تفاهم حمص وحنق الغرباء

تفاهم حمص وحنق الغرباء
الإثنين ٠٥ مايو ٢٠١٤ - ٠٥:٢٧ بتوقيت غرينتش

وصف التفاهم او الاتفاق او الهدنة او التسوية او المصالحة، سمها ما شئت، بين الحكومة السورية والمسلحين في حمص، والقاضي بخروج المسلحين من وسط المدينة باسلحتهم الفردية والانتقال الى ريف المدينة الشمالي، وصف من قبل الكثير من مراقبي المشهد السوري بانه اكبر خرق لهذا المشهد منذ اكثر من عامين.

وتشير التقارير الصحفية الى ان التفاهم نص على خروج جميع المحاصرين الذين يبلغ تعدادهم حوالى 2250 شخصا من احياء حمص القديمة مقابل  إخراج 70 من المخطوفين المحتجزين لدى المسلحين، والسماح بدخول المواد الاغاثية الى مدينتي نبل والزهراء في حلب اللتين تحاصرهما المجموعات المسلحة منذ اكثر من عام.

الملفت في التفاهم  هو تاكيده على نقل المصابين بسيارات الهلال الاحمر بعد موافقتهم، وخروج المقاتلين مع عائلاتهم وحقائب السفر بواسطة باصات ترافقها دوريات الشرطة السورية، بالاضافة الى تسوية اوضاع 50 مسلحا لعودتهم الى حضن الوطن.

رغم ان بنود التفاهم بين الحكومة والمسلحين في حمص لم تطبق بعد على ارض الواقع ، الا ان الطريقة التي تم فيها التوصل الى هذا التفاهم ، تجعل المراقب يتوقف كثيرا على تداعيات هذا التفاهم على مجمل الازمة السورية، لما يستبطنه من معان كثيرة يجب ان يتم تناولها بالشكل الذي يستحقه.

ان جلوس الحكومة السورية حول طاولة واحدة مع المسلحين، وان يصل الجانبان الى حل في غاية الاهمية يحول دون اراقة المزيد من الدماء من الجانبين، يعتبر بحد ذاته ، انجازا كبيرا للحكومة السورية، وتغييرا لافتا في تعامل المسلحين مع تفاصيل الحرب الدائرة في سوريا منذ اكثر من ثلاثة اعوام.

رغم انه من السابق لاوانه التاكيد على حدوث تغيير جذري في موقف بعض الفصائل المسلحة ازاء جدوى الحرب الدائرة في سوريا ، الا ان ما حدث في حمص ، لا يجب ايضا ان نمر من امامه مرور الكرام ، فالذي تم التوصل اليه بين الحكومة والمسلحين هناك، اثار العديد من التساؤلات حول جنسية هؤلاء المسلحين، ولماذا فضلوا التفاوض على القتال حتى النهاية ؟ ، ولماذا رضي البعض منهم ان تسوى اوضاعه من اجل العودة الى حضن الوطن؟ ، ولماذا اثار موقفهم من التفاوض حنق وغضب بعض المجموعات الاخرى ؟، وماهي حقيقة تعنت بعض العناصر المسلحة داخل حمص والذي كان وراء تاجيل هذا التفاهم اكثر من مرة؟.

تشير التقارير الواردة من حمص ان السوريين يمثلون غالبية المجموعات المحاصرة داخل المدينة ، وان الذين كانوا يؤكدون على مواصلة القتال حتى النفس الاخير كانوا من العرب والاجانب، اما من رضي بتسوية اوضاعه والعودة الى حضن الوطن فجميعم كانوا سوريين.

هذه الحقائق تؤكد ان بالامكان ان يتوصل السوريون الى صيغة من التفاهم  بينهم في حال تركوا وحدهم يقررون مصيرهم ، بعيدا عن اية تاثيرات وتدخلات خارجية ، وقد بدا ذلك واضحا في قضية تفاهم حمص، حيث اشارت التقارير ان المسلحين السوريين داخل المدينة كانوا اكثر ميلا للتفاوض مع حكومتهم، الا ان العناصر الاجنبية كانت تقف عائقا امام التوصل الى هذا التفاهم ، كما اثبت التفاهم ان حضن الحكومة السورية مازال مفتوحا للسوريين الذين غُرر بهم ووقعوا في الفخ الذي نصبه لهم الغرباء ، وحملوا السلاح في وجه وطنهم وجيشهم ، وهذا الامر يوضح غضب وحنق المجموعات المسلحة الاخرى ، والتي تتالف عادة من العرب والاجانب ، لانهم يعرفون جيدا ان نجاح تفاهم حمص قد يتكرر في العديد من المناطق السورية الاخرى.

حسنا فعلت الحكومة السورية والجيش السوري في التوصل الى هذا التفاهم الذي سيعيد حمص كما سيعيد العديد من المغرر بهم الى حضن الوطن ، وسيقنع من لا يزال مترددا من المسلحين السوريين ، في الانفصال عن هؤلاء الارهابيين الاجانب الذين لا يريدون خيرا لا لسوريا ولا لاهلها، وان السنوات الثلاث الماضية كانت اكبر دليل على هذه الحقيقة، حيث لم يرحم هؤلاء الارهاربيون لا بطفل ولا بشيخ ولا بامراة ولا بعالم دين ولا بحجر ولا بشجر، وهذه صورهم وافلامهم وهي بالالاف تؤكد على مدى وحشيتهم واجرامهم .

سامح مظهر – شفقنا