حين ينطق الحجر بذاكرة الدماء في سجن "قصر" البهلوي في طهران يبدو النصب تذكاري شاهداً خالداً على صلابة المناضلين الإسلاميين في مواجهة بطش نظام الشاه المجرم.
ستة وستون شهيدا سجلوا أسمائهم بمداد التضحية والجهاد، بعضهم قضى تحت تعذيب جهاز استخبارات الشاه "السافاك"، وآخرون باغتتهم الاغتيالات المنظمة، فيما ارتقى جمع منهم على جبهات الدفاع المقدس، ليكتمل المعنى بين الزنزانة وساحات الفداء.
وفي حديث لقناة العالم قالت بروين سليحي زوجة الدكتور الشهيد مرتضى لبافي نجاد الذي أعدمه نظام الشاه إن زوجها: "كان قبل انتصار الثورة طبيبا وطالبا متميزا، رفض البعثة إلى أميركا احتراما لمبادئ الإمام، وانخرط في المقاومة منذ عام 1963.. أعتقل عام 1975 من قبل السافاك، وتعرض لتعذيب وحشي بالتعاون مع الموساد، ثم أعدم رميا بالرصاص وألقي جسده في بحيرة قم، ولم يكشف مكان دفنه بعد."
من جانبه قال الناشط السياسي السابق محمدرضا مجلسي: "تم اعتقالي أنا وزوجتي في طهران، وتعرضنا للاستجواب والتعذيب، وأفرج عنا بعد ستة أشهر، لكن في طريق سفرنا أراد السابق اغتيالنا فأصبنا، وأعتقالي حتى انتصار الثورة الإسلامية."
وجمعت المراسم عوائل الشهداء إلى جانب عدد من المعتقلين السابقين، في مشهد يعكس أن التضحيات الفردية تحولت إلى ذاكرة جماعية ووحدة اجتماعية متجذرة.
وشدد المشاركون على أن تكريم الشهداء هو رسالة وفاء للأسر التي دفعت ثمنا باهظا في مواجهة الاستبداد.
وأوضحت أخت الشهيد مراد نانكلي: "أعتقل أخي عام 1951 وقضى شهرين في سجن لجنة الشرطة، ثم حكم عليه بالسجن لمدة سنة ونصف.. نقل إلى اللجنة المشتركة حيث تعرض لأشد أنواع التعذيب ككسر الفكين واقتلاع العينين وتشقق الرأس والضربة الأخيرة كانت على قلبه التي أودت بحياته واستشهد."
الزنازين التي عكست القمع صارت اليوم معالم للمقاومة تجسد نضال السجناء السياسيين ضد الاستبداد ومطالبتهم بالحرية والكرامة لتغدو رمزاً عالمياً لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان.
من أجنحة متحف سجن "قصر" حيث تحول الألم إلى ذاكرة والزنزانة إلى شاهد حي على الجرائم.. يتجدد العهد مع الشهداء وعوائلهم بأن تبقى تضحياتهم مناراً للأجيال.. فهنا لا تكرم الأسماء فحسب بل تكرس قيم الكرامة والحرية التي صاغت ملامح إيران المعاصرة.
للمزيد إليكم الفيديو المرفق..