أكد الخبير الأمني والاستراتيجي، الفريق الركن عبدالكريم خلف، أن طائرة "وعيد" هي نسخة من المسيرة الإيرانية الشهيرة "شاهد"، والتي تعدّ من أكثر الطائرات المسيرة استخدامًا وانتشارًا حول العالم، حيث استُخدمت في الحرب الأوكرانية، كما استخدمها أنصار الله في ضرب أهداف داخل تل أبيب، وكذلك من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية في استهداف مناطق حساسة داخل الكيان الإسرائيلي.
وأوضح خلف أن للطائرة نسخاً متعددة، إلا أن النسخة التي استخدمها أنصار الله باتجاه الداخل اليمني، ثم لاحقًا باتجاه الكيان الصهيوني، تميّزت بقدرتها على تنفيذ ضربات مباغتة ودقيقة. وأشار إلى أن إحدى أشهر العمليات التي نُفذت بهذه الطائرة تمثلت في قطعها مسافات طويلة عبر القارة الإفريقية، مرورًا بليبيا، ثم انطلاقها فوق البحر نحو هدف داخل تل أبيب.
وبيّن أن طائرة "وعيد" تُعد من المسيرات الفريدة عالميًا، واستنسخهتها عدة دول، منها مصر و روسيا واليمن واستخدمت في مناطق صراع متعددة وتمكنت من تحقيق أهداف حيوية. وتبلغ مواصفات هذه الطائرة نحو 4 أمتار طولًا، و3 أمتار عرضًا، ووزنها 200 كغ، وتحمل رأسًا حربيًا يزن 50 كيلوغرامًا من المتفجرات المتشضية شديدة الانفجار. وتصل سرعتها إلى 185 كيلومترًا في الساعة، مع قدرة على التحليق لمدة تصل إلى عشر ساعات، ما يمنحها مدىً عمليًا يقارب 1850 كيلومترًا، ويمكن زيادة هذا المدى عبر تعديلات تقنية بسيطة، وهو مدى كافٍ للوصول إلى فلسطين المحتلة من الأراضي اليمنية.
وأشار الفريق خلف إلى أن الطائرة يمكن إطلاقها بأعداد متعددة تصل إلى خمس مسيرات دفعةً واحدة لاستهداف مواقع مختلفة، بفضل التحكم الأرضي والبرمجيات التي تسمح بتغذية الطائرات بالمعلومات وتغيير مساراتها أثناء الطيران، بما يتيح إصابة أهداف متعددة بدقة عالية.
طائرة "وعيد" قادرة على حمل رؤوس متفجرة متنوعة واستخدامها ضد أهداف بالغة الحساسية، حيث أكد الخبير الامني أنها طائرة انتحارية تشبه الصاروخ في آلية عملها، تتحطم بالكامل على الهدف لتدميره.
وأضاف أن هذه المسيرات أظهرت تأثيرًا كبيرًا في استهداف مواقع الطاقة والموانئ في مناطق الصراع، كما استُخدمت من قبل أنصار الله في ضرب أهداف حيوية في أم الرشراش (إيلات) وفي مناطق استخباراتية داخل الكيان، ما يدل على دقتها وقدرتها العالية عند توفر الخبرات التشغيلية المناسبة.
وحول التطويرات التقنية الحديثة، بيّن خلف أن النسخ الجديدة من مسيرات شاهد – وعيد أصبحت أكثر صعوبة في الاكتشاف بفضل تحسين قدرتها على الطيران المنخفض وتقليل البصمة الرادارية، الأمر الذي جعل جيش الكيان يعتمد حاليًا على مظلات جوية من المروحيات على بعض مناطقه الشرقية تحسبًا لاختراقات محتملة.
وفي ما يتعلق بآلية الاستخدام، أكد أن هذه الطائرات يمكن إطلاقها بشكل فردي أو على شكل أسراب، ويُحدد عددها بحسب أهمية الهدف وحجم حمايته الجوية. فإذا كان الهدف ذا قيمة عالية أو محميًّا بشكل متقدّم، تُرسل مجموعة من الطائرات لضمان التدمير الكامل رغم احتمال إسقاط بعضها أثناء المهمة. واعتبر أن كلفة هذه المسيرات المنخفضة تمنحها قيمة استراتيجية كبيرة نظرًا لقدرتها على ضرب أهداف بعيدة المدى وبتكلفة بسيطة مقارنة بالنتائج الميدانية التي تحققها.
وكشف الخبير أن طائرة وعيد نجحت في اختراق أجواء أربع دول في رحلتها نحو الكيان دون أن تكتشفها أي رادارات – بما فيها تلك التابعة لمصر رغم امتلاكها أنظمة دفاع جوي متقدمة – ما يعكس تطورها في تقنيات التخفي.
وفي رده على تقرير نيويورك تايمز حول تمكن أنصار الله من امتلاك تكنولوجيا تجعل المسيرات غير مرئية للرادار، أوضح خلف أن هناك تقنيتين رئيسيتين وراء ذلك؛ الأولى هي تصنيع هيكل الطائرة بمواد تمتص الموجات الرادارية عند تحليقها على ارتفاعات تتجاوز 150 مترًا، والثانية تقليل البصمة الرادارية إلى مستويات تجعل الرادارات غير قادرة على ارتداد الموجة لتحديد موقع الطائرة، وهو ما يشبه تقنيات الطائرات الشبح.
واختتم الفريق الركن عبدالكريم خلف حديثه بالتأكيد على أن هذه القدرات التقنية تمثل تطورًا نوعيًّا مهمًّا في قدرات المقاومة، وتمكّنها من الوصول إلى أهداف دقيقة داخل مناطق محصّنة، ما يعكس حجم التطور العسكري الذي حققته قوى المقاومة في المنطقة.