ملف خاشقجي الى التدويل بعد تنصل السعودية من التعاون

ملف خاشقجي الى التدويل بعد تنصل السعودية من التعاون
الثلاثاء ١١ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٥:٥٢ بتوقيت غرينتش

تواجه السعودية أزمة كبيرة بعد ما لوحّت تركيا مجدّدا بورقة تدويل قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده مطلع أكتوبر الماضي، وذلك بعد رفض الرياض تسليم مواطنيها المشتبه بهم في قضية مقتل خاشقجي لأي طرف خارجي.

العالم - السعودية

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في مؤتمر صحفي في أنقرة، اليوم الثلاثاء، إن بلاده تجري مباحثات مع الأمم المتحدة، بشأن تحقيقات مقتل خاشقجي و"بدأت طلبات إجراء تحقيق دولي في القضية، ونحن مستمرون في المحادثات مع الأمم المتحدة في هذا الشأن".

وقال "ناقشنا مع دول عدة ما يمكن فعله في هذا الإطار، وخاصة مع نظرائي على هامش قمة مجموعة العشرين ومن بينهم وزيرة خارجية كندا".

وتساءل اوغلو عن السبب الذي يمنع السعودية من محاكمة منفذي الجريمة، وهل يخشى الجانب السعودي من كشف الشخص المسؤول الرفيع المستوى الذي يقف وراء هذه الجريمة.

كما اكد حزب العدالة والتنمية التركي ان السعودية بعيدة عن التحقيق الشفاف في قضية خاشقجي.

وكانت ميشيل باشليه، مفوضة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، قد قالت الأسبوع الماضي إن هناك حاجة لتحقيق دولي لتحديد المسؤول عن قتل خاشقجي.

من جانبه اتهم رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون القنصل السعودي بتركيا محمد العتيبي بالمشاركة في قتل خاشقجي، مؤكدا ان رفض السعودية تسليم قتلة خاشقجي يجعل الذين اتهموها بالتستر على الجريمة على حق.

وفي معرض تعليقه على رفض وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الطلب التركي بتسليم قتلة خاشقجي وصف ألطون الرد السعودي بأنه مخيب للآمال، مضيفا أن من مصلحة المجتمع الدولي التحقيق في قضية خاشقجي بموجب القانون الدولي.

كما انتقد وزير العدل التركي، عبد الحميد غول، الاثنين، الموقف السعودي من التحقيقات التي تجريها بلاده في قضية مقتل خاشقجي وقال في تصريحات للصحفيين، ان بلاده لم تر من الجانب السعودي موقفا بناء.

وأضاف أن تركيا ستسعى إلى الحصول على نتائج بالتعاون مع المجتمع الدولي، مشيرا إلى أن بلاده استكملت كافة التحضيرات القانونية والتقنية بشأن التحقيق الدولي في القضية، و"في حال موافقة الرئيس أردوغان فإننا سنفتح تحقيقا دوليا".

وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، اعلن في ختام قمة مجلس التعاون إن بلاده لن تسلم مواطنيها إلى تركيا، في إطار التحقيقات بقضية مقتل خاشقجي.

وكانت وزارة العدل التركية قد قالت إن وزارة الخارجية التركية طلبت من السعودية تسليم عشرين متهما في القضية، مؤكدة أنها جاهزة لتقديم الملف إلى المستويات الدولية.

وقد صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في وقت سابق بأنه سيجري تحقيقا دوليا في مقتل خاشقجي إذا تلقى طلبا رسميا من الحكومة التركية.

وهناك سوابق كثيرة لمثل هذا التحقيق الدولي. ففي العام 2008، طلبت باكستان من الأمين العام الأسبق بان كي مون التحقيق في اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بنظير بوتو. وفي وقت سابق من عام 2018، لجأت بريطانيا إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتؤكد النتائج التي توصلت إليها السلطات البريطانية بأن غاز أعصاب سوفياتيا استُخدم في مدينة سالزبري البريطانية ضد جاسوس روسي مزدوج سابق.

وقالت صحيفة واشنطن بوست الثلاثاء أن مجلس الشيوخ الامريكي قد يدين رسميا ولي العهد السعودي في مقتل خاشقجي قبل نهاية 2018، موضحة ان مشروع القرار يمثل توبيخا لترامب الذي رفض لوم ولي العهد السعودي رغم استنتاجات السي أي أيه.

ويشبه الإجراء مقترحا مماثلا كان قد تقدم به أعضاء كبار بالمجلس من بينهم السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام والسيناتور الديمقراطية دايان فاينشتاين.

وفي السياق أعلنت ليتوانيا إحدى الدول الأوروبية عن فرض عقوبات على الفريق السعودي الأمني الذي قتل خاشقجي وكذلك مستشارين مقربين من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وسبق للولايات المتحدة وكندا أن فرضتا عقوبات على الفريق السعودي لدورهم في جريمة قتل خاشقجي.

ما هي فرص التحقيق الدولي؟

وبحسب المراقبين ان موجبات القانون الدولي اليوم باتت على محك التنفيذ ونحن في هذه اللحظة نقف على مفترق الطرق بين موجبات العدالة ومواضعات السياسة، فموجبات العدالة تقتضى الاقتصاص من الظالم ومناصرة المظلوم اما مواضعات السياسة فانها تقتضى مراعاة المصالح كمعيار اوحد للمحاسبة والعقاب. فهل كان مقتل خاشقجي من بين ما وضع على طاولة التجاذب العدلي والسياسي باعتبارها جريمة دولية ذات أبعاد سياسية ؟ ام انها جريمة جنائية ككل الجرائم، يجب ان يتم فيها التحقيق والمحاكمة من صاحب الحق في الولاية القضائية عليها؟

وترتبط التحقيقات الدولية في الدعاوي الجنائية بانتهاك القانون الدولي لحقوق الانسان او انتهاك القانون الدولي الانساني وعلى تركيا اقناع مجلس الامن الدولي او المجلس الدولي لحقوق الانساني بان جريمة قتل خاشقجي تمثل انتهاكا للقانون الدولي لحقوق الانسان في حالة طلب فتح التحقيق بواسطة مجلس حقوق الإنسان الدولي وان تلك الجريمة تمثل تهديدا للأمن والسلم الدوليين في حالة تقديم الطلب الى مجلس الأمن الدولي، واذا كان تبدو بعض الصعوبات في حالة تقديم الطلب الى مجلس الأمن بسبب طريقة التصويت على مثل تلك الحالة ووقوف الولايات المتحدة بقوة خلف عدم تدويل القضية ، فانه يبدو ان التقدم بطلب الى مجلس حقوق الإنسان اقل صعوبة في الحصول على قرار بتكوين لجنة دولية للتحقيق وتبقى فقط مسألة إقناع مجلس حقوق الإنسان بان قتل خاشقجي بتلك الطريقة في انتهاك لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان.

ويرى الحقوقيون ان فرصة اجراء تحقيق دولي مستقل يمكن ان تنشأ من تبني مجلس حقوق الانسان له مع وجود قوى كبيرة دافعة في ذلك الاتجاه والسبب الرئيسي الذي يدفع لمثل ذلك الاتجاه هو وجود انتهاك صارخ للقانون الدولي لحقوق الانسان في تلك الجريمة مع ابراز الادلة التي تؤكد عدم قدرة النظام القضائي السعودي على التحقيق ومحاكمة المتهمين، وحتى في هذه الحالة فان فرص انشاء محكمة جنائية دولية يبدو امر صعبا في ظل حيادية الدول الكبرى فيما يخص تدويل هذه القضية لأسباب تتعلق بالسياسة الخارجية لتلك الدول وعدم رغبتها في خسارة قوة اقتصادية كبيرة بحجم المملكة العربية السعودية.

كلمات دليلية :