تونس.. جدل التعريب يصل إلى المحلات التجارية

تونس.. جدل التعريب يصل إلى المحلات التجارية
السبت ١٩ يناير ٢٠١٩ - ١١:٣٥ بتوقيت غرينتش

صادق المجلس البلدي لمدينة تونس العاصمة على قرار يلزم المتاجر والمحلات على كتابة معلّقاتها باللغة العربية، ولكن هذه الخطوة أحدثت جدلا وانقساما واسعا بين التونسين، بين من أثنى على أهميتها في تعزيز اللغة العربية وترسيخ هوية البلاد، ومن رأى فيها دعوة إلى الانغلاق والعودة إلى الوراء.

العالم-تونس

وينّص الدستور التونسي في فصله 39 على أنه "من واجب الدولة ترسيخ اللغة العربية ودعم استخدامها"، وهو الفصل الذي اعتمدت عليه بلدية تونس، لإصدار قرارها القاضي، بضرورة تعريب_اللافتات_الإشهارية للمحلات التجارية، على أن يتم لاحقا النظر في العقوبات على المخالفين.

واعتبر عضو المجلس البلدي لمدينة تونس، أحمد بوعزي، في تدوينة له أن هذا القرار البلدي "لم يكتفِ فقط بتطبيق الدستور وإعادة هيبة الدولة وشخصيتها، بل إنه يرسخ للاستقلال الثقافي".

وأضاف قائلا "إن اللغة العربية من بين المظاهر الهامة التي تعرّف بهوية شعب ما أو مدينة ما، غير أن المتجوّل اليوم في العاصمة تونس يستغرب من غياب اللغة الوطنية في اللوحات واللافتات والمعلّقات على اختلاف أنواعها الموضوعة على واجهات المحلات التجاريّة والصناعيّة في أغلب الشوارع والساحات العموميّة وينتابه الشك في استقلال البلاد، كما أن غياب اللغة العربية يفسد للسائح لذّة الاغتراب التي كان ينتظرها عند زيارة بلاد تختلف لغتها عن لغة بلاده".

وبدوره أثنى رئيس جمعية الدفاع عن اللغة العربية حنيفي الفريضي، على هذا القرار الذي وصفه بـ"التاريخي"، مضيفا أنّه "انتصر للغة الوطنية طبقا للنصوص والقرارات القانونية التي كانت مغيبة وأرجع الأمور إلى موقعها الصحيح، وسيساهم في إعادة اللغة العربية إلى مكانتها".

وفي العاصمة تونس، تكتب أغلب الواجهات واللافتات الإشهارية للمحلات التجارية بمختلف أنواعها واختصاصاتها ولافتاتها الإشهارية، باللغة الفرنسية".

"هذا لأن الشعب التونسي ثنائي اللغة، والكلّ يتقن ويفهم اللغة الفرنسية، كما أن تونس بلد سياحي منفتح على كل اللغات، ولم تطرح أي مشكلة في السابق من هذا النوع"، يقول ماهر المجريسي وهو صاحب متجر لبيع الأجهزة الإلكترونية ضواحي العاصمة تونس.

وأضاف أنّ "اللغة تعتبر من أهمّ طرق التسويق ووسائل الترويج للسلع"، موضحا في هذا الجانب أنّ "الانفتاح على لغات أخرى، يوفر للتاجر أو البائع فرصاً ترويجية أكبر لبضائعه والوصول إلى أكبر عدد ممكن من الزبائن"، مشيرا إلى أنّ "هناك مشاكل تواجه التجار وحتّى الدولة أكبر من اللغة المستعملة في واجهة محلاتهم، تستوجب تضافر جهود الطرفين، أهمها مقاومة تهريب السلع الموازية".

ورفض جلّ أصحاب المتاجر والمحلات، الفئة المستهدفة من هذا القرار، خطوة التعريب، إذ اعتبرت الغرفة الوطنية للمحلات المختصة في الملابس، أن تعريب اللافتات" مخجل وسيمسّ من جمالية مدينة تونس"، خاصة أن ترجمة بعض أسماء العلامات التجارية ترجمة حرفية إلى اللغة العربية ستنتج عنها كلمات غير أخلاقية، مضيفة أن هذه "العملية مكلفة جدا"، خاصة بالنسبة إلى صغار التجار، حيث يتراوح سعر تغيير اللافتة الواحدة أكثر من 1000 دولار.

وانتقد شق آخر من التونسيين، قرار تعريب لافتات المحلات التجارية، من جانب كونه لا يعدّ أولوية، وطالبوا المجلس البلدي لمدينة تونس في المقابل، بصيانة البنايات الآيلة للسقوط وسط العاصمة، وتهيئة الطرقات والاهتمام بنظافتها، إضافة إلى إلزام أصحاب المحلات التجارية وحتى الإدارات والشركات بتخصيص مداخل لأصحاب الحاجيات الخصوصية.