الجيوسي: كم يبدع الزملاء السعوديون وإعلامهم في السقوط!

الجيوسي: كم يبدع الزملاء السعوديون وإعلامهم في السقوط!
الجمعة ١١ مايو ٢٠١٨ - ١٠:١٩ بتوقيت غرينتش

كان يا ما كان وفي هذا الزَّمان، وعلى شاشة السعوديّة 24، يُحكى أنّ مُذيعاً سُعوديّاً "انطرب" فرحاً حين ثَبُتَت صِحَّة تحليلاته حول انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث كان الرَّجُل ينتظر اللحظات الأخيرة حتى ظهر ترامب، ويُعلِّق على الحدث التاريخي، ثم أثلج صدره الأخير الأشقر، وأعلن انسحاب بلاده من الاتِّفاق النَّووي مع إيران.

العالم . مقالات وتحليلات

حتى الرُّبع ساعة التي تأخّر فيها ترامب للخُروج في خِطابِه المُنتظر، فكان من المفروض أن يظهر في تمام الساعة التاسعة بتوقيت العاصمة الأردنيّة عمّان، السادسة بتوقيت غرينتش، اعتبرها زميلنا السُّعودي أو وصفها بالأحرى بحِرفيّة اللَّعِب على أعصاب "نظام الملالي"، ومن ثم تخيبب آماله، وتوجيه صفعة على وجهه، بقول الأمريكي له أنّك مُخادِع.

قبلها بساعات حقَّق "محور المُقاومة" بزعامة حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله فوزاً تاريخيّاً في الانتخابات البرلمانيّة اللُّبنانيّة، حتى أنّ العاصمة بيروت أعطت أصواتها لمُمثِّليه، وسلًّمت مفاتيحها من الرئيس سعد الحريري أو انتزعتها لصالح سيد المُقاومة.

وعلى عكس المُتوقَّع، حتى بيروت خيّبت آمال "صاحبها" الحريري، سارع الإعلام المُوالي للسعوديّة إلى التعبير عن أحزانه، بنقل مقاطع خروج البعض عن القانون من أتباع حركتيّ حزب الله وأمل، إلى الشوارع على طريقة الخارجين عن القانون، ورفع علم الحزب الأصفر على رأس تِمثال رئيس الوزراء الأسبَق رفيق الحريري الشهير في العاصِمةِ المَذكورة.

"بيروت سقطت بيد الملالي"، بهذا التعبير كان تعليق زميلنا على شاشة "السعوديّة 24"، وفي اليوم التالي طهران سقطت على يد السعوديّة بفعل قرار ترامب، يبدو أن العواصم العربيّة والإسلاميّة عند زميلنا وبلاده تسقط هكذا بجرَّة قلم، فقبله كانت صنعاء ساقِطة بيد التحالف العربي السعودي الذي يقود "عاصفة الحزم"، الرِّياض أيضاً ربّما تكون "ساقِطة" بفِعل صواريخ الحوثي، كم يُبدع الزُّملاء السعوديون وإعلامهم في السُّقوط، أقصد في أُمنيات سُقوط العَواصِم.

كعربي ومُسلم، شعرت بالحُزن، والألم، وأنا أرى مُسارعة السعوديّة، والإمارات إلى الترحيب بقرار ترامب، بينما العالم "الغربي" يُعبِّر عن قلقه، وهو العالم الذي يُشارك ترامب عُنصريّته البغيضة ضد العرب والمُسلمين، ويتماشى مع مصالحه، وحدها الدُّول المَذكورة تبتغي "الرِّضا الترامبي"، لا بل يتناغم إعلامها مع لحظة الانتصار، وكأنّها لحظة إعلان انسحاب الجيش الإسرائيلي من فِلسطين المُحتلَّة، وإعلان القُدس عاصِمةً لفِلسطين الكامِلة من النَّهر إلى البحر.

بيروت ستبقى عربيّة شاء من شاء وأبى من أبى، بمُقاومتها ورجالها الشُّرفاء، صحيح أنّ الاعتداء على المُمتلكات العامّة، ورفع أعلام حزبيّة على "رؤوس" رموز قِوى سياسيّة أُخرى، أمر مرفوض، ويُخالف ما دعا إليه سيد المُقاومة من القِوى المهزومة بالانتخابات، إلى التَّعقل، وعدم أخذ البلد إلى الهاوية، حتى وإن كان بالمشاعر الذي حرص عليها السيد بخطابه الأخير، والمُنتصر لا يحتاج إلى تأكيد انتصاره، وهؤلاء لا يُمثِّلون حزب الله وحركة أمل، وقد أدان فِعلَتهم رئيس مجلس النُّواب نبيه بري، لكن التركيز على مجموعة من "الزُّعران" أخذتهم الحميّة بفوز حزبهم فهذا كما يُقال حيلة المفلِّس، وبالنهاية الناخبون اللبنانيّون هم من أعطوا صوتهم لهذا الحزب، ولم يأخذ أصواتهم بسلاحِه المُقاوم!

مَشهدٌ أخير وجب التعليق عليه قبل أن أختم الفقرة، وهي ملامح الرئيس سعد الحريري بعد تلقِّيه النتائج الأوليّة للانتخابات، وخيبة أمله من مُؤيّديه في العاصمة معقل حركته، وحُضوره، ثم مُحاولته الظُّهور بمظهر المُتماسِك في المُؤتمر الصحفي الذي تلا خسارته، بقوله في معرض ردِّه على سؤال لمُراسل صحفي: "أنا حبيبي غير قابل للكسر"، نعتقد أن هذه العبارة كان يُمكن أن تكون صحيحة ومُكتملة المعالم، لو خرج الرئيس من عباءة السعوديّة، و"بق البحصة"، ورد إهانتها الشَّهيرة له في عاصِمتها، أمّا وقد أسمى الجادة باسم مليكها، وكان على طريقة برنامج جورج قرداحي "مسامح وكريم"، فبرأينا أنّه كُسِر، بدليل خيبة بيروت منه، و"اللي انكسر كما يُقول المثل ما بيتصلَّح"!

* خالد الجيوسي ـ رأي اليوم

210