مونترو.. "مشوهة" بان كي مون!

مونترو..
الخميس ٢٣ يناير ٢٠١٤ - ١١:٥٩ بتوقيت غرينتش

متابعة كلمات الجلسة الافتاحية لمؤتمر مونترو (جنيف 2) يبين مدى التباين في وجهات النظر بين طرفي النزاع في سوريا، وايضاً حجم الارتباك الذي تعيشه الامم المتحدة "المنسقة" للمؤتمر.

وبغض النظر عن السقف العالي الذي تحدث فيه الفرقاء بدءاً من وزيري خارجية روسيا واميركا حتى الجربا والزياني، نجد ان طرفي النزاع جاءوا بمشاريع محددة تعكس لربما المواقف المسبقة بين روسيا والصين وايران (وسوريا) من جهة، والولايات المتحدة وحليفاتها الغربيات والاقليميات، من جهة اخرى.

سوريا وحلفاءها:
كان واضحاً ان مداخلات واوراق الجانب السوري وحلفاءه تركز على النقاط التالية:
1 ـ مواجهة خطر الارهاب الذي يضرب بالمنطقة بشكل عام ومنها سوريا، اي ان الازمة السورية هي جزء من ازمة اقليمية وعالمية سببها الارهاب.
2 ـ الحد من التدخلات الاقليمية والعالمية في الشأن الداخلي السوري والحفاظ على السيادة الوطنية السورية على اساس قوانين الامم المتحدة ومواثيقها.
3 ـ ترك مسألة مستقبل سوريا للشعب السوري كي يقرر بنفسه عن شكل الحكم ومن يحكم وفقاً للمنطق الديمقراطي الذي تدعيه الدول الداعمة للمعارضة! وعدم التدخل في صياغة المصير السوري وفق اجندات اجنبية.
4 ـ هناك كذبة كبيرة تريد الدول الداعمة للمعارضة تمريرها على العالم والمجتمع الدولي وهي انها تدعم الديمقراطية وحقوق الانسان والتعددية.. وهل يمكن نشر الديمقراطية بالمدافع والصواريخ والذبح وتقطيع الاشلاء وبدعم من دول هي قمة التخلف والرجعية والاستبداد بكل المعايير الانسانية وادناها!

وفي هذا السياق كان خطاب وزير الخارجية الروسي، سرغي لافروف، واضحاً جداً، كما ان قوة كلمة وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، هي التي خطفت الاضواء، خاصة طريقة تعامله مع امين عام الامم المتحدة (بان كي مون) الذي جاء مهزوزاً ضعيفاً على خلفية فضيحة سحب دعوته لايران بعد اقل من 24 ساعة من دعوتها! في سابقة فريدة لاعلى منصب دبلوماسي اممي، فكانت "الصفعة" التي وجهها "المعلم" لـ"بان كم مون" مدوية جعلت كل وسائل الاعلام تتحدث عنها قبل كل شئ واكثر ومن كلمة الجامعة العربية ودولها المشاركة برمتها!

أما المعارضة، او الدول الداعمة للائتلاف السعودي ـ القطري ـ التركي، فقد جاءت لتكريس هدفين لا ثالث لهما:
1 ـ اخذ اعتراف بمستقبل لسوريا وفق اجندات دولية، وليس على اساس رأي الشعب السوري نفسه، لانها تدرك جيداً انها قاصرة عن تحقيق اي مكسب وفقاً للاسس الديمقراطية التي تتبجح بها، فأرادت من خلال حشد دولي ان تفرض صيغة ترمن متطلبات واجندات الولايات المتحدة والغرب بشكل عام وحلفاءه الاقليميين، بغض النظر عن رأي الشعب السوري وتطلعاته.
2 ـ التأكيد على وقف اطلاق النار، دون ان تحدد قدرتها في ضبط المجموعات المسلحة والتكفيرية التي وصل بها الحال ان تقتل بينها وتقطع رؤوس قادتها (بسبب اختلاف نفوذ الداعمين وتسابقهم في خدمة الاجندات الدولية!)

وبما ان هذه المجموعات "غير منضبطة!" فستكون هناك حاجة لقوات دولية تتولى ضبط الحدود بين سوريا وجيرانها، مع التأكيد على على الحدود الشرقية مع العراق (لان داعش تتحرك فيها!!) والغربية، مع لبنان (لان النصرة تنشط هناك!) في حين ان الهدف غير ذلك.. وبالتالي ارتهان الموقف العسكري السوري والسيادة الوطنية وقطع الطريق امام امدادات الجيش السوري والمقاومة في لبنان! او بشكل اوضح تقطيع اوصال محور المقاومة الذي يمتد من طهران الى بيروت.

هنا نفهم اسباب نشاط "داعش" شرق سوريا وتسرب الارهاب بواسطة "النصرة"  نحو مناطق القصير يبرود والقلمون ومنه الى لبنان.. ونفهم ايضا ان داعش والنصرة والجبهة الاسلامية والحر و..الخ كلها تدار من مركز واحد وان الاختلاف فقط في من تبنى كل منهما، بينما مركز الحضانة واحد!!

ومن هذه النقطة يتضح ان هناك اجندات اميركية ـ صهيونية تنطق بها معارضة الجربا التي جاءوا بها من شتات الآفاق ليفرضوا واقعاً على محور المقاومة، وأن معارضة الجربا لا قيمة حقيقة لها، بل ان قيمتها تحدده مدى انجازاتها لهذه الاهداف الصهيونية الاميركية.

وندرك ايضاً ان موقف الجمهورية الاسلامية الايرانية في دعم سوريا لم يأت من فراغ، بل من خلال نظرة استراتيجية بعيدة، ولهذا خافوا حضورها في مونيرو وتحمل من اجل ذلك بان كي مون والاخضر الابراهيمي ومن يمثلان كل تلك الفضيحة الدبلوماسية..

في حين ان ضبط المجموعات المسلحة يكون وببساطة من خلال وقف تمويلها وتدريبها ودعمها الاستخباري، علماً ان جميع متزعمي وامراء الكتائب والمليشيات مجرد اجيرين عند الداعمين الاقليميين والدوليين.

وبالنظر الى هذا التباين في الرؤى والمشاريع بين الطرفين واصرار الراعيين الدوليين، روسيا واميركا، على عقد المؤتمر، فلن يحصل شئ استثنائي في هذا المؤتمر، بل سيستمر الوضع مع بعض التوافقات (ضمن اطار التفاهم الروسي الاميركي) ومنها محاربة الارهاب والمجموعات التي تنوي السعودية وقطر وتركيا استبدال اغلفتها لتفرغها في قوالب واغلفة اخرى، اقل تطرفاً في ظاهرها وقد تقتل بالرصاص فقط دون قطع الرؤوس بالسواطير وأكل احشاء القتلى.. وايضاً قضية المساعدات الانسانية التي يمكن تجاوزها من خلال رفع الحظر على الغذاء والدواء.. وكل ذلك على أمل ان تتبلور صورة اوضح وتتمكن معارضة الجربا ان تلملم شتاتها وتحشد آخرين معها بدعم غربي اقليمي، لان وضعها الحالي لن يمكنها من خوض اي مشروع في مواجهة صلابة الموقف السوري وحلفاءه.. كما ان الحديث عن سلطة انتقالية ستكون الحكومة السورية هي من يتولاها لافتقاد الاخرين لاي من مقوماتها، الامر الذي ترفضه السعودية وشقيقاتها وتركيا الذين شخصنوا الازمة السورية وجعلوها بمقاسات فكرهم القبلي واحقادهم البدوية..

* علاء الرضائي