المناورات العسكرية السورية معادلة ردع جديدة 

المناورات العسكرية السورية معادلة ردع جديدة 
الأحد ٣١ يوليو ٢٠٢٢ - ٠٦:٠١ بتوقيت غرينتش

مع ارتفاع حدة القصف التركي على شمال سوريا، بالمدفعية تارة وبالتصريحات والتهديدات المنبرية تارة أخرى، رد الجيش السوري بمناورات عسكرية، سمعت اصداؤها جيدا لدى الاميركيين والتركي واتباعهم في المنطقة.

العالم - كشكول

في الميدان نفذ الجيش السوري وبالتعاون مع القوات الروسية العاملة في سوريا مناورة تكتيكية عملياتية بالذخيرة الحية، شاركت فيها مختلف أنواع القوات البرية والجوية والبحرية، وصنوف القوات والقوات الاختصاصية في ظروف تحاكي في طبيعتها المعركة الحقيقية، وتضمنت الهجوم على نقاط محصنة للعدو مع اقتحام مانع مائي من الحركة للوصول إلى الضفة المقابلة وتحريرها، وبالتفاصيل، عبرت مجموعات المهام الخاصة بحيرة مائية، حيث تم تدمير نقاط العدو المحصنة على الضفة الأخرى وعلى الجزر الموجودة ضمن البحيرة كما تقدمت وحدات الهندسة ونصبت الجسور فوق المعابر التي دمرها العدو لإعاقة تقدم قوات الجيش السوري. وثم توجيه ضربات جوية مركزة من الطيران الحربي وصواريخ أرض – أرض وتخطيط نظام التأثير الناري المركب، ثم عبرت الدبابات المخاضات المائية ووصلت إلى المعابر وتم الاستيلاء عليها واحتلال رؤوس الجسور لتأمين زج القوى الرئيسية، كما تضمن المشروع مشاركة مختلف أنواع الطيران الحربي الذي قام بالتأثير الناري، بالإضافة إلى دعم حوامات الدعم الناري القوات المهاجمة وتدمير الإنزالات المعادية وتأمين الإنزالات الجوية الصديقة ودعم تقدمها، وتنفيذ إنزالاً جوياً على الضفة المقابلة وعلى بعض الجزر داخل البحيرة، وإنزال مظلي تحت تغطية نارية كثيفة وإخلاء الجرحى والأسرى من الماء بالحوامات وإجراء عمليات البحث والإنقاذ.

بهدوء، وبتدقيق تفاصيل المناورة العسكرية، يتضح تماما، انها تدريبات برسائل سياسية هامة، وجهت من الشمال السوري، الى تركيا والكيان الإسرائيلي، وبالتفاصيل، إن الرسالة الأساس كانت، استمرار تطوير قوة الردع للجيش السوري، بعدما أصاب بنيتها الاستنزاف، ومحاولات تفكيك طيلة فترة الحرب المفروضة على البلاد، وهذا اقتضى التحرك وفق معادلة العلاقة العكسية بين التعافي واستمرار تطوير قدرات الردع في الجيش والمعادلة التركية القائمة على الاستمرار بالتهديد والاعتداءات الإسرائيلية، ما يعني ان تطوير قوة الردع، يقابلها ضعف المعادلة التركية في استمرار التهديد، والعكس صحيح، وهنا يجب ان نتذكر ان الجيش السوري الذي شهد خلال الحرب استهداف واضح اشتركت فيه كل اجهزة المخابرات من الكيان الإسرائيلي الى الولايات المتحدة الامريكية وتركيا وبريطانيا وفرنسا، عبر غطاء كل من الجماعات المسلحة والقاعدة وداعش والنصرة، بطريقة ممنهجة ومركزة طوال سني الحرب.

ان المتابع للحدث السوري يعلم تماما انها ليست المناورة العسكرية الأولى التي ينفذها الجيش، بل سبقها مناورات عديدة اعتمد فيها قادة الجيش اظهار مدى استعداد القوات العسكرية المحمولة جواً، وحدات المشاة والقدرة القتالية للطيارين السوريين، لكن هذه المرة، دخلت البحيرات والمسطحات المائية ضمن المناورة، والسيطرة على ضفاف الأنهار، وقطع الجسور، والتصدي لطائرات مسيرة، ما يوضح ان المعني بالدرجة الأولى هو التركي، اما لجهة اختيار المكان، فكان واضحا ان لدى القيادة السورية إصرار على ان تنفيذ المناورة في حلب، لتظهر أهمية هذه المنطقة للدولة السورية، وان طبيعتها الجغرافية المشابهة تماما للمناطق التي يتم تهديدها من قبل انقرة، والتدريبات فيها، يساعد القوات العسكرية على وضع التكتيكات المناسبة وتحسين شروط القتال، كما كان للكيان الإسرائيلي النصيب من هذه الرسائل، فهي توضح ان استخدام تكتيك المعركة ضمن الحروب، لن يجدي نفعا، وان الجيش السوري الذي يتمتع بخبرات قتالية عالية، بالرغم من محاولات الاستنزاف المستمرة، التي يتعرض لها من الكيان الإسرائيلي او المجموعات المسلحة ومن خلفها تركيا، لم تؤثر على قدراته القتالية العالية، وبالذات في مجال الدفاع الجوي.

ما يعني ان قادة الجيش وجهوا رسالة واضحة للتهديدات القادمة من تركيا لتعديل سلوكهم، عبر التشكيك بنجاح اهداف التهديدات، الامر الذي يساهم في تثبيط الاتراك عن محاولتهم، ودفعهم الى احتساب خطواتهم قبل الاقدام عليها، ويخلق لدى أصحاب القرار هناك، تردد فتخفف معه اللهجة الهجومية العدائية، بالإضافة الى تقييد حرية عمل الجيش التركي وتخفيف حدة تحكم الجانب التركي بفرض قواعد اشتباك، ما يؤدي الى تغيير معادلة قواعد الاشتباك في سوريا، وفق متطلبات الرد على التمادي التركي او الكيان الإسرائيلي، واختيار اللحظة المناسبة وساحة الردع والأسلوب الاجدى، وكل ذلك بعد اطلاق تهديد رادع كما جاء في المنارة، يتمتع بجودة مقنعة ووضوح ثابت يتماشى مع الالتزام بما يضمن سلامة ووحدة الأراضي السورية .

إن المناورات العسكرية توضح تطوير الجيش السوري عناصر القوة الاستراتيجية، وتثبيت معادلة اسقاط احد اهم اهداف الحرب، وهو اخراج الجيش السوري من معادلة الردع ضد الكيان الإسرائيلي، الذي حاولا جاهدا عبر وكلائه او بتدخله المباشر هدم قوة الردع، وفشل بذلك.

*مراسل العالم - حسام زيدان