تجدر الاشارة الى ان ممثل قائد الثورة الاسلامية في مؤسسة كيهان الصحافية حسين شريعتمداري، كتب عمودا بعد ساعات من اعلان نبأ اغتيال الاستاذ الجامعي احمدي روشن طالب فيه علنا تنفيذ قانون المعاملة بالمثل.
ومن المعلوم ايضا ان ثمة وثيقة صادرة من الكونغرس الامريكي في اطار رسالة موجهة من ثلاثة من كبار اعضائه، بينهم رئيس اللجنة الوطنية الداخلية للكونغرس بيتر تي كينغ، بتاريخ الثاني والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر من العام الفائت يطالب فيها الموقعون عليها الرئيس الامريكي اوباما بمعاقبة ايران بعبارة واضحة: عليك استخدام عمليات محددة خفية ضد النظام الايراني تشمل المنشآت والاشخاص المسؤولين.. .
وقد يكون الاهم في المعادلة الجديدة التي دخلنا فيها اليوم بعد وصول حالة حرب الادمغة الى اوجها هو امر العمليات الذي يقال انه صادر من اعلى هرم القيادة الايرانية والقاضي، حسب المصدر الامني الآنف الذكر، بـ: ان الوقت قد حان لتواجهوا التهديد بالتهديد وتعاقبوا السي آي اي والموساد على افعالهم الجبانة هذه حتى تجعلوهم يندمون على فعلتهم والبادي اظلم .
اذن هي الحرب الاستخباراتية المفتوحة التي قد تفتح ابواب جهنم على العدو الصهيوني واسياده الامريكيين وكل متورط معهم في هذه الاعمال القذرة، كما يتوقع العارفون ببعض خفايا الامور.
لا يعرف احد البتة الى ما ستؤول اليه هذه الحرب المفتوحة من تداعيات على مستوى المنطقة، الا ان القدر المتيقن منه هو ان جميع المسؤولين الصهاينة ومعهم اسيادهم الامريكيون، لاسيما الامنيين والاستخباريين، حسب مواقف طهران المعلنة باتوا الآن رهائن قرار العمل بالمثل وعلينا الانتظار من سيكون عليه الدور اولا، كما تقول المصادر الايرانية الوثيقة الصلة بمطبخ صناعة القرار الايراني.
لن تكون هناك حرب عسكرية مفتوحة، بالضرورة كما يحاول البعض ان يروج او يهول او يدفع للايحاء بهذا الامر، فالمعلومات المتواترة في هذا السياق لدى دوائر عديدة في طهران لا تزال تعتقد بان الاسرائيلي والامريكي لا يزالان يتخوفان من المواجهة العسكرية المفتوحة، لانها قد تفتح عليهم حربا اقليمية شاملة وربما حربا عالمية يتخوفونها ولا يريدونها الآن على الاقل.
ولهذا السبب اصلا يقول الايرانيون بان الاسرائيلي والامريكي قررا اللجوء الى هذه الوسائل الجبانة والرخيصة ضد ايران.
وهو ما بدا ان القيادة الروسية العليا قد استوعبته ولو متأخرا، من خلال تأكيدها على ان اي مواجهة مع ايران على خلفية الملف النووي الايراني انما يدخل في معادلة الاخلال بالامن القومي الروسي.
وطبقا لقراءة الروس مرة اخرى فان المعركة على بوابة المشرق العربي، اي سورية انما هي لانهم يريدون من دمشق قطع تحالفها مع طهران.
والكل يذكر هنا شهر العسل الاوروبي والخليجي، لاسيما السعودي والقطري منه، مع دمشق قبل ان تفاجئهم الصحوة العربية الاسلامية في المنطقة، كيف كانت تتملق النظام السوري وتوحي بانها ستغدق عليه اموال الاستثمارات وتفتح له ابواب الجنة مقابل الابتعاد عن طهران. اليوم يحاولون ادارة الدفة بالمعكوس وذلك من خلال رسولهم العثماني الحالم بالدور الاقليمي بأي ثمن كان، متنقلا بين العواصم حاملا الرسائل المتناقضة، منها الودية والمغرية للبعض مقابل التخفيف من مساندة دمشق. ومنها المتخبطة والهادفة الى فتح ابواب عاصمة الامويين التاريخية امامه من جديد كحد ادنى ليجرب حظه العاثر في لعب اي دور.
لكن الغباء والحماقة الاسرائيليين ومعهما الغباء والبلادة الامريكيان كشفتهم ولم تمنح لهم الفرصة، اذ جاءت عملية اغتيال الاستاذ الجامعي الكيميائي لتعيد خلط الاوراق من جديد.
ثمة في هذه الاثناء من يراهن على اجتماعات اسطنبول بين طهران ومجموعة الخمسة زائد واحد حول النووي الايراني المرتقب.
وثمة من يراهن على اثارة فتنة في لبنان على قاعدة التصعيد في مسألة نزع سلاح حزب الله، فارسل موظفه الامين العام لمصالح الغرب ليجرب حظه.
لكن ذلك كله، سواء كان بالجملة او بالمفرق، كما يقول المثل دونه فرط القتاد ودونه بحر من الدماء وتفكيك الكيان وازالة الغدة السرطانية مرة والى الابد، كما يقسم يوميا المقاومون والقابضون على قبضات سلاح المقاومة!
ثم اذا كان صحيحا ان ايران وافقت على الاجتماع مع الغرب بناء على اقتراح وسيطهم الطامع في دور اقليمي متعثر، لكنها وكما وافقت على ما قبله من مؤتمر وفي مثل هذا الشهر من العام الفائت والذي خرج فيه الغرب بخفي حنين، فان مصير الاجتماع المقبل لن يكون مصيره افضل من سابقه للاسباب التالية:
- ان ايران لم ولن تقبل ابدا سياسة العصا والجزرة التي تتبعها واشنطن معها، حيث اغتالت العالم شهرياري عشية انطلاق محادثات العام الفائت، وها هي تغتال احمدي روشن في الذكرى السنوية لشهرياري، وهما عمليتان ارهابيتان مدانتان، حسب كل الاعراف الدولية ناهيك عن السماوية.
- ان ايران لن تفاوض وليام بيرينز وجها لوجه كما يتوسل منذ محادثات جنيف الثانية، لانها ليس لديها ما تبيعه اياه او تساوم معه او تقايضه على شيء!
- ان ايران تعرف جيدا ان ما يريده الامريكيون والاطلسيون وصغار عملائهم هو رفع اليد المساندة للحق الفلسطيني عن هذا الملف الانساني الخطير، وتصفية قضية فلسطين نهائيا وكفى، اما النووي في ايران والديمقراطية في سورية فهما ليسا الا غطاء مزعوما من اجل تحقيق الهدف الاصلي المذكور آنفا، وهذا ما لن ينتزعه احد اي احد لا من دمشق ولا من طهران حتى وان طال حصارهما الف عام وموعدنا اذان الصبح أليس الصبح بقريب!
*محمد صادق الحسيني –القدس العربي