في ذكرى اشراقة ميلاد أمل المستضعفين، المهدي المنتظر(ع)

في ذكرى اشراقة ميلاد أمل المستضعفين، المهدي المنتظر(ع)
الأحد ٢٣ يونيو ٢٠١٣ - ٠٦:٠٣ بتوقيت غرينتش

أمتد صراع الخير والشر علی هذه الأرض منذ فجر الحياة وستبقی المعرکة سجالا بين خطين: خط الهدی وخط الضلال، خط الانبياء وخط الجاهلين الطغاة.

ولقد تحقق النصر للرسالة الإسلامية علی يد الرسول الاکرم صلی الله عليه وآله وسلم وسارت المسيرة الطاهرة وبنيت حضارة التوحيد وقطعت البشرية اشواطا متقدمة علی اساس العلم والايمان فاستضاءت بهذا النور واهتدت بذلك الهدی المشرق. 
إلا ان حرکة هذه المسيرة بدأت تضعف فنشطت الحضارة الجاهلية المفسدة وبدأ التراجع والتقهقر في حرکة الحضارة الاسلامية، وحرم الانسان من العيش في ظل الايمان والعدل والسلام، وانتشر الظلم في ربوع الارض وطغت الشرور الجاهلية حتی کادت الآمال تخبو واليأس يدب في قلوب المؤمنين، لولا وعد الله بنصر دينه العظيم واقامة العدل الشامل وتصفية بؤر الشر والفساد وتحقيق التغيير الشامل علی يد مصلح للبشرية يقيم سنن الانبياء وبيني الحياة علی اساس القرآن والسنة النبوية المطهرة، وهو (مهدي هذه الامة) کما سماه رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم في روايات عديدة وذلك وعد حق نطق به القرآن الکريم ووعدت به الکتب الالهية. 
فکان المصلح والامل الکبير الذي يحطم أوثان الجاهلية الحديثة ويملأ الارض قسطا وعدلا کما ملئت ظلما وجورا. 
ونذکر بشکل موجز جدا ماورد عن هذا الوعد الالهي المحتوم والقاطع في القرآن المجيد، فقد اشار الله تعالی في محکم کتابه الکريم الی ظهور المصلح العظيم - المهدي - کما ذکر المفسرون ذلك وهو:
* (ولقد کتبنا في الزَبور من بعد الذکر أن الله الارض يرثها عبادي الصَالحون).  الانبياء /105.
* (هو الذي أرسل رسُولهُ بالهدی ودين الحق ليُظهرهُ علی الدَين کُله ولو کره المشرکون). التوبة /33.
*(ونُريدُ أن نمنَ علی الذين اسُتضفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين). القصص / 5.  
کما سجلت کتب الرواية والحديث العديد من الروايات التي اخبر بها رسول الله (ص) امته عن المهدي وشخصيته وانه يملأ الارض قسطا وعدلا کما ملئت ظلما وجورا، ومن ذلك نفهم ان الايمان بوجود المهدي المصلح عليه السلام عقيدة اسلامية يؤمن بها المسلمون جميعا.
ان قضية الإمام المهدي المنتظر الذي بشر به الاسلام وبشرت به الاديان من قبل، قضية انسانية قبل ان تکون قضية دينية او اسلامية، فانها تعبير دقيق عن ضرورة تحقق الطموح الانساني بشکله التام.
وقد تميز مذهب أهل البيت عليهم السلام بالاعتقاد بالإمامة محمَد بن الحسن المهدي عليه السلام الذي ولد في ليلة النصف من شعبان سنة 255 للهجرة النبوية الشريفة، في مدنية سامراء، شمال العراق، وأستلم زمام الامر وتصدی لمسؤولياته القيادية سنة 260 للهجرة وهو الان حي يرزق يقوم بمهامه الرسالية من خلال متابعته الأحداث فهو يعاصر التطورات ويرقب الظروف التي لابد من تحققها کي يظهر الی العالم الانساني بعد ان تستنفذ الحضارات الجاهلية کل ما لديها من قدرات وطاقات، وتتفتح البشرية بعقولها وقلوبها لتلقي الهدي الالهي من خلال قائد قادر علی قيادة العالم اجمع کما يريده الله تعالی له. 
وهذا الامام الثاني عشر هو من أهل البيت الذين نصَ الرسول الاعظم صلی الله عليه وآله وسلم علی إمامتهم وبشَر بهم وبمستقبلهم، امته، وقد تحققت ولادته في ظروف حرجة جدا لم تکن لتسمح بالاعلان العام عن ولادته، ولکن أباه الامام الحسن العسکري عليه السلام وعدَة من اهل بيته وأقربائه کحکيمة ونسيم وغيرهما قد شهدوا ولادته واعلنوا فرحهم وسرورهم بذلك، واطلع شيعته واتباعه علی ولادته وحياته وانه امامهم الثاني عشر الذي بشر به خاتم الرسل (ص) وبعه نشاط الامام المهدي (ع) نفسه طيلة خمس سنوات من أجوبة المسائل والحضور في الاماکن الخاصة التي کان يؤمن فيها عليه من ملاحقة السلطة.
وبعد استشهاد أبيه (ع)  اقام الادلة القاطعة علی وجوده حتی استطاع ان يبدد الشکوك حول ولادته وامامته ويمسك بزمام الامور ويقوم بالمهام الکبری وهو في مرحلة الغيبة الصغری کل ذلك في خفاء من عيون الحکام وعمَالهم. 
واستمر بالقيام بمهامه القيادية في مرحلة الغيبة الکبری بعد تمهيد کاف لها وتعيينه لمجموعة الوظائف والمهام القيادية للعلماء، الامناء علی حلاله وحرامه، ليکونوا نوابه علی طول الغيبة الکبری وليقوموا بمهام المرجعية الدينية في کل الظروف التي ترافق هذه المرحلة حتی تتوفر له مقدمات الظهور للاصلاح الشامل الذي وعده الله تعالی به الامم.
لقد بدات غيبته الکبری سنة ( 329) للهجرة ولازالت هذه الغيبة مستمرة حتی عصرنا هذا. 
وقد مارس الامام محمد بن الحسن المهدي عليه السلام خلال مرحلة الغيبة الصغری نشاطا مکثفا وهو مستتر عن عامة اتباعه لتثبيت موقعه کامام مفترض الطاعة وانه الذي ينبغي للامة تنتظر خروجه وقيامه حين تتوفر الظروف الملائمة لثورته العالمية الشاملة.
وقد واصل الامام المهدي المنتظر عليه السلام ارتباطه بأتباعه من خلال نوَابه الاربعة خلال مرحلة الغيبة الصغری، غير أنها انتهت قبل ان تکشف السلطة محل تواجد الامام ونشاطه وانقطعت الامة عن الارتباط بوکلائه عند اعلانه انتهاء الغيبة الصغری وبقي يمارس مهامه القيادية وينفع الامة کما تنتفع بالشمس اذا ظلها السحاب.  
وقد ترك الامام المهدي المنتظر عليه السلام للامة الاسلامية خلال مرحلة الغيبة الصغری تراثا غنيا لايمکن التغافل عنه.
وهو لايزال يمارس ما يمکنه من مهامه القيادية خلال مرحلة الغيبة الکبری، وهو ينتظر مع سائر المنتظرين اليوم الذي يسمح له الله سبحانه فيه ان يخرج ويقوم بکل استعداداته وطاقاته التي اعدها وهياها الله له ليملأ الارض قسطا وعدلا بعد ان تملأ ظلما وجورا، وذلك بعد ان تتهيأ کل الظروف الموضوعية الازمة من حيث العدد والعدَة، وسائر الظروف العالمية التي ستمهد لخروجه وظهوره کقائد رباني عالمي، وتفجير ثورته الاسلامية الکبری وتحقيق الدين الحق وذلك حين ظهوره علی الدين کله ولو کره المشرکون.  
ان الدعوة الحقة التي دعا اليها القرآن الکريم واوضحها الرسول الهادي (ص) هي دعوة العمل والجهاد والاصلاح وتربية الذات واصلاح المجتمع لتهيئة الارضية المناسبة لمرحلة الاستخلاف المنتظر في الارض
لا دعوة تقاعس وتفرج وخنوع.
اذا لابد من الاهتمام بقضية الامام المهدي عليه السلام بجدية کقضية عقائدية، وربط الانسانية بمصلح منتظر والعمل الجاد من اجل الالتحام بقيادته المرتقبة والسير تحت لواء مصلح عظيم لتنمية روح الجد في الاصلاح ولابد من الاکثار من الدعاء والتوجه الی الله سبحانه وتعالی وتربية النفس والمجتمع والعمل الجاد لاصلاح المجتمع ومحاربة الفساد من اجل تهئية اجواء الظهور.    
وينبغي ان نشير اخيرا الی دورة تاريخية قد بدات تباشيرها تتجسد علی مسرح الحياة البشرية، فاصبح المشروع الاسلامي هو المشروع الحضاري والنظام الاجتماعي الذي ينادي به المسلمون في کل انحاء العالم، وماهي هذه الحرکات الشعبية والصحوة الاسلامية في الکثير من دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا الا حرکات تمهيدية لظهور الامام المهدي عليه السلام ومؤشرات قوية تدفع المسلمين نحو العمل من اجل اقامة الحياة الاسلامية وتطبيق احکام الشريعة المقدسة.

تصنيف :