اشكاليات سمحت للارهاب ان يخرج من عرسال منتصراً

اشكاليات سمحت للارهاب ان يخرج من عرسال منتصراً
الأحد ١٠ أغسطس ٢٠١٤ - ٠٥:٥٥ بتوقيت غرينتش

بغض النظر عن تفاصيل الاتفاق الذي تم بين هيئة علماء المسلمين والجماعات الارهابية والغموض حول الكيفية التي سارت عليها المفاوضات وما آلت اليه الامور، يجب ان نعترف ان الارهاب قد حقق انتصاراً غير مسبوق يمكن ان يتكرر.

ومن الواضح ان النتائج قد احدثت صدمة لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين واحدثت ايضا قلقا على مستقبل الجيش وعلى دوره في التعاطي مع الغزاة على اساس انتمائهم وليس جرائمهم واهدافهم، وعلى مصير القرى المجاورة للحدود السورية اللبنانية المستهدفة كاللبوة والقاع ورأس بعلبك التي يمكن ان يدخلوها متى قرروا.

خرج الارهابيون ومعهم 37 من جنود الجيش وافراد الامن الداخلي كرهائن وباتوا ورقة قوية في يد الارهابيين للمساومة والابتزاز، ومن المؤكد انها ستفرض على الحكومة اللبنانية، سراً او علناً، اطلاق سراح كل المعتقلين من جماعات فتح الاسلام والضنية واحمد الاسير وغيرهم، اضافة الى الارهابي البارز ابو احمد الفلسطيني.

هناك مجموعة من لاشكاليات ادت الى هذه النتائج المروعة وما لها من تداعيات وارتدادات يمكن ان نشهدها في المستقبل القريب.

الاشكالية الاولى في اختيار المفاوض: هل اختارت الحكومة هيئة علماء المسلمين بصفتها مقربة من الجماعات المسلحة كي تفاوضهم ام ان الهيئة عرضت خدماتها على الدولة؟ وهل كانت هيئة علماء المسلمين تفاوض باسم الحكومة ام وسيط بين الطرفين؟ المسار التفاوضي يؤكد ان هيئة علماء المسلمين ذهبت الى المفاوضات حاملة تخويلاً كاملاً بالتفاوض باسم الحكومة، وبات من الواضح ان الحكومة لم تختار الهيئة بل الهيئة فرضت نفسها على الحكومة لاسباب تتعلق بالانتماءات.

الاشكالية الثانية في القاعدة التفاوضية: على اي قاعدة تفاوضية قرر رئيس الوزراء التفاوض مع الارهابيين؟ الخطاب الناري الذي اطلقه رئيس الوزراء اختلف كليا عن الاطر التفاوضية. ومن الواضح جداً ان التفاوض تم على قاعدة "الند للند" وتلك خطيئة سيكون لها تداعيات خطيرة. وبات من الواضح ايضاً ان القاعدة التفاوضية التي استندت عليها الهيئة كانت تدور في فلك ايجاد مخرج للارهابيين يبدو في الظاهر مخرج للجميع.

الاشكالية الثالثة في اختيار الهيئة: هيئة علماء المسلمين لا تنظر الى الجماعات المسلحة على انهم جماعات ارهابية بل تعتبرهم ثوار وهذا بحد ذاته لا يؤهل الهيئة بتمثيل الحكومة. مع العلم ان التجارب السابقة في التعاطي مع الاعتداءات على الدولة والمواطنين (تجربة احمد الاسير) تؤكد لاي مراقب ان الهيئة تحمل نفس الفكر الذي تحمله الجماعات المسلحة او بالحد الادنى تتعاطف معهم في صراعهم مع نظام الحكم في سوريا، وبالتالي لا يمكن ان تلعب دور المفاوض او دور الوسيط المحايد.

الاشكالية الرابعة في سقف التفاوض: هل قامت الحكومة بالاتفاق مع الهيئة على تحديد سقف التفاوض قبل بدء العملية التفاوضية ام انها تركت للهيئة تحديد السقف؟ لو سلمنا جدلاً ان التفاوض كان امراً لا بد منه، كان من الاولى ان تقرر الدولة ما يمكن وما لا يمكن التنازل عنه. هذه الاشكالية بينت ان الدولة اللبنانية دولة ضعيفة وانها تفضل الهروب على اتخاذ قرارات بحجم التحديات.

الاشكالية الخامسة في اعادة التوجيه: سعى فريق تابع لتيار المستقبل في توجيه الازمة في اتجاه غيّر من مسارها الحقيقي وذلك وفقاً لانتمائهم السياسي والطائفي في عملية تحريضية مبرمجة ضد مكون اساسي من مكونات المجتمع اللبناني. استخدم نواب تيار المستقبل الانقسام الحاد لتبرير الهجمة الارهابية وتجل ذلك في ظهور تجمعات ترفع اعلام القاعدة وداعش وتجل ايضاً في الاستجابة السريعة باغلاق طرق في اماكن متفرقة في لبنان.

رضا حرب - المركز الدولي للدراسات الامنية والجيوسياسية (wwwcgsgs.com)