مساءلة الوزراء في ايران، الرسائل والتبعات

مساءلة الوزراء في ايران، الرسائل والتبعات
الأحد ٢٦ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٤:٢٨ بتوقيت غرينتش

في حين تم قبل فترة قصيرة مساءلة وزر العمل، اليوم ايضا من المقرر ان يتم مساءلة وزير الاقتصاد، وطبعا بعد عدة ايام سيحضر رئيس الجمهورية ايضا في مجلس الشورى الاسلامي للاجابة على بعض الاسئلة.

العالم - قضية اليوم 

من النظرة الاولى قد تبدو مساءلة الوزراء ورئيس الجمهورية امرا غير منطقي في مثل هذه الظروف حيث يعاني الناس من مشاكل معيشية واسعة وفي نفس الوقت نرى ان دائرة العداء الخارجي والضعوط الاقتصادية تشهد وتيرة متصاعدة، ولكن في الحقيقة ان مساءلة الوزراء المعنيين بالشأن الاقتصادي وتوجيه الدعوة الى رئيس الجمهورية للرد على تساؤلات النواب مؤشر على اقتدار نظام الجمهورية الاسلامية في ايران وفي ذات الوقت مؤشر على انه وخلال ما يروج له الاعلام المناوئ فان عجلة الاقتصاد لم تتعطل بل انها بحاجة الى بعض الصيانة والتصليح.  

في اطار عملية مساءلة اي وزير يحدث امرات اساسيان، الاول هو ان نواب المجلس ومن خلال طرح المشاكل التي يعاني منها النظام التنفيذي والطلب من الوزير للرد عليها يتوصلون الى نتيجة مفادها ان الوزير المعني يفتقد الى القدرات اللازمة لمواكبة مطالب الناس، والنتيجة هنا ستكون استبداله بشخص اخر، وبالطبع ان الشخص الجديد وضمن اخذه بنظر الاعتبار لهواجس الناس والمواطنين سيكون مجهزا ببرنامج ومخطط جديد للخروج من الوضع المتازم.

اما الثاني فان التصويت على حجب الثقة عن الوزير لن يصل الى حد النصاب ولكن الوزير تصبح لديه رؤية شاملة عن المشاكل التي يعاني من الجهاز الذي يخضع لامرته ويرى لزاما على نفسه بان يعيد النظر في برامجه من جهة ويتخذ مسارا يؤدي الى تبديد هواجس الناس والنواب من جهة اخرى. مساءلة وزير العمل تمت في اطار الامر الاول ولكن مساءلة الوزير الاقتصادي الثاني جاءت في اطار الامر الثاني وركزت على نقاط الضعف مثل التأمين، الجمارك، البورسة، الاستثمار وتمخضت عن نتيجة مماثلة لسابقتها. 

ونظرا الى جدية نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية على صعيد ترميم الاوضاع الاقتصادية ، فان هناك عدة قضايا اساسية يجب ايلائها الاهتمام.  

النقطة الاولى هي ان تازم الظروف الاقتصادية امر طبيعي لاي بلد بل لا يمكن تفاديه في بعض الاحيان خاصة وان ايران تتعرض اليوم لاسوأ انواع الحظر، ولا نستبعد بان تصبح الظروف اسوأ مما هي عليه الان في ضوء عداء ترامب، ولذلك فان المنطق يحكم بان يتم تعبئة جميع امكانيات الحكومة والنظام بغية التصدي لهذا العداء وبالطبع تتصدر مسألة راحة الناس وتوفير الرخاء لهم سائر القضايا الاخرى. وخير مثال على ان الازمات الاقتصادية امر طبيعي هي الازمات الاقتصادية التي عصفت باوروبا، اميركا، جنوب شرق اسيا و .. . 

النقطة الثانية في هذا الخصوص هي الاهتمام بمسألة المحاولات التي تبذل والعداء البارز لاميركا ولاسيما ترامب وكذلك الكيان الاسرائيلي وبعض الدول الرجعية في المنطقة خلال العامين الماضيين بهدف اسقاط النظام الاسلامي. قد تكون كل واحدة من النماذج انفة الذكر كافية لان ترغم اي نظام على الانهيار او الرضوخ ورفع راية الاستستلام. الاضطرابات التي شهدتها ايران خلال الاشهر الاخيرة من العام الماضي واعلن ترامب دعمه لها وان فشلت، ولكن تم قطع وعد بان تشهد ايران صيفا ساخنا. طبعا اختبرنا الصيف وسنختبره في المستقبل ايضا ولكن لم يشارك ولم يُلبِّ نداء ترامب سوى من قبل بضعة الاف وهؤلاء ايضا جرى تنظيمهم في الخارج او خرجوا في عدد من المدن والبلدات المتناثرة. 

النقطة الثالثة في هذا المجال هي الاهتمام بالاحلام التي يبدو انها لن تتحق ابدا. لا ننسى بان إبن سلمان كان يدعي بانه سيسحب الحرب الى داخل ايران. نتنياهو وفي اطار حرب ناعمة كان يسعى الى الايحاء بعجز المسؤولين الايرانيين من خلال ايجاد موقع تحت عنوان "ازمة المياه في ايران "، وفي الحقيقة كان يسعى الى فصل الشعب عن النظام. واخيرا فان ترامب ومن خلال دعم الاضطرابات بدا بتنفيذ مخطط الانسحاب من الاتفاق النووي ودعوة العالم الى فرض الحظر على ايران وحتى في بعض الاحيان وصل الامر الى مرحلة التهديد. جميع هذه التحركات والمؤامرات واجهت ردا واحدا وهو ان ايران سواء كانت تنعم بالاتفاق النووي او بدونه، سواء كانت تتعرض للتهديد او لا، سواء كانت تتعرض للحظر او لا، واخيرا سوء كانت تتعرض للمؤامرات او لا، هي مصرة على ان تواصل مسيرتها التي رسمتها لنفسها.

وعلى هذا الاساس فان مساءلة الوزراء ومساءلة الوزير اليوم او دعوة الرئيس للاجابة على اسئلة النواب تحمل رسالة واحدة وهي ان ايران تسعى خلال هذه الايام لتحصين وتعزيز اقتصادها في مقابل التهديدات.

* ابو رضا صالح