عندما تتحول حقوق  الإنسان إلى ألعوبة.. مقبرة الأطفال نموذج عنها

عندما تتحول حقوق  الإنسان إلى ألعوبة.. مقبرة الأطفال نموذج عنها
السبت ٠٨ أكتوبر ٢٠٢٢ - ٠٧:٠٠ بتوقيت غرينتش

"عندما تتحول حقوق الإنسان إلى ألعوبة ووسيلة ضغط سياسية على الآخرين، فإن الإمبراطورية الإعلامية لنظام الهيمنة تسعى لجعل المتهمين بممارسة الانتهاكات المنظم لحقوق الانسان أدعياء حقوق الإنسان".

العالم - قضية اليوم

بهذه الكلمات رد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني على رياء الدول الغربية وفي مقدمتها أميركا وكندا، التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان.

كنعاني ذّكر بالقصص الحزينة للفصل القسري لأكثر من 150 ألف طفل من سكان كندا المحليين عن عوائلهم، والعثور على المقابر الجماعية للمئات من هؤلاء الأطفال في ساحات المدارس الداخلية في كندا قبل نحو عام، مشيرا الى أن حقوق الإنسان في كندا تجسد قتل الأطفال واللامبالاة تجاه الإنسانية.

مقبرة الأطفال، كانت نموذج "الإبادة الثقافية" في كندا، القصة تعود الى عشرينيات القرن التاسع عشر، حيث حاولت الحكومة الكندية حينها القضاء على جميع جوانب ثقافات السكان الأصليين واستبدالها بما جلبه الأوروبيون البيض الوافدون إلى كندا.

600 قبيلة من السكان الأصليين كانت تسكن كندا قبل وصول المستوطنين الأوروبيين، فأراد الوافدون الجدد إجراء تحول ديموغرافي وثقافي.

ومنذ عشرينيات القرن التاسع عشر وحتى إغلاق آخر 139 مدرسة داخلية هندية، أُخذ حوالي 150 ألف طفل من أبناء السكان الأصليين من آبائهم، بالقوة، ووضعوا في المدارس، حيث عانوا الاعتداء الجسدي والنفسي والجنسي. وفي إهانة أخيرة، دفنوا في قبور لا تحمل أسماء، بعد أن ماتوا من المرض وسوء التغذية.

وتشير التقديرات أن أربعة آلاف طفل ماتوا في تلك المدارس، مع وجود ناجين ما زالوا يعيشون صدمة المدارس الداخلية.

وفي حين أن الرئيس الاميركي جو بايدن يدعي دعم حقوق الانسان، إلا أنه لم يتطرق إلى الاتهامات الموجهة إلى بلاده تاريخيا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادات جماعية.

وجاء تقرير سابق للكونغرس الأمريكي ليؤكد أن عدد ضحايا أمريكا حول العالم خلال احتلالها لدول لا يقل عن 2.5 مليون قتيل مدني، فضلا عن مذابح الهنود الحمر قبل تأسيس الولايات المتحدة.

بالرغم من أنه لا توجد إحصائية دقيقة حول أعداد السكان الأصليين الذين كانوا موجودين على أراضي أمريكا الشمالية لحظة قدوم الأوروبيين، فإن بعض الدراسات تشير إلى أن أعداد السكان الأصليين للأمريكتين كانت تتراوح بين 10 ملايين إلى 100 مليون في عام 1500م.

ويرى الكثير من المتخصصين أنها كانت نحو 50 مليونا، منهم نحو 15 مليونا من قبائل وعشائر الهنود الحمر في أمريكا الشمالية وحدها.

وبدأت أعداد الهنود الحمر تتناقص بسرعة خيالية بسبب الحروب والمجازر الجماعية والمجاعات والأوبئة، حتى وصلت إلى أقل من 238.000 هندي أحمر فقط مع انتهاء الحرب الأمريكية الهندية في القرن التاسع عشر.

ما يعني قتل ما نسبته أكثر من 95% من السكان الأصليين على الأقل، لما يُعرف بالولايات المتحدة الأمريكية اليوم، رغم أن بعض الباحثين يرون أن مجموع أرقام القتلى الحقيقية في الأمريكتين قد يصل إلى 300 مليون قتيل، ولا تقوم أمريكا اليوم بإقامة ذكرى سنوية لهم.

وأما عن الجرائم الاميركية في العالم فالقائمة تطول:

في الفلبين قتل مليون و500 ألف مدني في الحرب الأمريكية الفلبينية، بين 1899 و1902.

في الحرب العالمية الثانية خلف استهداف قوات الحلفاء حوالي 2.5 مليون قتيل مدني، قُتلوا تحت القصف الجوي الأمريكي والبريطاني.

في اليابان قصفت أمريكا مدينتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان، بقنبلتين نوويتين، وقتلت القنابل الأمريكية ما يصل إلى 140.000 شخص في هيروشيما، و80.000 في ناجازاكي.

في الحرب الكورية في تموز/ يوليو 1950 قامت وحدة برية وطائرات عسكرية أمريكية بقتل ما بين 300 إلى 400 مدني.

في حرب فيتنام في 16 آذار/ مارس 1968 بلغت أعداد جرائم الحرب الموثقة لدى البنتاغون 360 حادثة. ليس من ضمنها مجزرة ماي-لاي، التي راح ضحيتها 347-504 مدنيا في فيتنام الجنوبية، أغلبهم نساء وأطفال، وكانت فيتنام قد ادعت سنة 1995 أن عدد القتلى في الحرب بلغ 5 ملايين، 4 ملايين منهم مدنيون عُزل.

في يوغوسلافيا قامت به قوات الناتو بدعم أمريكي سنة 1999، بقصف جوي راح ضحيته ما يقرب من 5000 مدني قتيل.

وفي غزو العراق 2003، تشير تقارير الى أن عدد ضحايا الغزو الأمريكي للعراق بلغ أكثر من مليون مدني منذ بداية الحرب إلى جانب جرائم سجن أبو غريب.

أما حرب أفغانستان فوفقا لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (أوناما) فقد قتل أو جرح ما يقرب من 111 ألف مدني منذ أن بدأت في تسجيل الخسائر المدنية بشكل منهجي في عام 2009.

وسبق أن عارضت أمريكا في عهد ترامب، تحقيقا للجنائية الدولية، بارتكاب جرائم حرب وإبادة ضد المدنيين الأفغانيين، وبعد كل هذا يأتي يأتي اصحاب المجازر ليتحدثوا عن حقوق الانسان في العالم.

*علي القطان