آية الله خامنئي .. القائد والفقيه والمثقف

آية الله خامنئي .. القائد والفقيه والمثقف
الإثنين ٢٩ أبريل ٢٠١٩ - ١٠:٣٥ بتوقيت غرينتش

رغم انه يقود ثورة ، تكالبت عليها منذ اربعة عقود ، اعتى قوى الشر في العالم وفي مقدمتهم امريكا و"اسرائيل"، بهدف اجهاضها ، الا انه حريص كل الحرص بان يقتطع من الزمن وقتا حتى ولو عنوة ، لمطالعة  الكتب ،  وخاصة الادبية ودواوين الشعر ، لذلك نادرا ما تفته دورة من دورات معرض طهران الدولي للكتاب ، فقد شارك في اغلبها ، انه قائد الثورة الاسلامية اية الله السيد على خامنئي.

العالم - ثقافة

هذا العام ايضا ، وتحديدا اليوم الاثنين 29 نيسان / ابريل ، وكعادته شارك سماحته في جولة استمرت ساعات في معرض طهران الدولي للكتاب في دورته الثانية والثلاثين ، حيث تنقل بين اجنحة المعرض ، وكأنة في نزهة روحية ، بين ما يعتبره اعز شيء في الحياة وهي الكتب ، وقديما قيل الكتب بساتين العلماء.

صحيح ، كما يقول الاستاذ الدكتور محمد علي اذرشب ، استاذ الادب العربي في جامعة طهران ، ومن الاشخاص الذين ترجموا عددا من خطابات قائد الثورة الاسلامية ، ان سماحة السيد فقيه والمعروف ان كل الفقهاء الكبار لديهم تذوّق للغة العربية والأدب العربي ، لأنّ الفقيه أساس استنباطه هو القرآن والسّنة، وإن لم يكن له ذوق أدبي لا يستطيع أن يتعمّق في القرآن والسّنة، ولا يستطيع أن يسبر أغوارها ويندمج شعوريّاً في هذه اللّغة ، الا ان سماحته يتجاوز هذه المرحلة في علاقته باللغة العربية الى مرحلة اعلى منها بكثير.

لا نبالغ ان قلنا ، اننا لن نجد في تاريخنا المعاصر قائد ثورة او دولة مولع اشد الولع بكتب الادب والشعر ، وخاصة في اللغة العربية ، كسماحة السيد خامنئي ، الذي يعتبر اديبا وناقدا من الطراز الاول.

يذكر الدكتور اذرشب، حادثة تؤكد الاطلاع الواسع لسماحة السيد بالادب العربي ، اذ يقول ، كنت في معرض طهران الدولي للكتاب وكان السيد الخامنئي يتجول بين اجنحته وكنت خلفه، وهو لا يعلم بوجودي خلفه. وصل إلى غرفة من غرف المعرض اسمها غرفة "انتشارات قومس" وقومس اسم مدينة من مدن إيران التي مرّ بها "أبو تمام" وهو في طريقه إلى خراسان. قال "أبو تمام" في ذلك الوقت:

"يَقْولُ في قومس قومي وَقَدْ أخَذَتْ***منّا السُرى وُخطَى المُهْريّةِ القُوْدِ.
أمْطَلَعَ الشَمْسِ تَبْغِيْ أنْ تُؤَمَّ بِنا***فَقُلْتُ: كَلاّ، وَلَكِنْ مَطْلَعَ الجُوْدِ"

السّيد الخامنئي ردّد هذه الأبيات مع نفسه وأنا كنت خلفه وقلت: أحسنت أبا تمام. التفت فرآني. طبعاً هذه الأبيات هي أبيات صعبة وأبو تمام شعره صعب، حتّى قيل له: لِمَ تقول ما لا يُفهَم؟ ومع ذلك جرت هذه الأبيات الصعبة على لسان السّيد الخامنئي بهذه السهولة.

المعروف ايضا ان سماحة السيد تربطه علاقات ادبية وشخصية وثيقة بكبار الادباء العرب والشعراء ، وعلى راسهم شاعر العرب الاكبر الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري ، الذي جاء الى ايران وحل ضيفا معززا مكرما على سماحة القائد الذي كان يكن له احتراما كبيرا ، حتى ان الجواهري كتب قصيدة مدح بها سماحة القائد ، ونشرها على الصفحة الأولى من كتابه (ذكرياتي) وذلك أثناء لقائه به في مكتبه بطهران في آيار 1995 قال فيها :

سَيّدي أيّها الأعز الأجَل
... أنتَ ذو مِنّة وَأنتَ المدِل

يَعجَزُ الحرف أن يُوفّي عظيماً
كُل ما قيل في سِواه يَقِل

أيّها الشامِخ الذي شاءَهُ اللهُ
زَعيماً لِثَورَةِ تَستَهِل

لَكَ في ذِمّة الإله يَمينٌ
يَدٌ مَن مَسّها بِسوءِ تَشِل

لَكَ في السّلم مِنبَرٌ لا يُجارى
لَكَ في الحرب مِضرَب لا يَفِل

لَكَ أهلٌ فَوقَ الذّرى وَمَحَل
لَكَ بَعدَ المكرُمات وَقَبل

فإغتَفِر لي ما جاءَ في ذِكرياتي
يا عَطوفاً عَلى خُطى مَن يَزِل
نبيل لطيف