الانتخابات البرلمانية العراقية ومواقف دول الجوار (2)

الانتخابات البرلمانية العراقية ومواقف دول الجوار (2)
الجمعة ١٨ أبريل ٢٠١٤ - ٠٥:٢٤ بتوقيت غرينتش

في القسم الاول من سلسلة المقالات حول الانتخابات البرلمانية العراقية، تحدثنا عن موقف ايران من الانتخابات البرلمانية القادمة وقلنا بأن الموقف الإيراني من الانتخابات العراقية يقوم على عدم التدخل فيها، والترحيب بمن يختاره الشعب ليمثله في البرلمان كما أن إيران تتمنى أن يشارك عدد كبير من الناخبين في الانتخابات لأن المشاركة الكثيفة ستكون رداً حاسماً على من يريد أن يتصيد في الماء العكر.

وفي هذا القسم نتحدث عن موقف السعودية من الانتخابات البرلمانية العراقية المقرر إجراؤها في 30 نيسان – ابريل الجاري.
السعودية جارة للعراق وتمتد الحدود بينهما الى أكثر من 800 كيلومتر ولكن العلاقات بين البلدين لم تكن يوما من الايام على ما يرام سواء في عهد الرئيس العراقي المعدوم صدام حسين أو في عهد رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، فهناك اسباب عديدة لعدم وجود علاقات طبيعية بينهما منها أن الانظمة الحاكمة في البلدين مختلفة وان العراق تحكمه اليوم حكومة منتخبة بعكس حكومة صدام التي جاءت الى السلطة بانقلاب عسكري، ولكن في السعودية هناك أسرة آل سعود تحكم هذا البلد منذ اكثر من مائة عام يتداول السلطة فيها ابناء عبد العزيز آل سعود. وكان موقف ال سعود من حكومة صدام حسين انه يجب الاطاحة به دون تغيير النظام الحاكم ودون تغيير الطبقة الحاكمة التي كانت السعودية ترى بقاءهم في صالحها .

ولكن الامريكان لم يكن موقفهم مشابها لموقف السعوديين وهكذا تم الاطاحة بصدام وجاء المعارضون للبعث العراقي الى العراق دون ان يكون للسعوديين دور في مجيئهم ولكن حكومة اياد علاوي التي حكمت العراق كانت تقيم علاقات جيدة مع السعوديين وكانت تحظى بدعمهم ولكن مجيء نوري المالكي قد ازعج السعوديين لانه كان يمثل الاغلبية العددية للعراقيين، ولكن السعوديين لم يكونوا يقبلون بحكم صناديق الاقتراع وحكم الاغلبية، وهم الذين يحكمون الجزيرة العربية حكما وراثيا مطلقا، ليس للشعب اي رأي في حكومته ولا له دور رقابي على اعمال الطبقة الحاكمة.

فالسعوديون كانوا يفضلون حكم صدام على الحكم الديمقراطي الحالي في العراق ، لأن حكم صدام كان حكما ديكتاتوريا شبيها بحكم ال سعود ولهذا السبب رأينا ال سعود وقفوا الى جانب صدام في حربه ضد ايران كما شجعوا دول الخليج الفارسي الأخرى لتقف الى جانب صدام . ولكن صدام حسين غزا الكويت واحتلها وجعل حكامها يهربون منها ويلجأون الى السعودية وقد تدخلت الولايات المتحدة فطردت قوات صدام من الكويت وشنت هجوما على العراق اطاحت به وبحكم البعث العراقي.

السعودية بدلا من الترحيب بالحكومة العراقية الجديدة بعد سقوط صدام اتخذت موقفا سلبيا منها وخاصة من حكومة نوري المالكي حيث اتهم المالكي الحكومة السعودية بالتدخل في الشأن الداخلي العراقي وتسهيل مرور المقاتلين عبر أراضيها وتقديم المال والسلاح لازلام صدام وللجماعات الارهابية التي تحارب الحكومة العراقية.

وكان موقف الحكومة العراقية من الحرب ضد سوريا أحد عوامل التباعد بين الحكومة العراقية والحكومة السعودية ، كما ان التقارب الايراني العراقي قد زاد من مواقف السعودية العدائية تجاه حكومة نوري المالكي وترى اوساط مقربة من الحكومة العراقية بان السعودية لها يد في الاضطرابات التي تشهدها المناطق الغربية من العراق خاصة الهجمات التي تشنها داعش في العراق وتعتقد بان السعوديين يشجعون العراقيين على التمرد ضد حكومة المالكي .

السعوديون لا يريدون ان يتولى المالكي من جديد رئاسة الوزراء في العراق وهم سيحاولون جاهدين منع المالكي وكتلته من الفوز في الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق، ولكن جهودهم السابقة قد باءت بالفشل لان اغلبية الشعب العراقي صوتت لكتلة رئيس الوزراء ولم تتمكن السعودية وحلفاءها في العراق منع كتلة المالكي من الفوز في الانتخابات ، ولذلك فاز المالكي لولاية ثانية وها هو الشعب العراقي مقبل على انتخابات برلمانية مهمة وحساسة .

فالمعارضون لحكومة المالكي يرفضون التجديد له وهم يطرحون خلال الحملات الانتخابية قضية رفض الولاية الثالثة، بينما تمسكت كتلة المالكي الانتخابية بترشيحه لولاية جديدة ، وكان من ابرز المعارضين لولاية ثالثة للمالكي رئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي الذي اعلن رفضه بشكل قاطع منح المالكي ولاية ثالثة.
وقال النجيفي في المؤتمر الانتخابي لائتلافه في محافظة نينوى ان «أي تجديد لولاية رئيس الحكومة سيكون اذعاناً للنهج التعسفي وسيكون تجويزاً للمجازر والمذابح التي ارتكبت بحق الابرياء من المواطنين وعليه فإننا في ائتلاف متحدون للاصلاح نقول بالفم الملآن برفضنا القاطع لأي تجديد بولاية ثالثة لرئيس الحكومة أو اقراره تحت اي ظرف أو ذريعة كانت.

فرئيس مجلس النواب العراقي لم يشر الى من يدعم الارهابيين ومن يزودهم بالاسلحة والمعدات والاموال ليعيث في العراق فسادا ومن يرتكب المجازر في مختلف مدن العراق بل انه يتهم الحكومة بارتكاب المجازر والمذابح ضد المواطنين.
 
كما ان اياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الاسبق الذي يدافع عن اصدقائه السعوديين والذي يحظى بدعمهم هو الاخر رفض  الولاية الثالثة للمالكي معتبرا انها ستدمر العراق ..

ولكن كتلة «المواطن» التي يترأسها السيد عمار الحكيم، اعتبرت على لسان القيادي فيها عبد الحسين عبطان ان «الحديث عن حصول المالكي على ولاية ثالثة من عدمه امر سابق لأوانه».
وأشار الى ان «مسألة ترشيح رئيس الحكومة يرتبط بعوامل عدة اهمها ما تحصل عليه الكتلة من مقاعد فضلاً عن مقبولية الكتلة وبرنامجها السياسي».

واعتبر القيادي في «دولة القانون» سامي العسكري ايضاً ان «الحديث عن الولاية الثالثة للمالكي مرتبط بنتائج الانتخابات وما ستسجله من إرادة للناخب».
وأشار الى ان «الكتل المعترضة الآن على المالكي هي نفسها من اعترض في 2010 لكنها غيرت مواقفها بعد النتائج» الا انه اكد ان «المالكي حتى اللحظة هو المرشح الوحيد لحزب الدعوة ولائتلاف دولة القانون لتولي رئاسة الحكومة» وتوقع ان « يحظى المالكي بهذا المنصب بالاستناد الى استطلاعات الرأي العام».

من جهته تحدث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الخميس عمن يدعمون الارهابيين والعصابات والميليشيات وقال إنه لن يسمح لاحد بأن يكون بديلاً للدولة بعصابات وميليشيات، فيما شدد على رفضه لحكم الطوائف والعوائل والمطالبة بحكم قائم على الدستور.
وقال المالكي خلال حفل لائتلاف دولة القانون أقيم، مساء الخميس في محافظة كربلاء "نريد عراقاً قلبه قوي وأطرافه قوية"، مشدداً بالقول "نريد حكومة مركزية قوية وحكومات المحافظات قوية كل في اختصاصه وواجباته ولا أحد يعبر عن اختصاصات الآخر".

وتابع المالكي "لا نريد حكم الملوك والطوائف ولا حكم العوائل وحكم المؤسسات السياسية"، مشيراً إلى أن "ما نريده حكم وطني قائم على الدستور وتغيير يعطينا بلداً لاينحني أمام الدول التي ترسل إلينا القتلة والمجرمين".
واعتبر نوري المالكي أنه لولا ائتلاف دولة القانون لتمزق العراق، مشيراً إلى أن التجربة اثبتت أن دولة القانون حمت العراق من التمزق والطائفية.

شاكر كسرائي