أوباما تعهّد بضمان تفوّق "إسرائيل" عسكريا

أوباما تعهّد بضمان تفوّق
الثلاثاء ١٠ نوفمبر ٢٠١٥ - ١١:١٤ بتوقيت غرينتش

لم يقدّم أوباما جديدًا عندما عبّر عن التزام واشنطن أمن "إسرائيل" كأولوية له وللولايات المتحدة، فيما كرر نتنياهو الضريبة اللفظية حول التزامه مبدأ الدولتين لشعبين كأساس للحل على المسار الفلسطيني.

عشية الانتخابات العامّة الإسرائيليّة في شهر آذار (مارس) المنصرم، أجمعت معاهد استطلاع الرأي في تل أبيب أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، سيخسر لصالح يتسحاق هرتسوغ، قائد حزب “المعسكر الصهيوني، فجاءت النتيجة الحقيقية لتؤكد للجميع أن الاستطلاعات لم تكن صحيحة بالمرّة، وفاز نتنياهو فوزا ساحقًا، وعاد إلى منصبه للمرّة الرابعة. وهذا ما جرى عشية اجتماعه بالرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إذ أنّ المراقبين والخبراء وحتى صنّاع القرار في تل أبيب توقّعوا أن يكون اللقاء فاشلاً، وأن يثأر أوباما من نتنياهو الذي تحداه في عقر داره، ولكن بعيد انتهاء الاجتماع، الذي عُقد بعد قطيعةٍ استمرّت سنة بين الرجلين، تبينّ أنّ نتنياهو حصل على كلّ ما يريد، وأنّ اللقاء كان حميميًا ووديًّا للغاية، خلافًا للتوقعّات في "إسرائيل."
اللافت، أنّ سقف المطالب الإسرائيليّة، كما أفاد الإعلام العبريّ، فاقت أيضًا كلّ التوقعات، حيث نقل عن نتنياهو قوله إنّه طلب من أوباما أن الدولة العبريّة شريكة في المفاوضات على مستقبل سورية بهدف الحفاظ على أمنها القومي، على حد تعبيره.
وعليه يمكن القول والفصل أيضًا إنه على الرغم مما يحكى عن تأزم العلاقات الشخصية بين رأس الهرم السياسي ل"إسرائيل" وللولايات المتحدة، لم يتوقع أن يكون لذلك أثر في العلاقات الإستراتيجية بين الدولتين، بل في أوج المفاوضات والمحطات الفاصلة في الطريق إلى الاتفاق النووي وفي ظل السجالات والتسريبات الإعلامية المتبادلة، كان الدعم الأمني والسياسي والاستراتيجي الأمريكي لإسرائيل يجري بوتيرته المتصاعدة، كأنّه لا خلاف بينهما.
بالإضافة إلى ذلك، في الوقت الذي كان فيه الدعم الأمريكي لإسرائيل بأعلى مستوياته، كانت الخلافات توحي لبعضهم كأننا أمام طرفين يخوضان معركة ضروسًا بينهما، فيما الواقع هو على غير هذه الصورة. وبعبارة أدّق: كان المشهد مركبًا من خلافات حقيقية في الرؤية والموقف، وفي الوقت نفسه اتفاق على الثوابت في العلاقات بينهما. ومع أن نتنياهو، قد يكون تجاوز بعض الأعراف والخطوط، وبلغ الذروة في كلمته أمام الكونغرس تحريضًا على الاتفاق الذي كان يعمل عليه الرئيس أوباما، فإنّ ذلك لم يترك أي أثر سلبي فعليًا في الموقف الأمريكي من "إسرائيل"، في ظل حكومة اليمين، التي يرأسها نتنياهو نفسه، مع ذلك، تبينّ أنه لا يوجد ما يمنع من أن يكون اللقاء مناسبة لترميم ما شاب العلاقات من توتر.
في المحصلة العامّة، لم يقدّم أوباما جديدًا عندما عبّر عن التزام واشنطن أمن "إسرائيل" كأولوية له وللولايات المتحدة، فيما كرر نتنياهو الضريبة اللفظية حول التزامه مبدأ الدولتين لشعبين كأساس للحل على المسار الفلسطيني. ولم ينس أيضًا تكرار لأزمة أخرى لجهة رفضه التنازل عن الأمل بتحقيق السلام، رغم مضي أكثر من 20 سنة على الاتفاق المرحلي، أوسلو. وكزعيم يهمه توفير الاستقرار إلى جانب الاحتلال، توجه نتنياهو إلى الرئيس الأمريكيّ بالقول: أريد أن أبحث معك الطرق لتعزيز الاستقرار في الضفة الغربية.
وأكّد على أنّ أحدًا لا ينبغي أن يشكك في تصميم "إسرائيل" في الدفاع عن شعبها، ولكن مع رغبتها في التوصل إلى سلام مع جيرانها، ثمّ شدد على ضرورة التفكير في كيفية المحافظة على نوعية التفوق التكنولوجي ل"إسرائيل" من أجل التمكن من الدفاع عن نفسها. من ناحيته، أشار أوباما إلى أنّ الوضع الأمني في الشرق الأوسط يتدهور، وأمن "إسرائيل" على رأس سلم أولوياتي. نريد ضمان أن تستطيع "إسرائيل" الدفاع عن نفسها. وذكّر بالخلاف بينه وبين نتنياهو حول الاتفاق النووي مع إيران، لكن لا يوجد بيننا عدم اتفاق على ضرورة منع إيران من صناعة أسلحة نووية. أما عن الهبّة الشعبية الفلسطينية، فرأى أوباما أنّ ل"إسرائيل" الحقّ وواجب الدفاع عن نفسها من الإرهاب الفلسطيني، لافتًا إلى أنّه يرغب بالتحدّث مع نتنياهو كيف يمكن العودة إلى مسار عملية السلام؟
جدير بالذكر أنّ نتنياهو قد أوضح للجنة الخارجية والأمن، التابعة للكنيست، أنّ هدفه من الزيارة التوصل إلى تفاهمات مع أوباما لزيادة المساعدة الأمنية الأمريكيّة من 3,1 مليارات دولار في السنة إلى ما يزيد على أربعة مليارات دولار، مُضيفًا أنّه لا يعلم هل سينجح في الحصول على موافقة أمريكيّة أو لا. في سياقٍ متصلٍ، تناول مراسل الشؤون السياسيّة في صحيفة (هآرتس)، باراك راغفيد، الذي يرافق نتنياهو في زيارته إلى واشنطن، رزمة التعويضات التي طلبها نتنياهو من أوباما، وأوضح أنّ لإدارة الأمريكيّة الحاليّة منطلقات عديدة، مثل الدين الأخلاقيّ ل"إسرائيل"، الرغبة في المحافظة على الحلف الإستراتيجيّ بين واشنطن وتل أبيب وخشية الديمقراطيين من خسارة أصوات اليهود ودعمهم الماليّ لحلمتهم الانتخابيّة في الانتخابات الرئاسيّة بعد سنةٍ بالضبط، هذه العوامل وأخرى، أضاف رافيد، تؤكّد عمق التعهّد الأمريكيّ بزيادة أموال المعونات الأمريكيّة ل"إسرائيل" التي تصل اليوم إلى 3.1 مليار دولار في السنة.
وشدّد الصحافي رافيد، نقلاً عن مصادر رفيعة المستوى في حاشية نتنياهو، شدّد على أنّ الرئيس أوباما ومنذ استلامه منصبه يشدّد على التفريق بين المعونات العسكريّة الكبيرة ل"إسرائيل" وبين الخلافات السياسيّة بينهما. علاوة على ذلك، قال رافيد إنّ أوباما أبدى استعداده عند بداية الاجتماع مع نتنياهو للتنازل عن “معاقبة” رئيس الوزراء الإسرائيليّ الذي حاول المسّ به في عقر داره في السنتين الماضيتين، وتحديدًا خطابه في الكونغرس الأمريكي في شهر آذار (مارس) الماضي، ضد الاتفاق النووي مع إيران، دون أن يحصل على ضوء أخضر للزيارة، كما هو متبع في البروتوكول، بكلمات أخرى ابتلع أوباما الإهانة التي تلقاها من نتنياهو في بيته، وقرّر تفضيل الإستراتيجيّة على الخلافات الشخصية.
مهما يكن من أمر، فإن اللقاء بين الشخصين أدخل القضية الفلسطينية إلى الثلاجة لوقت غير معروف.
• زهير أندراوس – رأي اليوم