"السترات الصفراء" تخاطب ماكرون في الشارع!

السبت ٢٤ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٦:١٣ بتوقيت غرينتش

بعد سنة ونصف من توليه منصب الرئاسة في فرنسا يواجه الرئيس الفرنسي ايمانوئيل ماكرون تحدياً صعباً أمام غضب الشارع الذي يرفض زيادة الرسوم على المحروقات فيما تسعى القوى الأمنية لتشديد الطوق الأمني أمام المباني الحكومية الحساسة والسفارة الأمريكية في باريس في وجه منظمة "السترات الصفراء" التي تنظم وتقود الحركة الإحتجاجية ضد حكومة ماكرون.

العالم - تقرير

وقد أطلقوا هؤلاء اسم "السترات الصفراء" على أنفسهم لارتدائهم سترات مضيئة يتوجب على كل سائق سيارة ارتداؤها عند وقوع حادث سير. وتحول التحرك بسرعة إلى مطالبة متعلقة بالضرائب والقدرة الشرائية حيث لا يقودها شخص معين ولا تنتمي لأي جهة سياسية.

وكانت الحركة قد انطلقت بالأساس فى 17 نوفمبر الجاري، عبر دعوات على موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي، دون أن يكون لها قائد معروف، لكنها حظيت بعد ذلك بدعم كبير من الشارع الفرنسى، فضلا عن تأييد اتحاد القوة العمالية «فورس أوفريير» للنقل، فوسعت الحركة نطاق مطالبها للتنديد بالنظام الضريبي بصورة عامة وبتراجع القدرة الشرائية وشارك نحو 300 الف متظاهر من أنحاء فرنسا في هذه التظاهرات التي ادت الى مقتل شخصين وجرح العشرات منذ انطلاقها قبل اسبوع اضافة الى اعتقال 600 شخص.

 

 

و قد أعلنت حركة "السترات الصفراء" إطلاق المرحلة الثانية من التعئبة ضد مرسوم الحكومة ونظمت مظاهرة كبيرة جدا في العاصمة باريس حيث تجددت صباح اليوم السبت المظاهرات في أنحاء مدينة باريس ضد مرسوم الحكومة الفرنسية الأخير الذي تسبب بغضب غير مسبوق في أوساط الشعبية الفرنسية وقد هتف المحتجون شعارات منددة بسياسة حكومة ماكرون وطلبوا من الشرطة الوقوف الى جانب مطالبهم.

هذه الإحتجاجات التي بلغت حدة مشاركة الناس فيها إثر مقتل إثنين من المتظاهرين برصاص قوات الأمن في الأسبوع الماضي واجهت القمع مجدداً من قبل الشرطة الفرنسية حيث قامت الشرطة بمنع حركة المرور في شارع الشانزليزية واستخدمت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين الذين اغلقوا هذا الشارع  الشهير.

 

 

 

من جانب آخر اتهم وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير، "اليمين المتطرف" بمشاركتهم وتمويلهم لهذه الحركات وقيام بعض العناصر من المتطرفيين بمهاجمة المؤسسات الحكومة مما اجبرت الشرطة بالتصدي لهذه المحاولات على حد قول الوزير.

القاعدة الشعبية لحركة "السترات الصفراء"

تندد هذه الحركة التي تجمع فرنسيين من كل التوجهات السياسية والشرائح الاجتماعية بغلاء البنزين وارتفاع الضرائب والمعاشات التقاعدية المتدنية، لتعكس بصورة إجمالية احتجاجاً رئيسياً هو تراجع القدرة الشرائية.

وهو ما تؤكده دراسة أجراها “المرصد الفرنسي للأوضاع الاقتصادية”، إذ تشير إلى تراجع الدخل السنوي للأسر الفرنسية بمقدار 440 يورو بين 2008 و 2016.

وأوضح الخبير الاقتصادي في المرصد ماتيو بلان، "المشكلة أنه قبل الأزمة كان هناك اتجاه متصاعد، ونحن الآن أمام انقطاع هذا الاتجاه منذ 2008. لم يعد متوسط المستوى المعيشي للأسرة الواحدة إلى مستواه ما قبل الأزمة".

وعلى مستوى الشعب كشف استطلاع للرأي بأن 72% من الشعب الفرنسي يؤيد مطالب "السترات الصفراء".

 

شعبية ماكرون نحو الانهيار

اضافة الى تظاهرت "السترات الصفراء" يواجه ماكرون أزمة شعبية أخرى تتعلق بتراجع شعبيته لدى فئات الشعب الفرنسي اذ قالت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، إن شعبية الرئيس شهدت تراجعا جديدا على الرغم من التعديل الوزارى الكبير الذى أجراه فى الشهر الماضى.

وأوضحت الصحيفة أن نسبة الفرنسيين الذين يدعمون ماكرون الآن وصلت إلى 26%فقط فى تراجع أربع نقاط عما كان عليه الحال الشهر الماضى وفقا لاستطلاع نشر أمس الأربعاء وأجراه مركز كانتر بابلك.

وفى المقابل، قال 71% من هؤلاء الذين شاركوا فى الاستطلاع إنهم لا يثقون فى قدرة الرئيس على إدارة البلاد.

وكان ماكرون قد أجرى تعديلا وزاريا منتصف أكتوبر الماضى بعد استقالة ثلاث وزراء فى الأسابيع الأخيرة.

وأشار كثير من المحللين إلى وجود تحول واضح نحو اليمين مما يؤكد الاتهامات التى يوجهها اليسار لماكرون، الذى ترشح كوسطى، بأنه يسعى فى الحقيقة إلى دفع البلاد نحو مزيد من السياسات اليمنية، لاسيما فيما يتعلق بالاقتصاد والهجرة.

 

 فرنسا تختبر رئيسها في الشارع

بعد نجاح التحرك الأول في باريس السبت عندما أغلق حوالى 300 ألف شخص محاور طرق ومواقع استراتيجية، تلاه أسبوع من التجمعات التي ضعفت تدريجيا، يريد المحتجون إظهار قوتهم مجددا حيث تجري محاولات مماثلة في مناطق آخرى.

وكانت زيادة الرسوم على المحروقات أججت غضب "السترات الصفراء" الذين أطلقوا على أنفسهم هذا الاسم لارتدائهم سترات مضيئة يتوجب على كل سائق سيارة ارتداؤها عند وقوع حادث سير. وتحول التحرك بسرعة إلى مطالبة متعلقة بالضرائب والقدرة الشرائية.

لم يبد ماكرون حتى الآن أي رغبة في تخفيف وتيرة إصلاحاته من أجل "التغيير" في فرنسا. لكن الرئاسة الفرنسية أعلنت أن رئيس الدولة سيطلق الثلاثاء "توجيهات للانتقال البيئي"، مؤكدا أنه "تلقى رسالة المواطنين.

لا شك بأن ردة فعل الرئيس الفرنسي تجاه المتظاهرين وتلبية مطالبهم قد تتسبب في زيادة شعبيته في فرنسا أما في حال اختيار سبيل التصدي للمحتجين في البلد الاوروبي الذي يدعي حرية الرأي وحقوق الإنسان فإن ماكرون سيجر نفسه وفرنسا نحو انتحار سياسي لن يزول اثره في المستقبل القريب ولن يسكت الشعب الا بتحسن اوضاعه المعيشية.