إردوغان.. مغامرة نحو الهاوية

إردوغان.. مغامرة نحو الهاوية
الجمعة ٢٧ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٦:٢٨ بتوقيت غرينتش

حين يخاطر شخص بشيئ لايقدر علية فهو يدمر نفسه... والمصاب بجنون العظمة، عادة ما يقوم بمخاطرة تجره نحو الهاوية... هذا ما أودى بنابليون فرنسا وهتلر ألمانيا وصدام ومعمر القذافي. ويبدو أن القرعة اليوم وقعت على تركيا وقطر والسعودية.. وبدء العد العكسي لهم دون معرفة النتائج التي ستترتب عليها.

لكن جنون إردوغان لم يأت من العدم. فإردوغان الذي تحول من لاعب كرة قدم إلى عمدة أسطنبول، وسُجن عام 1997 ومنع من الترشح للانتخابات العامة ومن العمل في الوظائف الحكومية، بتهمة التحريض على الكراهية الدينية، لإنشاده قصيدة للشاعر التركي "زييا كوكالب"... كان هنالك من يعرف أن طموحه إلى درجة يمكن أن يكون بديلاً للسلطان عبد الحميد الثاني وقتله الآلاف من الأرمن الأبرياء... ولم يكن غريبا حين ساعده من ساعده بعد انشقاقه من حزب الفضيلة، مع عدد من الأعضاء منهم "عبد الله غول"، وتأسيس حزب العدالة والتنمية سنة 2001، وإعلانه أن العدالة والتنمية سيحافظ على أسس النظام الجمهوري ولن يدخل في صراعات مع القوات المسلحة التركية... وبقدرة قدير أصبح اليوم، رئيس تركيا الثاني عشر والحالي منذ 28 أغسطس 2014م، ورئيس وزراء تركيا من مارس 2003 حتى أغسطس 2014.

ومع نشوب الحرب على سوريا ظهرت قدرة إردوغان في احتضان وتوجيه الإرهابيين وإدخالهم إلى سوريا. ومقابل فقدانه السوق السورية تمكن من ابتزاز الأموال من السعودية وقطر، رغم أن مصلحة الجميع التقت على إسقاط الأسد في سوريا.

ولم يسأل أحد، السر من وراء اعتذار جو بايدن وكان نائباً للرئيس الأميركي وليس صحفياً هاوياً أو رجلاَ من العامة أو مصاباً بالجنون الآني، بعد يوم واحد فقط من تصريحه بأن الإرهابيين في سوريا بمن فيهم مقاتلو القاعدة حصلوا على تمويل ودعم من حلفاء واشنطن في المنطقة، من بينهم الأتراك والسعوديون والإماراتيون الذين كان همهم الوحيد إسقاط الرئيس السوري، وخاضوا حرباً بالوكالة بين السنة والشيعة وقدموا مئات ملايين الدولارات وعشرات آلاف الأطنان من السلاح لكل من وافق على القتال ضد الأسد.

والسؤال الذي يطرح نفسة بإلحاح، هو من الذي كان يملك القدرة على إجبار بايدن ليجعل من نفسه أضحوكة أمام الرأي العام العالمي ويُكذب ما قاله وهو بكامل قواه العقلية؟؟

وعلى الرغم من كل ذلك، فإن دخول روسيا على خط المواجهة فضح للعالم من يقف وراء الإرهاب في سوريا والعراق.( أربعون دولة ومنهم في مؤتمر العشرين لازالوا يدعمون الإرهاب).. هذا هو مفهوم ما أكده الرئيس الروسي فلادمير بوتين.

ويرى مراقبون أن إردوغان ومن خلال السماح وبشكل مباشر للاجئين السوريين بالتدفق ومن ضمنهم إرهابيين من داعش والنصرة وأخواتها إلى أوروبا... أنما كانت خطوة لابتزاز أميركا والغرب لمواقفها على فوزه في الانتخابات الأخيرة.. وإرسال رسالة لهم أن الغرب لازال بحاجة إليه في رسم خارطة الطريق للعراق وسوريا... لكنه نسي أو لربما راهن على أن الذاكرة الأوروبية ستتحمل التبعات المهددة لاستقرارها وأمنها.. ويبدو أنه لم يفهم لحد الآن أن أميركا التي هاجمت العراق وأفغانستان بسبب أقل من عشرين شخص يدعون الإسلام، وان فرنسا وأوروبا التي رفعت حالة الإنذار إلى أقصى حد.. بسبب عملية قام بها ثمانية أشخاص يسمون أنفسهم بالجهاديين المسلمين... لن يأمنوا أبداً من مليار مسلم أو يسمحوا لهم أن يكونوا في ظل حكومة عثمانية موحدة كانت أو غيرها.. أو أن يعتبروا الشعب التركي، جزءاً من الشعوب الأوروبية.

بل الواقع أن لكل حكومة تتعامل مع الغرب، تاريخ انقضاء ليتخلوا عنهم كما فعلوا مع الشاه في إيران.

في خضم كل هذه المعطيات جائت مغامرة إردوغان لخلط الأوراق مرة أخرى باستهداف الطائرة الروسية... لعله يتمكن من توريط أميركا في إصرارها على إيجاد منطقة تكون آمنة للتركمان الذين يحتضنون الإرهاب ضد بلدهم سوريا... وذلك لظنه أن أميركا لازالت الحاكم الأوحد للعالم... وهو أعلم أن هذا الأمر لن يكون إلا بعد استصدار قرار من مجلس الأمن ووضع سوريا تحت البند السابع... ومن جهة أخرى وضع العصى في عجلة المفاوضات القادمة في فينا، خدمة للسعودية وقطر... واستنزاف الروس في سوريا على غرار ما حصل في أفغانستان... إنه جنون العظمة التي يفرض حب الذات على كل شىء، حتى وإن كان على حساب مستقبل تركيا... جنون أعمى إردوغان إلى درجة، تناسى من خلالها ما تستطيع روسيا بوتين من فعله... فالأهم أن يظهر إردوغان للأتراك كسلطان عثماني مثل محمد الفاتح.

* رائد دباب