في الشمال السوري، حيث تتشابك الخنادق أكثر مما تتصافح الأيدي، تتهاوى هدنة جديدة، قبل أن يجفّ حبرها. فبعد أقل من يومين على إعلان وقف لإطلاق النار بين الجيش السوري وقسد، دوّى صوت الرصاص مجدداً في محيط سدّ تشرين شرق حلب. وزارة الدفاع في دمشق تتهم قسد بخرق الهدنة، تقول إنّ مقاتليها استهدفوا نقاطاً للجيش السوري، وتصف ما جرى بأنه أكثر من عشرة خروقات في أقل من ثمان وأربعين ساعة، وتضيف أنّ قسد تواصل التحصين والتدشيم، وتحرّض على استهداف الجيش وقوى الأمن في حلب.
اقرا ايضا.. دمشق تتهم قسد بخرق وقف إطلاق النار.. والأخيرة ترد
لكنّ الرواية لا تكتمل من دون روايةٍ مضادة. ففي المقلب الآخر من الجبهة، تتحدث قسد عن محاولة تسلّل نفذها مسلحو حكومة دمشق نحو إحدى نقاطها عند سدّ تشرين، مستخدمين القنابل اليدوية، فتصدّت لهم وأوقعت قتيلاً في صفوفهم.
وتقول إنها استخدمت حقها في الدفاع المشروع، وتؤكد تمسّكها بحماية استقرار المنطقة.
هدنة إذن لم تصمد وكانت نتاج اتفاقا هشا على وقف النار في الشمال والشمال الشرقي للبلاد، وما يحدث في الشمال لا يُختصر بخروقات ميدانية، إنه مشهد أوسع، صراعُ نفوذ يسعى الجميع فيه لاستعادة السيطرة على ما خسره، وحين يشتعل الغبار مجدداً، سيبقى السؤال معلّقاً: من يملك قرار السلم والحرب في الشمال السوري. دمشق، أم واشنطن، أم أنقرة، أم من يحمل البندقية على الأرض؟