الانتخابات البرلمانية العراقية ومواقف دول الجوار (3)

الانتخابات البرلمانية العراقية ومواقف دول الجوار (3)
السبت ١٩ أبريل ٢٠١٤ - ٠٤:٥٧ بتوقيت غرينتش

في القسم الثاني من سلسلة المقالات حول الانتخابات البرلمانية العراقية ، تحدثنا عن موقف السعودية من الانتخابات البرلمانية العراقية المقرر اجراؤها في 30 نيسان – ابريل الجاري.وفي هذا القسم نتحدث عن الموقف التركي من الانتخابات البرلمانية القادمة في العراق .

لا شك ان العلاقات التركية العراقية قد مرت خلال السنوات العديدة الماضية بمنعطفات خطيرة و تأزمت هذه العلاقات في فترات ازداد فيها التدخل التركي في الشان العراقي، وقد حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الحكومة التركية  من مغبة التدخل في شؤون العراق وخاصة في شأن المنطقة الكردية وعقد اتفاق نفطي مع اقليم كردستان .

حكومة رجب طيب اردوغان اتخذت مواقف معادية من حكومة نوري المالكي خاصة معارضتها لتسليم نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي للعراق ومنحه اللجوء السياسي والسماح له بالقيام ينشاطات سياسية ضد الحكومة العراقية ، كما ان تركيا كرست جهودها للاطاحة بحكومة بشار الاسد ولكنها فشلت فشلا ذريعا ولم تفلح في القضاء على الحكم في سوريا ، وكانت هزيمتها محققة ايضا عندما دعمت الاخوان المسلمين في مصر وفشلها في تصدير النموذج التركي للعالم العربي.

الحكومة التركية استفزت الحكومة العراقية عندما زار وزير خارجيتها داود اوغلو منطقة كردستان العراق دون الحصول على اذن من الحكومة المركزية ،هذه الخطوة اعتبرتها وزارة الخارجية العراقية انتهاكا لا يليق بدولة جارة .

الحكومة التركية بقيادة رجب طيب اردوغان لم تكن راضية من وصول المالكي الى  رئاسة الوزراء وقد حاولت بشتى السبل دعم معارضيه  للاطاحة به ولكنها فشلت ايضا في مسعاها .

الحكومة التركية تقاربت مع اقليم كردستان من اجل الضغط على الحكومة العراقية وكانت سياسة اردوغان منطبقة مع سياسات كل من السعودية وقطر للضغط على المالكي لكي يتخذ موقفا معاديا للحكومة السورية .

وبما ان جميع جهود اردوغان للاطاحة بالاسد في سوريا  باءت بالفشل ، فقد حاول الضغط على المالكي لتغيير موقفه من سوريه عن طريق دعم الارهابيين والجماعات التكفيرية الذين ارسلوا الى سوريا وفشلوا في الاطاحة بنظامها ، وكانت محاولته الاخيرة ان سمح بعبور الارهابيين والتكفيرين وخاصة مجموعة داعش الى العراق والعمل على السيطرة على المدن الواقعة في محافظة الانبار للضغط على الحكومة العراقية والهاء الجيش العراقي واستنزاف قدراته.

ان جهود الحكومة التركية الاخيرة بالسماح للمسلحين والتكفيرييين للعبور الى العراق كانت تهدف بان تثبت للسعوديين والقطريين والامريكان انها قادرة على فتح جبهة جديدة بعد فشل السعوديين بالاطاحة بنظام الاسد وها هي الجماعات الارهابية تحارب القوات العراقية مدعومة بالسلاح والمال السعودي التركي القطري لتفتح جبهة جديدة هدفها استنزاف القوات العراقية وقتل اكبر عدد من المواطنين في الانبار ومن القوات النظامية والقاء مسؤولية ذلك على الحكومة العراقية.

الحكومة التركية المنزعجة من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي  لا تريد ان يفوز المالكي بولاية ثالثة ومن هنا نري انها  ستتخذ موقفا معاديا له خلال الانتخابات البرلمانية القادمة ، عن طريق دعم معارضية في الانتخابات لكي تتولى شخصية غير المالكي منصب رئيس الوزراء .

ان فشل اردوغان في سياسته الخارجية وخاصة في سوريا ودعمه للاخوان المسلمين في مصر وكذلك فشله في الداخل ومعارضة الاحزاب المناوئه له والتظاهرات والاحتجاجات المتتالية ضده ، جعله يركز اهتمامه على التدخل في الشان العراقي وخاصة ان الانتخابات البرلمانية تمنحه فرصة ذهبية لاثبات انه لا زال قادرا على لعب دور فعال في منطقة الشرق الاوسط  والتاكيد على ان الدور التركي لا يزال دورا فاعلا وحيويا للمنطقة .

ولهذا السبب فانه سيدعم الجماعات العلمانية المناوئه للمالكي كما انه سيدعم الاحزاب الاسلامية ولاسيما الاخوان المسلمين في العراق وخاصة الحزب الاسلامي وهيئة علماء المسلمين ومجلس شوري المجاهدين ودعم الجماعات الارهابية في غرب العراق لكي تشكل هذه الجماعات ورقة ضغط على الحكومة العراقية .
ان الحكومة التركية  باتت اليوم اكثر عزلة  في محيطها الداخلي والاقليمي وقد ذهبت جميع امال رئيس وزرائها اردوغان  بتزعم العالم الاسلامي واحياء مجد الامبراطورية العثمانية وها هو اردوغان بات معزولا يحاول بشتى السبل اثبات قدرته على لعب دور السياسي المحنك وقد ادرك الاتراك بان اردوغان هزم شر هزيمة بسبب سياساته التي قامت على التدخل في شؤون الدول الاخرى في المنطقة وقد توترت علاقته مع العديد من الدول العربية بسبب تدخله في شؤونها وخاصة عندما دعم الاخوان المسلمين في مصر وها هو يبذل اخر محاولاته لدعم المعارضين لحكومة المالكي من العلمانيين والاسلاميين للاطاحة برئيس وزراء العراق ، ولكن هذه المحاولات يمكن ان تفشل كما فشلت محاولاته الاخرى في التدخل في شؤون بلدان المنطقة.
*شاكر كسرائي