العالم - السعودية
محفظة المشاريع التابعة للصندوق السيادي، والتي تضم “نيوم، البحر الأحمر، القدية، روشن والدرعية”، تجعل من الأخير “واحدا من المشاريع الفريدة من نوعها لى مستوى العالم، بما يزخر به من مقومات ومعالم ثقافية وتراثية وسياحية”، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء السعودية “واس”. يأتي هذا التطور ليعكس استمرار أزمة بناء الهوية لدى آل سعود، حيث يسعى ابن سلمان لإظهار الدرعية كنواة انطلق منها “الكيان السعودي”. فليست المرة الأولى التي يحاول فيها ابن سلمان ترسيخ الدرعية كعاصمة تاريخية “للسعودية” وإضفاء قيمة مزيفة لها منفصلة عن صلتها بالوهابية، علماً أنها كانت منعدمة القيمة قبل تأسيس “الدولة السعودية الأولى” بالتحالف مع الوهابية. وفي هذا الإطار، علّق عضو الهيئة القيادية في “لقاء” المعارضة بالجزيرة العربية، فؤاد إبراهيم، خلال إطلالة إعلامية له أن ” مشروع الدرعية له أبعاد متعددة منها التاريخي، الهوياتي ،الاقتصادي والهوياتي”، وأضاف “حين نريد مناقشة هذا المشروع، فإنه يحيلنا إلى الرواية التاريخية التي يراد صنعها لأجل تأسيس رؤية حولة الدولة السعودية وكأنها رواية أصلية، وأن التاريخ يبدأ من محمد بن سعود ويختتم بمحمد ابن سلمان. وعزل المؤسس الحقيقي لهذا الكيان، والدور المركزي الذي لعبه في كونه المسؤول عن صناعة الدولة”. وتابع الدكتور إبراهيم “لو بقي محمد بن سعود في الدرعية لما استطاع أن ينشأ كيانا، لولا وجود محمد بن عبد الوهاب. الأخير أعطى رؤية كونية لمشروع الدولة السعودية، وأخرجه من إطار الإقليم إلى رحاب الدولة والأمة”. وأوضح بالقول “إن الرسالات التي كانت تصدر في الدول السعودية الأولى، كان يتولى إرسالها محمد بن عبد الوهاب إلى الأقطار، وكأنه رسول”. وأكد إبراهيم أن “الذي كان يصنع قرار الحرب والسلم، ومن يمسك المال، ويحرك الجنود، كان محمد بن عبد الوهاب وليس محمد بن سعود”. أما الباحث علي مراد فقد رأى في الإعلان الأخير محاولة ” لطمس كل ما له علاقة بهوية الإسلام الأول”، وعرج خلال حديثه إلى منطقة القطيف والأحساء من بوابة ما يدعي النظام السعودي من خلاله على أسباب تبنيه مشروع الدرعية لأهميته التاريخية، فقال ” إن حيّ المسورة في العوامية، يؤرخ عمره بـ400 عام ومسحه عن الخريطة. والآن في جزيرة تاروت نتحدث عن آثار عمرها آلاف السنوات تم تدميرها تحت عنوان التنمية والتطوير”. وشدّد مراد على أن محمد بن سلمان ” يريد مسح ما تبقى من هذه الآثار، والتراث الذي يميّز أبناء هذه المنطقة”. وأضاف الباحث السياسي أن المكونات الأخرى، بمعزل عن تلك الحاضنة للنظام السعودي، في “السعودية” لديهم شعور بالانتماء إلى أرض الجزيرة العربية، كما أنهم يمتلكون توثيقا لارتياطهم بهذه المنطقة لوجود أجدادهم بها، والدفاع عنها بوجه الغزوات الخارجية. وختم بالقول ” عندما يريدون فرض وإحلال هذه الهوية على الجميع، يتطلب ذلك ممارسة تمييز وإقصاء”. وبطبيعة الحال، سبق هذا المشروع عدد من الخطوات الإقصائية للهويات في الجزيرة العربية، منها تدمير حي المسورة وتحويل بيوته الأثرية إلى ركام وحطام في العام 2017. أرض المسورة بالقطيف، التي هدمت مساجدها ورحّل أبناءها وشردوا وارتوت الأرض بدماء أكثر من 30 شهيدا بينهم أطفال وعشرات الجرحى، وكل ذلك تحت مزاعم العمران. في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2022 بدأت عمليات التجريف في وسط القطيف، ضمن خطة العمل المزعومة “لتطوير” شارع الملك عبد العزيز. وبحسب لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في الجزيرة العربية، إن عشرات العوائل ومئات الأفراد تشرّدوا بعد أن التهمت آليات الهدم بيوتهم ومحالهم التجارية المتواضعة. بعد أن اتخذت ”أمانة الشرقية” قرارا يقضي بهدم أملاكهم قبل التعويض عليهم. أكثر من ذلك؛ لفتن اللجنة على أن المتضررين يتوجّب عليهم مراجعة الجهات المعنية وتقديم “إثباتات” حول الضرر الذي لحق بهم. كما شملت عمليات الهدم مساجد وأوقافاً، بالإضافة إلى معالم أثرية عديدة تحكي تراث وتاريخ القطيف. كما يعدّ الشارع المستهدف بالهدم مهداً للانتفاضة وشاهداً على الحراك السلمي ضد قمع آل سعود، وله رمزيّةٌ وخصوصية نابعة من حجم الأحداث التي شهدها بين العام 2011 و2012. وكانت مصادر من داخل القطيف حينها كشفت إجبار بعض العوائل على توقيع إقرارات نزع الملكية، كما تمّ نزع ملكيّات ما يفوق 1200 عقار، وتهجير جميع الأهالي من دون تعويضات ولو زهيدة. وكانت السلطات السعودية أعلنت عبر “أمانة المنطقة الشرقية” وبلدية القطيف قبل أشهر عن إزالة عدد من منازل ومباني المواطنين ومحلاتهم التجارية بذريعة تنفيذ مشاريع تنموية وتطوير المنطقة، الأمر الذي يصفه مراقبون بأنه تنفيذ لفصول سياسة ممنهجة تستهدف النيل من المواطنين الشيعة وتغيير الوجه التاريخي لمناطقهم القديمة. يذكر أنه في مارس/آذار الماضي، صدر عن وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، ماجد بن عبد الله الحقيل، قرارا بالموافقة على نزع ملكية 236 عقاراً بمدينة صفوى بطول (5 كيلو) وعرض (30م). وادعى رئيس بلدية القطيف صالح بن محمد القرني، أن “نزع هذه العقارات تهدف البلدية من خلالها إلى تطوير، وتوسعة الطريق الدائري الشرقي، وربطه بشارع “الخليفة” علي بن أبي طالب، من الجهة الجنوبية، والطريق المؤدي إلى طريق رأس تنورة في الجهة الشمالية، إضافة لفتح طريق امتداد شارع البيروني، وربطه بالدائري الشرقي، وفتح شوارع بالمنطقة المركزية، وربطهم بالشارع الدائري الشرقي”.