المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، التي أُعلن عنها مؤخراً، الأكثر تعقيداً في مسار إنهاء الحرب بين الكيان الإسرائيلي وحركة حماس. فبينما تتركز بنودها على نزع سلاح الحركة وتدمير الأنفاق، وتشكيل هيئة حكم انتقالية مدنية لإدارة القطاع بإشراف دولي، ما زالت هذه المرحلة تواجه عراقيل سياسية وأمنية تحول دون انطلاقها الفعلي.
تتمثل أبرز العقبات في رفض حركة حماس تسليم سلاحها، معتبرة أن المسألة تتجاوز حدود غزة وتمس جوهر القضية الوطنية. كما أن الكيان الإسرائيلي يصر على احتفاظه بحرية العمل العسكري في القطاع بحجة ملاحقة خلايا مسلحة، وهو ما تراه حماس ذريعة للتملص من التزامات الاتفاق. يضاف إلى ذلك غياب جدول زمني واضح للتنفيذ، وتعطل تشكيل قوة الاستقرار الدولية التي يُفترض أن تنتشر في غزة لضمان الهدوء.
ورغم إعلان الرئيس الأمريكي بدء المرحلة الثانية، أكدت مصادر مصرية ودبلوماسية أن المفاوضات ما زالت في إطارها النظري، وأن الواقع الميداني لا يسمح بتنفيذ البنود. فالأزمة المتعلقة بجثامين الأسرى، وتأخر فتح معبر رفح وإدخال المساعدات، تجعل استكمال المرحلة الأولى شرطاً مسبقاً لأي تقدم.
كما يضاف إلى ذلك التباين في المواقف الداخلية داخل الكيان الإسرائيلي، خاصة مع موافقة الكنيست المبدئية على ضم أجزاء من الضفة الغربية، مما يعمّق الشكوك حول نوايا الاحتلال تجاه مستقبل الحل النهائي. وفي ظل هذا المشهد، تتخوف الأطراف الراعية، وعلى رأسها مصر وقطر والولايات المتحدة، من انهيار الاتفاق الهش، وتسعى إلى صياغة ترتيبات أمنية وسياسية جديدة تضمن بقاء الهدنة.
المرحلة الثانية، برأي المراقبين، مفترق طرق حاسم، فنجاحها يعني انتقالا نحو استقرار نسبي وإعادة إعمار تدريجي، أما فشلها فسينذر بعودة دوامة الصراع التي حصدت أكثر من 68 ألف شهيد ودمرت نحو 90 بالمئة من بنى غزة التحتية.