زيارة عدوانية لرئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى الجنوب السوري، محملة بروح الاحتلال ومحاولة جديدة لشرعنة وجود مفروض بالقوة على أرض ليست له، وحركة استعراضية تعيد إنتاج نهج يقوم على الهروب من المحاسبة وتثبيت واقع احتلالي يرفضه السوريون وترفضه قرارات الشرعية الدولية.
نتنياهو يواصل استخدام الجبهة السورية منصة لإظهار حضوره السياسي والميداني، بالتزامن مع تعثر المفاوضات الأمنية مع دمشق، وإلغاء جلسة محاكمة كان من المقرر أن يحضرها ضمن قضايا الفساد، بذريعة الانشغال بحدث أمني طارئ. خطوة تحمل محاولة واضحة لتحويل الأنظار عن وضعه الداخلي نحو مشهد عسكري يفتعل من خلاله صورة السيطرة.
وخلال جولته، التي رافقه خلالها وزيرا الحرب والخارجية ورئيس الأركان، شدد نتنياهو على ما سماه أهمية حماية الدروز في الجنوب، في رسالة سياسية تهدف إلى تكريس الاحتلال باعتباره أمرًا واقعًا، مضيفاً "نحن نولي أهمية قصوى لقدرتنا هنا، لحماية حلفائنا من الطائفة الدرزية، وبشكل خاص لحماية إسرائيل وحدودها الشمالية في مواجهة الجولان السوري".
المصادر العبرية أقرت بأن الزيارة تأتي على خلفية انهيار مسار التفاهمات الأمنية مع سوريا، بعد رفض تل أبيب الانسحاب من النقاط المحتلة، وإصرارها على ربط أي انسحاب بما تسميه اتفاق سلام شامل، وهو طرح لا يلقى قبولًا لدى دمشق.
رد دمشق جاء سريعًا، إذ أدانت وزارة الخارجية السورية الزيارة ووصفتها بأنها غير شرعية وتنتهك السيادة وقرارات مجلس الأمن، مطالبة الأمم المتحدة بوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.
وفي موازاة هذه التطورات، عاد التوتر شرقيًا ليتكامل مع مشهد التصعيد. فقد اندلعت اشتباكات عنيفة في بادية معدان شرقي الرقة بين قوات الإدارة الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وسط حديث عن سقوط قتلى من الطرفين. وتأتي هذه المواجهات رغم الاتفاق الموقع في مارس الماضي لدمج قوات "قسد" ضمن مؤسسات الدولة، ومع تأكيد قادتها مؤخرًا أنهم لا يشكلون تهديدًا لأحد.
ترابط الزيارة العدوانية جنوبًا مع عودة الاشتباكات شرقًا يكشف مرحلة جديدة من التصعيد، يحاول فيها الاحتلال تثبيت مكاسب ميدانية، فيما تتشابك ملفات الداخل السوري في صراع النفوذ والفراغ السياسي.