مأساة اللاجئين السوريين وحقيقة الوهابية

مأساة اللاجئين السوريين وحقيقة الوهابية
الثلاثاء ٠٨ سبتمبر ٢٠١٥ - ٠٤:٣٧ بتوقيت غرينتش

المشهد المأساوي للاجئين السوريين الفارين من قلب العالم الاسلامي، الى اوروبا، يثير في النفس وجعا لا يوصف، ويُشعرك بالدونية والضآلة، ولا تملك الا ان تطأطىء رأسك الى الارض خجلا، وتغمض عينيك حتى لا ترى نفسك بين هؤلاء الهائمين على وجوههم، هربا من القتل والسبي والجوع والفناء.

الجثث الطافية على الماء، وتلك التي قذفتها الامواج الى سواحل البلدان البعيدة، و الجثث المتفسخة في الشاحنات المغلقة على الطرق السريعة، وبقايا قطع اللحم البشري وخصل الشعر المتبقية على الاسلاك الشائكة الممتدة على حدود اوروبا، ووجوه الأطفال المرتعدة من الخوف وهم يرون كيف يضرب اباؤهم ضربا مبرحا من قبل حراس الحدود، وجثة الصغير آيلان، التي هزت العالم، وهي مرمية على ساحل تركيا، كل هذه المأساة تخبرك ان هؤلاء الناس يهربون من شيء اخطر بكثير من الموت.

مأساة اللاجئين السوريين، جاءت لتكمل اللوحة المرعبة التي بدأت الجماعات الوهابية رسمها “للاسلام”، في العراق وسوريا وفي العديد من بلدان منطقة الشرق الاوسط، وبات “واضحا” وفقا لهذه اللوحة، ان “الاسلام”، هو “الخطر” الذي يهرب منه الجميع، الى احضان اوروبا “الكافرة”.

مأساة اللاجئين “المسلمين” الهاربين من “بلاد الاسلام” الى “بلاد الكفار”، هي اكبر تهديد يواجهه “الاسلام” منذ عدة قرون، فالمسلمون يهاجرون هذه المرة وبشكل جماعي، وامام مرأى ومسمع العالم أجمع، الى أحضان “الكفار” هربا من “الاسلام”.
لا أمن وأمان “للمسلمين”، الا في الإرتماء بأحضان “الكفار”، و”الكفار” هذه المرة “برهنوا”، وبشكل “لا لبس فيه” على “انسانيتهم”، ففتحوا حدودهم امام “الهاربين من الاسلام”، خوفا من السبي والصلب والذبح والحرق وتقطيع الأوصال والدفن احياء.
“الاسلام” الذي يهرب منه “المسلمون”، هو “الاسلام” الذي زرعته أوروبا في أرض جزيرة العرب قبل أكثر من قرن من الان، عندما غدرت بريطانيا بالشريف حسين، ودعمت ابن سعود ومذهبه الوهابي، ففرضت سلطانه ومذهبه على جزيرة العرب، ومن ثم انتقلت الوهابية الى العالم الاسلامي، بقوة البترودولار، والدعم البريطاني والامريكي .
في خضم الفوضى التي تعيشها منطقة الشرق الاوسط، بسبب الفتن التي أشعلتها الجماعات الوهابية من امثال القاعدة و“داعش” و”جبهة النصرة” و“انصار الشريعة” و“بوكو حرام” و“جند الله” و“طالبان” و“جيش الصحابة” و… والتي ترفع جميعها “لواء الاسلام” والدعوة الى تطبيق “الشريعة الاسلامية”، فات المسلمون ان الوهابية التي يهربون منها الى احضان اوروبا، هي صناعة اوروبية بامتياز، وسلاح فتاك يستخدمه الاوروبي، ضد المسلمين، كما استخدم الصهيونية ضدهم، فلولا الاوروبي، لما كان بامكان الوهابية ان تسيطر على جزيرة العرب، وان تتمدد في البلدان الاسلامية، حتى وصل الامر بالمجتمعات الاسلامية الى ما وصلت اليه الان .

الغرب كان يرى في الاسلام المحمدي الاصيل، سدا منيعا امام أطماعه في العالم الاسلامي، فكان لابد من صناعة “اسلام مزيف” يمكن من خلاله ضرب الاسلام وشل المسلمين، فكان هذا المنتج هو الوهابية، “السرطان” الذي قدمه الغرب على انه “الاسلام” الصحيح.

من الوهابية خرجت “القاعدة”، وهي السلاح الذي حارب به الغرب، الاتحاد السوفيتي، ومن الوهابية خرجت “داعش”، وهي السلاح الذي شوه به الغرب، الاسلام، ومن هذا “الاسلام الداعشي” يهرب المسلمون الى احضان من صنع “داعش”، وبذلك يكون الغرب قد نجح في تشويه صورة الاسلام، حتى لدى المسلمين انفسهم، وان يظهر هو بمظهر المخلص “للمسلمين” من “الاسلام”.

ان على المسلمين اليوم، وخاصة السوريين الذين فروا الى اوروبا، ان يعلموا ان الوهابية لا تمثل الاسلام فحسب، بل هي صنو الصهيونية، وان ممارسات “داعش” هي ممارسات صهيونية بكل تفاصيلها، وهو ما يفسر عدم جدية الغرب في محاربة “داعش”، فوجود هذه الاخيرة يصب في صالح الغرب والصهيونية، ويمكن تلمس هذه الحقيقة من خلال معاداة الغرب لكل من يعادي “داعش” بجد في المنطقة، وهو ذات الموقف الذي وقفه الغرب من الوهابية في بداية انتشارها في جزيرة العرب، حيث دعم وأيد هذا الانتشار، وهذا التأييد القوي ل”مذهب ديني” من قبل “الانكليز”، يعنى ان هذا المذهب لا محالة معاد للاسلام.

• منيب السائح - شفقنا