فشل منظومة مقلاع داوود الإسرائيلية يشكل "صدمة" لحزب الله

فشل منظومة مقلاع داوود الإسرائيلية يشكل
الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٨ - ٠٥:٢٧ بتوقيت غرينتش

لم يكن فشل منظومة مقلاع داوود (العصا السحرية سابقا) في اعتراض صاروخي تاتوتشكا السوريين مجرد حدث عرضي ولا خطأ فنيا ولا اخفاق تقليدي، بل كان كشفاً عن فشل أحد أهم منظومات الاعتراض الصاروخية التي يستند اليها جيش العدو الاسرائيلي لمواجهة صواريخ حزب الله التي تشكل تهديداً للعمق “الاستراتيجي الإسرائيلي”.

العالم - مقالات وتحليلات 

ومما يعمق من دلالة هذا الفشل أنه كان الاعتراض العملي الأول، الذي كانت تتهيأ المؤسسة الإسرائيلية للاحتفال بنجاحه، والذي كان يُفترض أن يكون مدوياً، وقد كان كذلك فعلا، لكن من زاوية الصدمة التي سيكون لها صداها لدى الطرفين الإسرائيلي ومحور المقاومة، وتحديداً حزب الله.

صاروخ توتشكا، هو صاروخ روسي، متوسط المدى. ومع انه صاروخ غير حديث كونه يعود إلى سبعينات القرن الماضي لكنه دقيق الاصابة، ويحمل رأساً انفجارياً يزن مئات الكيلوغرامات. في المقابل، تنتمي منظومة “مقلاع داوود”، إلى منظومات الاعتراض الصاروخي، التي طورها كيان العدو في أعقاب ونتيجة حرب العام 2006. وبعدما نجح حزب الله في تحويل الجبهة الداخلية إلى جبهة قتال حقيقية. ولم يعد بوسع الكيان شن حروب واسعة، في مواجهة قوى تملك قدرات صاروخية قادرة على دك الجبهة الداخلية بمفاعيل تدميرية.

القيادة الإسرائيلية والخيبة من الفشل المدوي

تعددت مستويات ومراحل الفشل، بدءًا من التشخيص الخاطئ لاتجاه الصاروخين، إلى تقدير مساريهما إلى الفشل في اعتراضهما. وبالاجمال، صاروخان أطلقا من سوريا، شخصا بواسطة رادار المنظومة الإسرائيلية على أنهما يستهدفان “إسرائيل”، أطلق باتجاههما صاروخين اعتراضيين، فشلا في الاعتراض، وهو ما كشف عن خلل بنيوي هائل يتصل بالمنظومة الاعتراض التي كان يُفترض أن توفر مظلة حماية استراتيجية.

المؤكد أن القيادة الإسرائيلية شعرت بالخيبة والقلق من هذا الفشل المدوي بدلالاته ونتائجه. خاصة وأن المنظومة دخلت المرحلة العملياتية منذ فترة غير بعيدة، وحاولت “تل ابيب” أن تقدم ذلك كما لو أنها حققت قفزة نوعية في القدرة على اعتراض صواريخ حزب الله، كونها تهدف إلى اعتراض الصواريخ المتوسطة المدى (القبة الحديدية مخصصة للصواريخ القصيرة المدى)، لكن الان انكشفت محدودية فعاليتها بالتجربة العملياتية غير المصطنعة مع العلم أن الصاروخ لا ينتمي إلى الجيل الأكثر تطوراً، وإن كان دقيقا ويتمتع بقدرات تدميرية كبيرة.

على المستوى العملياتي، سيحاول الكيان الاسرائيلي دراسة ما جرى، وسيضطر إلى التقليص من مستوى رهاناته، الامر الذي سيدفعه إلى أن يكون أكثر حذراً، هذا اذا ما افترضنا أنه لم يكن تعلم ذلك مسبقا، وانما لم يكشفه لأسباب دعائية داخلية لبث الشعور بالامان لدى الجمهور الإسرائيلي.

وفي مواجهة الخارج سيحرص كيان العدو جاهداً للايحاء كما لو أنه بات يملك القدرات التي تُمكِّنه من اسقاط الصواريخ التي تشكل ركيزة أساسية في معادلة الردع.

هذا مع الاشارة إلى أن هناك اجماعاً في الكيان حول حقيقة أنه مهما بلغت “إسرائيل” من تطور على مستوى منظومات الاعتراض الناجحة إلا أنها لا تشكل حلا ورادعا لصواريخ حزب الله، والسبب، على الاقل، نتيجة الحجم الهائل لهذه الصواريخ التي تمكنه، بحسب تقديرات المؤسسة الامنية الإسرائيلية، من اطلاق من 3 إلى 4 الاف صاروخ يومياً. في المقابل، ليس من المستبعد أن يحاول الكيان الاسرائيلي في القادم من الأيام والأشهر أن تلجأ إلى القيام بمناورة ما للتغطية على هذا الفشل وتحاول تبريره، أو الحديث عن أنها أصلحت الخلل. لكنها محاولة نستطيع القول من الان أنها فاشلة.

منبع القلق الإسرائيلي، يعود أيضاً إلى أن هذا الفشل كان أمام نظر حزب الله، الذي سيكتشف بالدليل الملموس محدودية فعالية هذه المنظومة، ولن تنفع معه كل المناورات الإسرائيلية التي تحاول الايحاء كما لو أنها باتت تملك قدرات استثنائية تمكنها من المواجهة.

في كل الأحوال، إن انضباط “إسرائيل” ضمن معادلة الردع التي فرضها حزب الله يشكل بذاته دليلاً ملموساً وحاسماً عن مدى ادراك القيادة الإسرائيلية لمحدودية قدراتها الهجومية والدفاعية.

*جهاد حيدر