ثينك تانك..

الشارع العربي وسقوط الرواية الإسرائيلية

الأربعاء ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٣ - ٠٦:١٨ بتوقيت غرينتش

نظرة الشارع العربي لكيان الاحتلال الإسرائيلي، بين متغير في هذه النظرة حاول الاحتلال تثبيته كواقع جديد.. وبين ثابت تتمسك به الشعوب، لاسيما بعد عملية طوفان الأقصى والعدوان الحالي على غزة. 

العالم _ ثينك تانك

شهران فقط كانا كافيين لإثبات أن عقودا من الدعاية والبروباغاندا والتزييف فشلت في تطبيع العقل العربي وتسييره في اتجاه قبول الكيان الإسرائيلي.. حيث تعود قيمة وجوهرية القضية لتثبت نفسها مجددا وبقوة كبيرة على الساحة العربية.

وربما من أبرز دلالات هذا الواقع، تأييد الغالبية العظمى من العرب، والسعوديين لنكون أكثر تحديدا للمقاومة الفلسطينية، واقتناعهم بأن الكيان الإسرائيلي أكثر تشرذما وانقساما. وأن هزيمته اليوم أو غدا لا تدخل في إطار توصيف اللاممكن.

ومن المؤكد أن استعادة الرأي العام العربي لبريقه على ضوء الأحداث في غزة، سيكون له وجوده المؤثر في رسم معالم المنطقة في مرحلة ما بعد العدوان. ومن لا يريد تصديق ذلك، فلينظر إلى حجم التأييد الشعبي العربي لغزة.

فهل سيلقي هذا الالتفاف الواسع حول القضية بظلاله على كافة مستويات العلاقة مع الاحتلال؟ وهل فعلا ستنجح الشعوب حيث ما زالت الحكومات تحاول دون نتيجة؟

حيثية مهمة جدا في سياق استقراء الرأي العام العربي حول ما يحصل في غزة. هذه الحيثية هي ما كشفه استطلاع لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى حول رأي السعوديين فيما يجري. وذلك تحت عنوان.. معظم السعوديين يعتقدون بأن 'إسرائيل ضعيفة ومنقسمة'..

استطلاع معهد واشنطن يقول إن واحدا وتسعين بالمئة من السعوديين يؤيدون فكرة أن حرب غزة هي نصر للفلسطينيين والعرب والمسلمين..

ستة وتسعون بالمئة من السعوديين يؤيدون فكرة قطع الدول العربية علاقاتها مع 'إسرائيل'.. طبعا هذا الرأي حول قطع العلاقات يشمل تلك السياسية والدبلوماسية والاقتصادية وعلى أي مستوى كانت

في موضوع المقاومة، خمسة وتسعون بالمئة من السعوديين يقولون إن المقاومة لم تقتل مدنيين في عملية طوفان الأقصى. وارتباطا بذلك، أربعون بالمئة يؤيدون حركة حماس.. هذه النسبة كانت عشرة بالمئة فقط في آب أغسطس الماضي.

في المقابل معدل نسبة تأييد حماس بلغ ستة وستين بالمئة في كل من الأردن ولبنان ومصر وقطر والكويت والبحرين، أما السلطة الفلسطينية فقد قال خمسة عشر من السعوديين فقط إن السلطة مقبولة لديهم.

أما بالنسبة للكيان الاسرائيلي فإن سبعة وثمانين بالمئة من السعوديين يعتقدون بأن الأحداث الأخيرة أظهرت 'إسرائيل' هشة داخليا نفس النسبة اعتبروا أن 'إسرائيل' منقسمة على المستوى الداخلي وأن هزيمتها ممكنة، إضافة لذلك، ثمانون بالمئة من السعوديين لا يؤيدون السماح بإقامة علاقات اقتصادية ورياضية مع 'إسرائيل'

كيف تغير الحرب في غزة وجهات النظر العربية؟.. سؤال طرحته فورين أفيرز في مقالتها حول الأحداث في غزة والتي نقرأ فيها..

التكاليف الباهظة في غزة تؤكد من جديد على بروز وقوة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في السياسات الإقليمية..إذا كان لدى الدول العربية نفس التحولات في الرأي، فإن القتال قد يشتعل أكثر. وفي جميع الاحتمالات، فإن الغضب تجاه 'إسرائيل' يتزايد في البلدان الأقرب إلى الصراع. وبالتالي فإن احتمال حدوث المزيد من العنف أمر خطر.

الحقيقة البسيطة هي أن القضية الفلسطينية تظل ذات أهمية حيوية للعالم العربي، ولا يمكن 'لإسرائيل' أن تأمل في هزيمتها ببساطة بالقنابل. وهذه القضية لم تفقد أهميتها بالنسبة للجيل الجديد. ورغم ما قد تفترضه العواصم الغربية (وبعض العربية)، فإن 'إسرائيل' لن تكون قادرة على صنع السلام مع جيرانها ما دام الفلسطينيون لا يملكون دولة.

وعليه تخلص فورين أفيرز.. إذا كانت 'إسرائيل' والولايات المتحدة تسعيان إلى سلام حقيقي مع العالم العربي، فيتعين عليهما أن يغيرا سياساتهما. هما بحاجة إلى إيجاد طريقة لإنهاء الصراع المستمر، وعلى وجه التحديد، حل الدولتين. إنها الطريقة الوحيدة لتغيير قلوب وعقول السكان المجاورين ووضع حد لدوامة العنف

في قراءة للتعليقات على منصة إكس حول هذا الموضوع، نقرأ هنا تعليقا من الباحث في مجال الانتروبولوجيا "جوناثان مارشال"..

إذا أردت القضاء على حماس: فمن المفترض أنك سعيد بمقتل الأطفال والرضع.. ومن المفترض أنك سعيد لأن حماس أصبحت أكثر شعبية لأنها تدافع الآن عن غزة ضد القتل الإسرائيلي؟

الكاتب والناشط الأميركي "تيم وايز" كتب هنا. في مرحلة ما، علينا نحن اليهود أن ندرك أننا لم نعد مستضعفين. وأن كوننا ضحايا ليس أكثر أهمية من كون الآخرين ضحايا.. وأن ادعاءنا باننا ضحايا لا يعني اننا كذلك. وحتى نقوم بهذه الأشياء الثلاثة، فإننا ضائعون.

تعليق آخر هو للإعلامي الأميركي "إدريس أوروغو" الذي علق. كلما مضت 'إسرائيل' قدما في مذبحة الفلسطينيين، كلما فقدت الدعم أكثر. سيصبح تجاهل شهود العيان ومقاطع الفيديو المتوفرة أمرا لا يطاق. وآمل أن يستجيب نتنياهو لنداء مئة وثلاث وخمسين دولة تطالبه بوقف المذبحة.

التعليق الأخير من "جي إم ديفيس" الذي انتقد استراتيجية حكومة لاحتلال في غزة. الواقع أن حماس تحظى بشعبية كبيرة لدرجة أن محاولة القضاء عليها بالكامل لن تؤدي إلا إلى جلب المزيد من الفلسطينيين إلى حماس. هناك الآلاف من حيث أتت الحركة.

إذن.. حول استعادة الشارع العربي بريقه فيما يخص القضية الفلسطينية، وسقوط الرواية الإسرائيلية.. وفشل محاولات تأطير الرأي العام العربي بما يخدم الاحتلال.

ضيف البرنامج:
-د. جلال فيروز الأكاديمي والسياسي البحريني

التفاصيل في الفيديو المرفق