اشراقة ميلاد الامام المهدي عليه السلام

اشراقة ميلاد الامام المهدي عليه السلام
الخميس ١٢ يونيو ٢٠١٤ - ٠٧:٣٦ بتوقيت غرينتش

انه محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

ولد الإمام المهدي عليه السلام في دار ابيه الإمام الحسن العسكري عليه السلام في مدينة سامراء أواخر ليلة الجمعة الخامس عشر من شهر شعبان وهي من الليالي المباركة التي يُستحب احياؤها بالعبادة وصوم نهارها طبقا لروايات شريفة مروية في الصحاح مثل سنن ابن ماجة وسنن الترمذي وغيرهما من كتب اهل السنة إضافة الى ما روي عن ائمة أهل البيت عليهم السلام.
تشير كتب السيرة والروايات بشأن ولادة الإمام محمد المنتظر عليه السلام إلى ان والده الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه أحاط الولادة بالكثير من السرية والخفاء لان الاوضاع الارهابية التي كانت تواجه الأمام العسكري عليه السلام مهمة الى درجة كبيرة من الخطورة والحساسية فكان عليه ان يخفي امر الولادة عن أعين السلطات العباسية بالكامل والحيلولة دون اهتدائهم الى وجوده وولادته ومكانه حتى لو عرفوا اجمالا بوقوعها، وذلك حفظا للوليد من مساعي الادارة العباسية المتربصة به ولذلك حرص الإمام العسكري على خفائها كما امر كل من اطلعه على خبر الولادة من ارحامه وخواص شيعته بكتمان الخبر بالكامل.
من جهة ثانية كان على الإمام العسكري عليه السلام إلى جانب ذلك ان يثبت وفي ظل تلك الاوضاع الارهابية وحملات التفتيش العباسية المتواصلة، ان يثبت خبر ولادته عليه السلام بما لايقبل الشك إثباتا لوجوده ثم إمامته، فكان لابد من شهود على ذلك يطلعهم على الامر لكي ينقلوا شهاداتهم فيما بعد ويسجلها التأريخ للأجيال اللاحقة، ولذلك قام عليه السلام باخبار عدد من خواص شيعته بالأمر وعرض الوليد عليهم بعد مضي ثلاثة ايام من ولادته كما عرضه على اربعين من وجوه وخلّص اصحابه بعد مضي بضع سنين والإمام عليه السلام يومئذ غلام صغير واخبرهم بانه الامام من بعده، كما كان يعرضه على بعض اصحابه فرادى بين الحين والآخر ويظهر لهم منه من الكرامات بحيث يجعلهم على يقين من وجوده الشريف عليه السلام، وقام الإمام عليه السلام باجراءات اخرى للهدف نفسه مع الالتزام بحفظ حياة الوليد من الابادة العباسية بما أثبت تاريخيا ولادة خليفته الامام المهدي عليه السلام باقوى ماتثبت به ولادة انسان.
ومن جهة ثالثة كانت تواجه الإمام العسكري عليه السلام مهمة التمهيد لغيبة ولده المهدي عليه السلام وتعويد المؤمنين على التعامل غير المباشر مع الامام الغائب، وقد قام عليه السلام بهذه المهمة عبر سلسلة من  الاجراءات كاخبارهم بغيبته وامرهم الرجوع الى سفيره العام عثمان بن سعيد، فهو يقول لطائفة من اصحابه بعد أن عرض عليهم الامام المهدي عليه السلام وهو غلام (هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم، أطيعوه ولاتتفرقوا في أديانكم، ألا وانكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر، فاقبلوا من عثمان مايقوله وانتهوا الى امره واقبلوا قوله فهو خليفة إمامكم والامر اليه).
ومن اجراءاته عليه السلام في هذا المجال تاكيده على استخدام اسلوب الاحتجاب والتعامل مع المؤمنين بصورة غير مباشرة تعويدا لهم على مرحلة الغيبة فكان يكلم شيعته الخواص وغيرهم من وراء الستر الا في الاوقات التي يركب فيها الى دار السلطان لتجري العادة بالاحتجاب والاستتار، ومن هذه الاجراءات تثبيت نظام الوكلاء عن الامام وتأييد الكتب الحديثة التي جمع فيه اصحاب الائمة عليهم السلام عنهم وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليرجع اليها المؤمنون في عصر الغيبة. 
تسلّم المهدي عليه السلام مهام الولاية سنة 260 للهجرة، بعد استشهاد ابيه الامام العسكري عليه السلام، وهو ابن خمس او ست سنين فهو اصغر الائمة سنا عند توليه مهام الامامة. وقد اخبرت عن ذلك الاحاديث الشريف سابقا. وليس في ذلك غرابة في تاريخ الانبياء والرسل وائمة اهل البيت عليهم السلام فقد سبقه لذلك بعض انبياء الله تعالى حسب نصّ القرآن الكريم كعيسى ويحيى كما سبقه الامامان علي الهادي عليه السلام الذي تسلم الامامه وهو ابن ثمان سنين والامام محمد الجواد عليه السلام وهو ابن سبع او تسع سنين.
كان للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه غيبتان: صغرى وكبرى، أخبرت عنهما معا الكثير من الاحاديث الشريفة المروية عن الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم وعن الائمة المعصومين من اهل بيته عليهم السلام.
تبدأ الغيبة الصغرى من حين استشهاد ابيه الحسن العسكري عليه السلام عام (260هـ) استمرت حتى وفاة أخر السفراء الاربعة الخاصين بالامام المهدي عجل الله فرجه، وهو الشيخ علي بن محمد السمري في النصف من شعبان سنه (329هـ) تزامنا مع ولادة الامام المهدي عليه السلام فتكون مدتها قرابة السبعين عاما، وقد تميزت هذه الفترة بعدم الاستتار الكلي للامام حيث كان يتصل بعدد من المؤمنين، كما تميزت بكثرة الرسائل الصادرة عنه عليه السلام في موضوعات عديدة، وكذلك بوجود السفراء الخاصين والوكلاء الذين كان يعينهم مباشرة. وهذه الفترة مثلت مرحلة انتقالية بين الظهور المباشر الذي كان مألوفا في حياة آبائه وبين الاستتار في عهد الغيبة الكبرى.
اما الغيبة الكبرى فقد بدات إثر وفاة الشيخ السمري إذا أمره الامام بعدم تعيين خليفة له، بعد أن استنفذت الغيبة الصغرى الاهداف المطلوبة منها.
والغيبة الكبرى مستمرة الى يومنا هذا وستستمر حتى يأذن الله تبارك تعالى للامام بالظهور والقيام بمهمته الاصلاحية الكبرى.
وتميزت الغيبة الكبرى بانتهاء نظام السفارة الخاصة عن الإمام وبقلة الرسائل الصادرة عنه عليه السلام وبالاستتار الكلي الا في حالات معينة. هذا واستمر الإمام المهدي عليه السلام، بالقیام بمهامه القیادیة في مرحلة الغیبة الکبری بعد تمهید کاف لها وتعیینه لمجموعة الوظائف والمهام القیادیة للعلماء بالله، الامناء علی حلاله وحرامه لیکونوا نوابه علی طول الغیبة الکبری ولیقوموا بمهام المرجعیة الدینیة في کل الظروف التي ترافق هذه المرحلة حتی تتوفر له مقدمات الظهور للاصلاح الشامل الذي وعده الله تعالی به الامم. نعم فهو عليه السلام لایزال یمارس مایمکنه من مهامه القیادیة خلال مرحلة الغیبة الکبری، وهو ینتظر مع سائر المنتظرین، الیوم الذي یسمح له الله سبحانه فیه ان یخرج ویقوم بکل استعداداته وطاقاته التي اعدها وهیأها الله له لیملأ الارض قسطا وعدلا بعد ان تملأ ظلما وجورا، وذلك بعد ان تتهیأ کل الظروف الموضوعیه اللازمة من حیث العدد والعدَة، وسائر الظروف العالمیة التي ستمهد لخروجه وظهوره کقائد رباني عالمي، وتفجیر ثورته الاسلامیة الکبری وتحقیق الدین الحق وذلک حین ظهوره علی الدین کله ولو کره المشرکون.   
ان الدعوة الحقة التي دعا الیها القرآن الکریم واوضحها الرسول الهادي (صلى الله عليه وآله) هي دعوة العمل والجهاد والاصلاح وتربیة الذات واصلاح المجتمع لتهیئة الارضیة المناسبة لمرحلة الاستخلاف المنتظر في الارض لا دعوة تقاعس وتفرج وخنوع.
اذا لابد من الاهتمام بقضیة الامام المهدي علیه السلام بجدیة کقضیة عقائدیة، وربط الانسانیة بمصلح منتظر والعمل الجاد من اجل الالتحام بقیادته المرتقبة والسیر تحت لواء مصلح عظیم لتنمیة روح الجد في الاصلاح ولابد من الاکثار من الدعاء والتوجه الی الله سبحانه وتعالی وتربیة النفس والمجتمع والعمل الجاد لاصلاح المجتمع ومحاربة الفساد من اجل تهئیة اجواء الظهور.