بضربة وزير أطاحت بحكومة سعد الحريري افتتح العام 2011 في لبنان، ليبدأ من شهر السنة الأول صراع عنوانه المحكمة الدولية، فقد أسس رفض سعد الحريري إيجاد تسوية لملف شهود الزور الى إسقاط قوى الثامن من آذار لحكومة الرجل رافضة أي عودة له الى سدة السلطة، وبهذا المنطق قاد تحالف هذه القوى مع النائب وليد جنبلاط الى تأمين الأصوات المطلوبة لتكليف نجيب ميقاتي بترأس الحكومة.
لم يكن طريق ميقاتي سهلا، فبعد مخاض إستمر 5 أشهر، ولدت حكومته الثلاثينية بوزراءها، بمشهد لم يألفه لبنان من قبل، ففيها سجلت الكتلة الشيعية سابقة قضت بتنازلها عن وزير شيعي لمصلح آخر سني، ومعها نجحت قوى الثامن من آذار بالوصول الى السلطة منفردة لأول مرة، ليكون ذلك كافيا لإنطلاق سهام المعارضة الآذارية نحوها.
عند أبواب الحكومة الجديدة، إعتلا ملف المحكمة الدولية سدة النقاشات، وبات هو الشغل الشاغل للجميع، فحزب الله وبرغم أنه جزء من الحكومة، بقي مصرا على تقديم كل الأوراق للتأكيد على تسييس المحكمة قانونيا ومعلوماتيا، مع علمه أن ذلك لن يمنع من توجيه الإتهام الى عناصر منه بتنفيذ عملية الإغتيال، وهكذا كان.
أعلنت الأسماء لكنها مرت مرور الكرام في بيروت، بخلاف دفع لبنان لحصته من تمويل المحكمة الدولية، فالإندحار السياسي الآذاري كان دائما بالمرصاد لإتهام نجيب ميقاتي بالتملص، الرجل وفي لحظة جدل صعبة قادته الى التهديد بالإستقالة، أعلن منفردا دفع لبنان لحصته.
لم يقلب حزب الله الطاولة على ميقاتي وحافظ عليه رئيسا لحكومة مطالبة بإنصاف مظلومين بملف شهود الزور، دون أن يعني ذلك إنتهاء القضية بالنسبة إليه، في وقت كانت مقاومته تسجل إنجازا أمنيا بكشف شبكات تجسس أميركية.
وفي وقت كانت الحكومة تكمل طريقها وسط أشواك كثيرة، كان البعض يحاول جرها الى مربع الطوق العربي على سوريا، لكن لبنان الذي يرى في إستقرار سوريا إستقرارا له، حافظ على خط غير مهتز في العلاقة مع دمشق، لكن الإهتزاز لم يكن قاطعا، ففي جنوب لبنان إهتزت الأرض أكثر من مرة هذا العام، بفعل ضربات نالت من قوات اليونيفيل، أو بإطلاق صواريخ مجهولة المصدر، ليغلق ذلك العام على أسئلة جدلية كثيرة، عن هوية المنفذين وأهدافهم في بلد غير قادر حتى الساعة على ضبط الأمن فيه.
ونجح لبنان عن قصد أو غير قصد في إنهاء العام 2011 محافظا عن بيئة مستقرة تقريبا، متجاوزا كل تناقضات مكوناته السياسية، لكن أحدا لا يمكن له أن يعلم ماذا سيحمل العام الجديد للبنان الذي إشتهر بأنه واحة خصبة لتفريغ كل ألوان وفنون الصراع، إنه بلد الممكن في كل شيء.
AM – 27 – 18:54