناء مرسين التركي، بل تطرق الاتراك في نقاشهم مع الجولاني الى الاجتماع الذي عقده قياديي جبهة النصرة مع بعض تجار المخدرات، في بداية شهر نيسان الفائت، والذي اعطى فيه قادة النصرة التسهيلات لهؤلاء التجار لتوزيع مادة الحشيش المخدر وحبوب الكبتاغون، مقابل مبالغ مالية تعطى للنصرة، بعد الاتفاق على تسهيلات تقدمها حواجز جبهة النصرة، ضمن شمال ادلب، وحواجز ما تسمى بفرقة الحمزة التابعة للمجموعات المسلحة المدعومة من تركيا لتسهيل عبور وتصدير وتوزيع المواد المخدرة، معتمدين فيها على فتوة شرعية تقول ان أموال تجارة المخدرات حلال ما دامت تباع تلك المواد لمن وصفتهم النصرة بـ"الكفار"، ما دفع الوفد التركي للسؤال هل تعتبر جبهة النصرة الدولة التركية دولة كافرة.

إن معظم المجموعات المسلحة بمختلف تسمياتها، أصبحت تعتمد مدينتي حارم وسرمدا كخزان ومركز رئيسي لعبور وتوزيع المواد المخدرة باتجاه الداخل والخارجي السوري، الا ان اللافت ان هذه العملية كانت تتم بشكل سري، لكن بعد انخفاض المردود المالي لتلك المجموعات أصبحت هذه التجارة تتم بشكل علني، ما أوصل فكرة التعاطي في هذه المنطقة الى سطح العلنية أيضا، ما عمق الفلتان الأخلاقي والأمني، ورفع منسوب الجريمة، وزاد حوادث استخدم السلاح بين المسلحين أنفسهم، اثر الخلافات على تقاسم السرقات واموال تجارة المخدرات.

*بقلم حسام زيدان

كلمات دليلية :