خطة أمريكية لضرب أواصر الأخوة الإسلامية بين إيران والعراق

خطة أمريكية لضرب أواصر الأخوة الإسلامية بين إيران والعراق
الأربعاء ٠٥ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٥:٥١ بتوقيت غرينتش

تعتبر العلاقة بين العراق وايران من اقدم العلاقات تاريخيا فهي ليست وليدة العصر الحديث بل هي موروث من حقبة سابقة في وجوه متعددة.. لكن على مدار الأسابيع الماضية، برزت مواضيع في وسائل الإعلام المناوئة، يمكن أن توفر منطلقاً للاختلاف بين البلدين وهذا ما ترغب فيه أمريكا وبعض حلفائها وتسعى لتأجيجها وضرب أواصر الأخوة الإسلامية والتاريخ والجوار بين الشعبين الشقيقين.

العالم - العالم الاسلامي

وهناك اتجاهات تهدف إلى إبعاد الشعبين العراقي والايراني عن بعض تسعى اليها اميركا التي تخشى من التقارب المتزايد بين البلدين.

ومن المواضيع التي تناولتها وسائل الاعلام الاميركية والعربية المناوئة على سبيل المثال، خفض صادرات ايران من الكهرباء إلى العراق في ساعات الذروة بسبب ارتفاع درجة الحرارة في ايران الذي ادى الى الضغط في إنتاج الكهرباء، فاتهم بعض المعادين إيران بالعبث بثمن الكهرباء، ومحاولة الحصول على مطالبها من الحكومة العراقية عن طريق الضغط عليها.

هذا في حين أنه وفقاً للأمين العام للغرفة التجارية الإيرانية العراقية المشتركة، فإن إيران تصدّر الكهرباء إلى الحكومة العراقية بسعر مناسب، وتكسب من هذه الصادرات مليوني دولار يومياً، حتى أن سعر صادرات إيران من الغاز إلى العراق يبلغ عشرة أضعاف سعره داخل إيران، ويبلغ دخلها اليومي 5 ملايين دولار.

وقد شوهد هذا النهج إلى حد ما في العراق، من خلال معارضة حصص البلدين من المياه الحدودية وموضوع حريق هور العظيم.

وفي هذا الخصوص اعرب النائب الاول لرئيس الايراني اسحاق جهانغيري امس عن امله بان تتعزز العلاقات بين ايران والعراق بمجئ الحكومة العراقية الجديدة مشيرا الى التقارير المقدمة حول آخر المستجدات بشان وضع هور العظيم والمساعي المبذولة لاحتواء حريقه وقال ان ايران مستعدة لتقديم المساعدات اللازمة للحكومة العراقية لاطفاء هذا الحريق.

وقال ان ايران حكومة وشعبا لم تالوا جهدا لتقديم المساعدة الى العراق خلال الفترات العصيبة التي مر بها لافتا الى ما تركه حريق هورالعظيم من تاثير سلبي على حياة سكان محافظة خوزستان الايرانية وقال انه رغم قلة الموارد المائية وظاهرة الجفاف في البلاد فان ايران التزمت بتعهداتها في حصتها البالغة 20 بالمئة من مياه هورالعظيم .

من ناحية أخرى، أدّى تصريحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي المتعلقة بالحظر الأمريكي ضد إيران، إلى بروز بعض سوء الفهم. وحاول البعض ربط موقف العبادي بالقضايا العراقية، والعداء بين العرب والفرس! لكن المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي برئاسة رئيس رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اعلن يوم13 اب/ اغسطس، رفضه التفسيرات الخاطئة لموقف العراق من الحظر الاميركي على ايران، مؤكدا عمق العلاقات بين البلدين والمصالح الكبيرة التي تربط بينهما واهمية الحفاظ عليها.

وذكر بيان لمكتب العبادي، ان المجلس يرفض التفسيرات الخاطئة والتصريحات المسيّسة لموقف العراق الرسمي الذي ادان سياسة تجويع الشعوب والذي عبر عنه رئيس مجلس الوزراء، مشددا على اهمية الحفاظ على العلاقات المميزة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية وعمق العلاقات بين البلدين والمصالح الكبيرة التي تربط بينهما واهمية الحفاظ عليها.

كما حاول بعض وسائل الاعلام خلال الأيام الأخيرة في إيران تشويه صورة الشعب العراقي لدى الشعب الإيراني، كما تحدّث البعض عن تصدير الكهرباء إلى العراق مجاناً، وأعربوا عن عدم رضاهم.

كما اطلق حملة دعائية معادية ضد الزوار العراقيين في مشهد المقدسة لكن ندد اهالي المدينة بهذه الحملة واعلنوا تضامنهم مع الشعب العراقي، مؤكدين على تعزيز الاواصر بين الشعبين الجارين.

وحضرت مجموعة من اهالي مدينة مشهد اليوم الاربعاء الى مقر القنصلية العراقية وندد الاهالي بالاخبار والتقارير التي نشرتها مؤخرا بعض وسائل الاعلام المناوئة حول السياح والزوار العراقيين الذين قدموا الى ايران، واعلنوا تضامنهم مع الشعب العراقي.

واكد الحضور على عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين ايران والعراق، واعلنوا ان مؤامرات الاعداء لبث الخلافات بين الشعبين الجارين والصديقين ستبوء بالفشل.

من جهتها اصدرت القنصلية العراقية في مدينة مشهد بيانا اعربت فيه عن تقديرها لهذه الحركة التضامنية ودور مثل هذه الاجراءات في تعزيز العلاقات بين ايران والعراق واكدت ان الشعب العراقي على استعدادا لاستقبال زوار مراسم الاربعين الحسيني في مختلف مدن العراق.

من جانبه وقع وزير الداخلية الايراني "عبدالرضا رحماني فضلي" ونظيره العراقي" قاسم الاعرجي" اليوم الاربعاء ببغداد في ختام المحادثات التي جرت اليوم الاربعاء بين وفدي البلدين رفيعي المستوى على مذكرة تفاهم للتعاون حول اقامة مراسم الاربعين الحسيني.

وتشهد محافظة كربلاء المقدسة في تشرين الاول المقبل توافد جموع مليونية من الزائرين العرب والاجانب والتي تحتل إيران الغالبية الاكبر في أعدادهم للمشاركة في مراسم زيارة اربعينية الإمام الحسين عليه السلام.

كما طرحت بعض وسائل الإعلام منها وكالة "رويترز"، ادعاءات بشأن إرسال إيران صواريخ بالستية إلى العراق فندتها كل من البلدين.

وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، ان هذه الادعاءات كاذبة وغير منطقية ومثيرة للسخرية.

وأضاف قاسمي: إن هذه الإدعاءات تستند على الأكاذيب المغرضة، وبهدف متابعة سياسة التخويف من إيران، ومن أجل التأثير على العلاقات الخارجية الإيرانية، ولاسيما علاقة إيران مع جيرانها.

كما أصدرت وزارة الخارجية العراقية، بيانا اعربت عن استغرابها من هذه الادعاءات التي ساقها تقرير صحفي حول تلقي جماعات مسلحة عراقية صواريخ باليستية من إيران.

‏وأضاف البيان، أنه "في الوقت الذي تؤكد فيه الوزارة أن العراق غير ملزم بالرد على تقارير صحفية لا تمتلك دليلا ملموسا على ادعاءاتها ومزاعمها، فإنها تؤكد أن جميع مؤسسات الدولة العراقية ملزمة وملتزمة بالمادة السابعة من الدستور والتي تنص على عدم استخدام الأراضي العراقية مقرا أو ممرا لأي عمليات تستهدف أمن أي دولة أخرى".

ويؤكد مسؤولو البلدين دوما على عمق العلاقات بين ايران والعراق وعدم السماح باي جهة المساس بها ، حيث اكد المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الاسلامي الايراني حسين امير عبداللهيان خلال استقباله في طهران اليوم الاربعاء مندوب منظمة الامم المتحدة الخاص في شؤون العراق يان كوبيتش اليوم بان ايران والعراق سوف لن يسمحا لاميركا المساس بالعلاقات الممتازة القائمة بينهما.

واشار الى نجاحات العراق في مكافحة الارهاب والعملية السياسية فيه واضاف، ان القادة السياسيين والدينيين في العراق وشعبه الواعي قد خرجا مرفوعي الراس بتحقيق النجاح في مكافحة الارهاب وتعزيز العملية السياسية والديمقراطية.

ونوه الى تحركات بعض دول المنطقة واميركا في التطورات الجديدة بالعراق واضاف، ان العراق اليوم بحاجة اكثر من اي وقت مضى للتركيز على الوحدة والوفاق الوطني.

من جانبه ثمن مندوب منظمة الامم المتحدة في شؤون العراق نثمن دور الجمهورية الاسلامية الايرانية في المساعدة بمكافحة الارهاب في العراق واضاف، ان ايران والعراق بلدان جاران انتفع كلاهما في المرحلة الجديدة من العلاقات الشاملة بينهما.

والحقيقة هي أن تدمير عقلية الشعبين تجاه بعضهما البعض، وتغيير مواقف الحكومتين تجاه بعضهما، ما ترغب فيه أمريكا وبعض حلفائها خصوصا العرب منها، وبما أنه من وجهة نظر أمريكا، إن إيران لديها اليد العليا في المعادلات الأمنية، وتؤثر على العراق، لذلك فإن التركيز على الشعب العراقي بات أكثر إلحاحاً. لذا فإنه وفقاً لبعض المحللين الأمريكيين، فإن إحدى الطرق لإبعاد العراق عن إيران، هي التأكيد على هذا الشعور وتقويته لدى الشعب العراقي، وتحويل القومية الإيجابية إلى القومية السلبية، إذ كلما كان الاعتقاد بالهوية الوطنية أمراً إيجابياً في القومية الإيجابية، ويوفر الأساس للحراك الوظيفي والدلالي لتطوير البلاد، كلما تمّ التأكيد في القومية السلبية على عوامل التباعد عن الآخرين.

بالطبع، لا تركز أمريكا وحلفاؤها على هذا المجال فحسب، بل على مجالات أخرى أيضاً، بما في ذلك العلاقات بين حوزتي النجف وقم العلميتين، على سبيل المثال، قام كبير مستشاري معهد CSAT، "إسكات مودل"، وفي كلمة له أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي في 16 فبراير 2017، بعرض سبعة مقترحات محددة وملموسة لاحتواء إيران، أحدها ضرورة تسليط الضوء على حوزة النجف العلمية أمام حوزة قم.

يبدو أن السلطات والنخب السياسية في إيران والعراق، جنباً إلى جنب مع وسائل الإعلام الرئيسية في البلدين، يجب إلى جانب إدراك الخطط الخارجية لتعكير صفو العلاقات بين البلدين، أن تحاول في مجال العلاقات بين الشعبين، ليس فقط عدم السير وفقاً لهذه الخطط، بل العمل على إبطالها أيضاً، لكن لسوء الحظ، فإن بعض تصريحات النخب في البلدين قد أدّت إلى تفاقم هذه الأجواء، ونقل الخلافات المحتملة من المجالات السياسية إلى المجالات الاجتماعية.