كواليس السيناريوهات المتكررة للعدوان على الشمال السوري

كواليس السيناريوهات المتكررة للعدوان على الشمال السوري
الثلاثاء ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٢ - ٠٥:٣٨ بتوقيت غرينتش

ترتفع وتيرة قرع طبول الحرب في شمال وشمال شرق سورية، كمقدمة لعدوان جديد على الاراضي السورية اسماه الاتراك "مخلب السيف "، هي نار الحرب التي لا يريد اردوغان ان تطفأ، حدد لها ثلاثة اهداف، تتلخص بإقامة منطقة امنة، وضمان امن الحدود، وافساح المجال امام عودة النازحين الى الداخل السوري .

العالم - قضية اليوم

على الأرض، تتبدل حدة القصف بين يوم واخر، بالذات الغارات الجوية على مواقع قسد، مع استمرار الهجمات الصاروخية وبالمدفعية، التي تمتد من المالكية في ريف الحسكة، حتى منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي. بالإضافة الى مناطق ريف عفرين وريف تل رفعت في ريف حلب الشمالي، كل القرى والبلدات هي تحت النار، والعدوان يتركز في مناطق رئيسية وهي أبو راسين وعين عيسى وريف القامشلي، وصولا الى عين العرب حتى منبج وتل رفعت وريف عفرين، ما يرجح ان الاتراك يستعدون لهجوم بري ولو محدود في تلك المنطقة، ويضغطون بالنار، لفتح طاولة المفاوضات مع قسد، تارة عبر الأمريكي وتارة أخرى عبر الروسي.
بدأ هذه المفاوضات السفير الأمريكي في تركيا، والذي التقى بحسب وسائل اعلام تركية، بوزير الدفاع التركي، وما رشح عن هذا اللقاء، ان الاتراك وضعوا في يد السفير الأمريكي حزمة مطالب لوقف العدوان على شمال وشمال شرق سوريا، ومنها انسحاب قسد إلى مسافة 30 كلم عن الحدود، مع احداث نقاط مراقبة مستقلّة للأتراك، أو مشتركة مع الأميركيين، وتخصيص حصّة من واردات النفط لمناطق سيطرة الفصائل المسلّحة، أو الاستعاضة عن كلّ ما تَقدّم بتسليم كامل الحدود بعمق 30 كلم للجيش السوري. وهي مطالب مكررة من قبل التركي، الذي يتخذها ذريعة في كل مرة لانتهاك السيادة السورية، الا ان المشكلة الحقيقية هي أن الاكراد يضعون مصيرهم في اليد الامريكية، ويعلم الجميع ان سيد الحرب الأمريكي والتركي وحتى قسد، دخلت مرحلة الاختناق السياسي، ويعلم الأمريكي ان ما يجري في شمال وشمال شرق سوريا، ليس مأزقا لقسد فقط، بل هو مأزق للأتراك في نفس الوقت، كون الجميع يريد الاستحواذ على المنطقة المستهدفة بالعملية العسكرية، حيث انها تضم ابار وحقول النفط والغاز، وهي السلة الغذائية للبلاد لإنتاجها اهم المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والقطن، ولحضور عنوان دائم وهو بقايا جماعة داعش الوهابية، ما يعني ديمومة وجود القوات الغازية الامريكية او التركية. اما الجهد الروسي في الوساطة تمثل بحضور قائد القوات الروسية في سورية الذي التقى بمظلوم عبدي في الحسكة، مقدما له اقتراح يتضمن انسحاب قسد من المناطق الحدودية مع تركيا، وانتشار الفيلق الخامس من الجيش السوري، لكن قسد رفضت تلك المبادرة، واقترحت قسد ان تبقى قواتها وبالذات قوات الامن الداخلي في تلك المناطق، بالتوازي مع قوات الشرطة السورية.
هذا التعنت من قسد امام المبادرة الروسية، يأتي بالتزامن مع استمرار الحشد التركي، حيث سجل الاتراك في اليومين الماضيين، تحرك ارتال عسكرية إلى مناطق حدودية مع سوريا، حيث توزعت القوات الواصلة على محورين رئيسيين، قرب معبر باب السلامة في ريف أعزاز غرباً، وعند معبر قرقميش بريف منطقة جرابلس شرقاً، وضمت التعزيزات الواصلة آليات عسكرية متنوعة وعدداً كبيراً من الجنود، كما سحبت القوات التركية جزءا كبيرا من قواتها المنتشرة في محافظة ادلب، وجمعتها في خطوط التماس مع منطقة عفرين، وارسلت تعزيزات الى الأطراف الجنوبية من مدينة اعزاز.
إن ما يجري في شمال وشمال شرق سوريا، ما هو الا تكرار واضح لسيناريو في العدوان التركي السابق والذي أسمته، عملية غصن الزيتون وبعدها نبع السلام، وتستمر قسد في الرهان على الأمريكي لمنع أي عملية برية، وهي ذاتها كانت قد خدعت في السابق من الأمريكي، ودفعت ثمنه يومها بدخول الجيش التركي الى مناطق في ريف الحسكة والرقة، وتنشغل القيادات الكردية في تأمين قياداتها من الصف الأول والثاني، وتعتقد ان ما يقوم به الاتراك هو استعراض للعضلات، بالرغم من معرفتها عبر المعلومات الأمنية التي تصلها ان التركي يحضر بالحد الأدنى للدخول الى عين عرب في ريف حلب الشمالي الشرقي، وبعض المناطق الأخرى الا انها مازالت تدور في الحلقة الامريكية، ليستمر الأمريكي قوة تخريب أي جهود سياسية لانهاء الحرب المفروضة على سوريا، ويبقى التركي قادر على احتضان المجموعات المسلحة، وتستمر نظرية التذاكي التركي والأمريكية، في إدارة صدى العدوان، الذي سيتخطى الحدود السياسية الى تهديد حالة الاستقرار في الإقليم كله.

حسام زيدان