في كل حرب تُكتب الحكايات بالدم، ويبقى بعض الرجال سرّها الأجمل. رجال لا تعرفهم الصور، بل يعرفهم الميدان حين يشتدّ الخطر.
يعملون بصمت، ويؤمنون أن الإخلاص لا يحتاج ضوءًا ليُرى. يمضون بخطى واثقة كأنهم يعرفون أن الطريق إليهم ممهّد بالعزم واليقين، وحين يحين الموعد يكتمل فيهم المعنى ويصيرون رواية لا تنتهي.
وقالت والدة الشهيد الحاج ربيع حرب: جئت عالبيت، قلت له جئت عالدار يا أمي، حتى أسلم عليك، لقيت الدار تبكي عليك."
في بيت بسيط من بيوت بنت جبيل وُلد فتى برزت في وجهه ملامح الجدّ والطيبة. نشأ مبكرًا على مسؤولية صامتة تنبني على التواضع، وتعلّم معنى الثبات والكرامة. من بين حجارة هذه المدينة ونسمات ترابها خرج ذاك الفتى الذي صار من رجال المقاومة. إنه ربيع، الذي بدأت معالم رجولته من عتبات طفولته.
تقول والدة الشهيد الحاج ربيع حرب: "أنا ربّيت الحاج ربيع وتعبت عليه، وهو تعب معي. أنا أزرع قمحًا وأزرع خضراء وأزرع كل شيء، والحمد لله ربّيتهم على الطريق الصحيح وعلى طريق الصالحين وعلى كل شيء جميل. وبحياتهم لم يمدّوا يدهم على رزق حرام، الحمد لله."
شاهد أيضا.. علي محسن سلمان؛ قصة شهيد استشهد أخوه بين يديه
وتضيف زوجة الشهيد حرب: "أنا وربيع عشنا قصة حب طويلة، تزوّجنا وكوّنا أسرة وربّينا عائلة جميلة. أنجبنا أربعة أولاد وبنتًا، ربّيناهم على كل شيء جيد وعلّمناهم أن يكونوا متّحدين ويحبّوا بعضهم البعض. كان حنونًا جدًا معهم، كان الأب الحنون والسند في كل شيء. علّمهم كل شيء حتى أن أولادي منذ صغرهم جلب لهم أدوات وعلّمهم أن يعملوا معه ويساهموا في مدارس المهدي(عح). والحمد لله أن أولادي الآن يرفعون الرأس، وما كان يعمله ربيع هم يعملونه الآن."
وقال أخ الشهيد حرب: أول صفة في شخصية الحاج ربيع التي تساعده على التأثير في المجتمع أنه إنسان بسيط بطبيعته. هو إنسان من الأرض، تجده يعيش العيش البسيط رغم أن لديه القدرة على العيش بترف أكثر، لكنه يحب هذه البساطة ليكون بين الناس بهذا الشكل المتواضع.
وأما الصفة الثانية التي تُحكى عن الحاج ربيع أنه كان معطاءً لدرجة أنه يعطي من دمه وخبرته دون أن يسأل، وأحيانًا يأكل من حقّه ولا يسأل. هذه صفة تميّزه حقًا.
وأضلف : الصفة الثالثة أنه كان يتمتع بهمّة عالية. هذه الهمّة العالية إذا فكّر الواحد فيها من ناحية الطاقة التي يعطيها، فهي شيء خارج عن الطبيعة، ليس طبيعيًا أن إنسانًا يمكن أن يعطي بهذا الشكل.
وقالت والدة الشهيد: الحاج ربيع هو الأب وهو الأخ وهو كل شيء، هو أم للجميع وأب للجميع وجامع للجميع. لا يحب إلا الجماعة ولا يحب إلا أن نجلس جميعًا.
وقال أخ الشهيد حرب: أي شخص في الحي أو الشارع يريد الجلوس معه يجد الصغير يحبّ الحاج ربيع، عائلته القريبة والواسعة تحبّه، رفاقه على مستوى الحي وعلى مستوى البلد يحبّونه، رفاقه في العمل يحبّونه.
وأضاف : لذلك الحاج ربيع بالنسبة للمجتمع بشكل عام وبالنسبة لبنت جبيل بشكل خاص كان القدوة التي يحب الجميع أن يحذو حذوها. الحاج ربيع أثّر على هذا المجتمع وارتبط به لأنه إنسان اشتغل على نفسه، ولم تكن الدنيا تعني له شيئًا في الواقع.
التفاصيل في الفيديو المرفق ...