كوشنر الى عمّان والقدس المُحتلّة والرباط لتسویق "صفقة القرن"

كوشنر الى عمّان والقدس المُحتلّة والرباط لتسویق
الأربعاء ٢٩ مايو ٢٠١٩ - ٠٦:٢٣ بتوقيت غرينتش

الإعلان الذي صدر في واشنطن اليوم عن قِيام جاريد كوشنر صِهر الرئيس الأمريكي، والأب الروحي لصفقة القرن، بجولة تشمل المغرب والأردن والأراضي الفِلسطينيّة المحتلّة خلال الأيّام الثّلاثة المُقبلة، أيّ قبل انعقاد القِمم الثّلاث في مكّة المكرّمة، يعني أنّ هذه الصّفقة تُواجه الرفض العربيّ والإسلاميّ، وأنّ المؤتمر الذي سيُعقد يوميّ 25 و26 الشّهر المُقبل في البحرين لتطبيق الشّق الاقتصادي منها لن يُكتَب له النّجاح، وأنّ هذه الجولة هي مُحاولة أخيرة لتسخير كُل الثّقل الأمريكي لإنقاذها، ولكنّها جولة يائِسة محكومٌ عليها بالفشل مُسبقًا.

العالم - فلسطين

كوشنر الذي سيزور الدول الثّلاث على رأس وفد يضم، “تابعه” جيسون غرينبلات، المبعوث الخاص للشرق الأوسط، وبراين هوك، الممثّل الأمريكي لشؤون إيران، ربّما يحمل رسائل تهديد وضغط لكُل من الأردن والمغرب لإجبارهما على المُشاركة في مُؤتمر البحرين الذي سيتزعّمه ويهدف إلى بيع القضيّة الفِلسطينيّة وتصفيتها، اعتقادًا منه أنّه يُمكن أن يُحقّق هذه الأهداف من خلال المال والاستثمارات.

لا نعرِف من الذي كلّف كوشنر بالقيام بهذه المَهمّة التصفويّة الإجراميّة، وعلى أيّ أساس يُتوقّع لها النّجاح، ففِلسطين ليست صفقةً عقاريّةً، وشعبها المُقاتل المُجاهد الذي قدّم آلاف الشّهداء وملايين الجرحى والأسرى لا يُمكن أن يرضخ لعُروض السّماسرة ومِليارات حُلفائهم، سواء العرب أو الصّهاينة.

إذا كان كوشنر ورهطه يعتقدون أنّ سياسة التّجويع التي مُورِست على هذا الشّعب عبر الحِصارات، وقطع المُساعدات، وصواريخ الطّائرات الإسرائيليّة وعدوانها، وإفلاس وكالة غوث اللاجئين الأمميّة “الأونروا”، فهُم مُخطئون ولا يعرِفون هذا الشّعب وعقيدته وعِناده في الحق، وتمسّكه بحُقوقه المشروعة وإيمانه الرّاسخ بعدالة قضيّته، واستعداده للشّهادة من أجل نُصرتها.

كوشنر، وحماه ترامب، ومجموعة الصّهاينة المُحيطين به، وعرّابه الأكبر بنيامين نِتنياهو الذي علّمه السّحر يعتقدون أنّ الفِلسطينيين ينتظرون رشوتهم الماليّة، ومشاريعهم التصفويّة المَغموسة بالدّولارات المسمومة، وسيركعون صاغرين لكُل مطالبهم دون تلكؤ تمامًا مثل بعض حُلفائهم في مِنطقة الخليج (الفارسي)، سيُدركون كم هُم جهلة وسُذّج ولا يعرِفون الحد الأدنى من قيم الكرامة وعزّة النّفس التي يتحلّى بها الفِلسطينيون والغالبيّة السّاحقة من العرب والمُسلمين، باستثناء حفنة باعت ضميرها وأخلاقها وعُروبتها وإسلامها، وارتمَت تحت أقدام المُستعمر الأمريكيّ وطبّعت مع الإسرائيليين، وسيأتي يوم حسابها قريبًا جدًّا، فالتسونامي قادمٌ لا محالة.

الفِلسطينيّون ليسوا بحاجةٍ للرّخاء والازِدهار الذي سيأتيهم عبر كوشنر وصفقته، وهم لم يطلبوا ذلك على أيّ حال، فأيّ رخاء هذا الذي يأتي تحت حِراب الاحتلال، وأيّ ازدهار يتحقّق مُقابل التّنازل عن القُدس ومقدّساتها المسيحيّة والإسلاميّة، والتّضحية بفِلسطين كُل فِلسطين مُقابل المال المسموم؟

الرئيس الفلسطيني محمود عباس أطلق رصاصة الرّحمة على رأس صفقة القرن وصدرها عندما طالب أمس بمُقاطعة مُؤتمر كوشنر في البحرين، وقال أمس في مؤتمر شعبي أن منظّمة التحرير الفِلسطينيّة لن تقبل بهذا المُؤتمر ونتائجه لأنّ من يقِفون خلفه وصفقة قرنه يبيعون الوهم، وليذهبوا ومُؤتمرهم وصفقتهم إلى الجحيم.

لن تمُر صفقة القرن ومُؤتمرها في البحرين إلا على جُثمان الشّهداء العرب والمُسلمين، وجولة كوشنر محكومٌ عليها بالفشل، ويكفي أن نُحيله، ومن يقِفون خلفه، وصفقته، من العرب إلى وسائل التواصل الاجتماعي، والحملة التي يتعرّض لها النائب الأردني فواز الزعبي، الذي غرّد خارج السّرب وقال إنّ بلاده لها مصلحة في صفقة القرن الأمريكيّة، ووصفها بأنّها جيّدة.

أهلنا في الأردن الذين تبرّأوا من هذا النائب ونبذوه لأنّهم نشامى، ورجال، ويعرفون الأصول وقيَم العزّة والكرامة، ويُدركون جيّدًا أنّ هذه الصفقة الأمريكيّة الإسرائيليّة المسمومة هي المُقدّمة لقِيام إسرائيل الكُبرى، وخلق الوطن البديل ليس على حساب الأردن فقط، وإنّما الأمّة العربيّة بأسرها، هؤلاء يُمثّلون كُل العرب والمُسلمين الشّرفاء في المِنطقة والعالم، فتحيّة إكبار وإجلال لهم، ونأمل أن يقتدي بهم ومواقفهم وأخلاقهم الجميع.

“رأي اليوم”